العدد 9 - الملف | ||||||||||||||
عدي مدانات رجل القانون الذي تتمثل مهنته بتحصيل حقوق المواطنين، لم يكن يعلم أنه سيعجز، ليس فقط عن أخذ حقه، بل حتى المطالبه به. مدانات كان قد جهّز مزرعته ومساحتها عشرة دونمات ليجعل منها مكاناً يريح فيه أعصابه بين حين وآخر من هموم العمل اليومي ويقضي فيه إجازاته، لكن المفاجأة كانت أن المزرعة فتحت عليه باباً من الهموم، وحيّزاً يضيق الصدر فيه. يقول مدانات إن المزرعة التي «كلفتني تحويشة العمر، وصرفت عليها دم قلبي»، أصبحت نهباً للصوص، حتى على مرأى من أعين حارس المزرعة، الذي لم يعد بيده حول ولا قوة، باستثناء أخذ رقم الونش الذي حمل «تنك ماء سعة 8 أمتار مكعّبة» والمخصص لري الاشجار داخل المزرعة. وحين قدّم مدانات رقم الونش للبحث الجنائي، قالوا له «لا تحلم نجيبهم»، ولم يوقفوا حتى الشخص الذي اشترى من اللصوص هذا التنك. وأكد مدانات أن عمليات السرقة تكررت كثيراً، وأنه لم يجد حلاً لهذه المشكلة سوى التفكير ببيع المزرعة من أجل أن «يطفش» من المنطقة، مؤكداً أن خسارته في المزرعة، تجاوزت 20 ألف دينار. كل هذه الأحداث وقعت في منطقة تبعد 12 كم إلى الجنوب الشرقي من عمان، وهي ضمن حدود العاصمة والتي لا تكاد تفرقها عن أجمل وأرقى المناطق في عمان لجمال ولكثرة القصور والبيوت الفخمة فيها. إنها منطقة اللبن التي يبلغ تعداد سكانها حوالي عشرة آلاف نسمة، وبات اسمها يقترن بممارسات خارجة على القانون، كالاتجار بالمخدرات، وتعاطي المخدرات، وسرقة السيارات وإعادة بيعها بعد تغيير ملامحها. ويعزى اقتران هذه السمات باللبن أكثر من غيرها بالنظر إلى كونها منطقة مغقلة، ولا يتمكن الغريب من الدخول إليها. هذا علاوة على أن من المألوف أن تجد كثيراً من السكان والأشخاص المطلوب القبض عليهم، يقتنون أسلحة أتوماتيكية متطورة. هذه الأسباب، دعت الأمن العام للتعامل مع اللبن باعتبارها منطقة ساخنة، يتوجب القبض على المطلوبين المتوارين فيها، وخاصة بعد حادثة تبادل إطلاق النار مع مجهولين عصر يوم 18 كانون الثاني/يناير 2010 حيث وصل إلى مستشفى الدكتور جميل التوتنجي بسحاب ثلاثة شبان عشرينيين مصابين بعيارات نارية. وكما ذكر شهود عيان أن مجهولين قاموا بإطلاق النار على الشبان الذين كانوا يستقلون سيارة من نوع نيسان في اللبن. فاحتشد العديد من أقارب المصابين الذين كانت إصابة أحدهم خطرة، وإصابة الاثنين الآخرين متوسطة، على باب المستشفى، وطالبوا بنقل أبنائهم إلى أحد المستشفيات الخاصة. ووفق تأكيدات رجل أمن المستشفى «م. م.»، 18 عاماً، أن أقارب المصابين «انتهكوا حرمة المستشفى، ولم يكترثوا لحال المرضى فيه، وتوعدوا بالثأر لأبنائهم»، موضحاً أن أهل المصابين نقلوا اثنين من أبنائهم، وتعذر نقل الثالث لسوء حالته لإصابته برصاصة في الرئة. بعد الحادثة، حشد الأمن العام والدرك بالتعاون مع قوات البادية 350 رجل أمن، لفرض طوق أمني على اللبن، ولالقاء القبض على 12 مطلوباً وصفهم الإعلام بأنهم «خطرون». ونفذت قوات الأمن الطوق الأمني على اللبن من خلال تثبيت دوريات على مداخل البلدة ومخارجها، وتقوم الدوريات بتفتيش السيارات الداخلة إلى اللبن والخارجة منها، كما تقوم بالتدقيق على أسماء الداخلين والخارجين أيضاً. أعرب بعض أهالي المنطقة عن ترحيبهم بالحملة الأمنية، فقد خص المقدم المتقاعد فواز الفايز المواقع الإلكترونية برسالة منه، ثمّن فيها الطريقة العقلانية التي تعامل بها الأمن العام في الدخول إلى المنطقة، من حيث اجتماع مدير الأمن العام مع وجهاء المنطقة، وتوضيح خطة الأمن العام في إلقاء القبض على المطلوبين. وحمّل الفايز في رسالته الخارجين على القانون وتجار المخدرات الذين «أساءوا لنا ولأنفسهم وصمّوا آذانهم عن كل كلام يعيدهم إلى سبيل الرشد»، مسؤولية تدهور الوضع الأمني هناك. وأضاف أن هذه الآفات التي حولت شباننا من«فرسان التغيير» إلى «فرسان التخدير»، يجب أن تُحارَب وتُستأصل. أما عن التغطية الإعلامية للأحداث الجارية في اللبن، فهي في منتهى الصعوبة، بسبب استمرار الحملة الأمنية في اللبن. مصادر خاصة بـے أكدت أن أحد الوجهاء في اللبن اتجه إلى بيوت في المنطقة، وأبلغ اهلها بعدم الحديث للإعلام. كما أكد أن الوجهاء الذين التقوا بمدير الأمن العام قبل الحملة، أخذوا وعداً منه بعدم السماح للإعلاميين بدخول المنطقة وعدم إعطاء تصريحات إعلامية. |
|
|||||||||||||