العدد 9 - الملف | ||||||||||||||
لوب على رجل كان ماراً بالقرب من المكان، وهتف به: «شدّة وتزول يرجعوا ونرجع»، في إشارة إلى مرحلية الحملة الأمنية التي تنفذها الأجهزة الأمنية في منطقة الشونة الجنوبية منذ أواخر كانون الأول الماضي. وفي زيارة لـے للشونة الجنوبية للاطلاع على ردود فعل المواطنين إزاء هذه الحملة، كان رفض معظم من التقيناهم التصريح عن أسمائهم لافتاً خشية تعرضهم لعمليات ثأرية على يد المطلوبين. مواطنون من الشونة، أبدوا تخوفهم من خروج هؤلاء المطلوبين من السجن، إذ رأوا في ذلك خطراً على السكان، بخاصة أن هناك مطلوبين يهددون بـ«الانتقام» من كل من يعتقدون أنه وشى بهم. مصادر الأمن العام أكدت أن عدد المطلوبين في منطقة الشونة الجنوبية كان قبل الحملة يصل إلى 40 شخصاً، من بينهم 12 مطلوباً، وصفوا بالخطرين. وبينت المصادر أنه تم القبض على 30 منهم، وأن عدد الملاحقين حالياً يصل إلى 10 أشخاص، هم من «عتاة المجرمين»، الأكثر خطورة. أحد المواطنين علّق على حوار سابق دار بينه وبين أحد المطلوبين لزراعته أشتالاً من نبتة الماريجوانا المخدرة، فحين قال له: «ما تخاف من الله. هذه المخدرات تقتل الشباب وهي محرمة شرعاً». فأجاب المطلوب بتهكم: «أنت أفهم من شيوخ طالبان؟»، في إشارة إلى حركة طالبان في أفغانستان، أكبر بلد مصدر للمخدرات في العام. مواطن آخر نقل شكواه من المطلوبين موضحاً: «في عيد الأضحى الماضي دوى رصاص حي وارتطم بجدار بيتي بينما كنت أهم بذبح الأضحية»، ويضيف: «كانْ متّ وما عرفت مين ذبحني»، ويستطرد ساخراً: «كان تحولت إلى أضحية العيد». مواطن عرّف على نفسه باسم «أحمد»، أشار إلى أن «الأجهزة الأمنية ضبطت خلال أسبوع ألف شتلة ماريجوانا مزروعة في أحد بيوت البلاستيك، إلا أن الأجهزة الأمنية لم تضبط زارعها لأن المزرعة مسجلة باسم والده المتوفى إضافة إلى تواريه عن الأنظار». وأضاف أن لواء الشونة الجنوبية، شهد في الفترة الأخيرة زراعة الماريجوانا في مناطق عديدة من قبل مطلوبين، مبيناً أن بعضهم «كان يقوم بزراعتها في حديقة المنزل أو بين المزارع». وزير الداخلية نايف القاضي، ذكر في حوار مع ے أنه أُبلغ بوضع اليد، خلال الحملة الأخيرة، على حمولة سيارة «ديانا» من الماريجوانا، كانت جماعة قامت بزراعتها في بيت بلاستيكي في الشونة الجنوبية. موظف يعمل في دائرة حكومية في الشونة الجنوبية فضل عدم ذكر اسمه، وصف الحملة بأنها جيدة جداً، مضيفاً أن «السلوكيات السلبية مثل حمل السلاح والتعدي على الممتلكات العامة انخفضت بنسبة 90 في المئة»، «التشحيط وإطلاق العيارات النارية انتهى الآن على مثلث الرامة، كما اختفى الزعران» على حد وصف أحد المواطنين من سوق الجوفة، والذي علّق بأن «المطلوبين الآن مختبئون في جحورهم». بالمقابل، شكا مواطن آخر من أبناء المنطقة من تغاضي رجال الأمن عن بعض السلبيات مثل حمل السلاح وإطلاق العيارات النارية، وأعرب عن خشيته أن يؤدي هذا التساهل مع الزعران إلى أن «يتجاسروا» على الأمن مرة أخرى. ويضيف: «90 في المئة من أبناء عشيرتي مرتاحون للحملة الأمنية»، قاصداً العشيرة الكبرى في المنطقة. آخر ضحايا إطلاق العيارات النارية الطائشة في المنطقة عامل مصري يعمل في إحدى المزارع أصيب بعيار ناري على أثر الإعلان عن نتائج التوجيهي. أشكال أخرى من المعاناة يكابدها بعض أهل اللواء نتيجة ممارسات مطلوبين خارجة على القانون، مثل الاعتداء على خطوط وقنوات المياه التي تغذي منازلهم ومزارعهم، ما أدى إلى تخلي عدد منهم عن ري مزارعهم والاستعانة بتنكات المياه لسقايتها. منطقة الشونة «باتت وكراً للسيارات المسروقة والتجاوزات الأمنية» حسب محافظ البلقاء السابق عبد الجليل السليمات. ويضيف السليمات الذي أحيل على التقاعد قبل أسابيع «كانت تردنا العديد من الشكاوى من أهالي المنطقة لوضع حد لهذه التجاوزات وكنا على علم بأن العديد من أهلها باعوا منازلهم وتركوها جراء تردي الأوضاع الأمنية». السليمات عدّ الحملة الحالية «مطلباً شعبياً ملحّاً». وحسب إحصاءات مديرية الأمن العام، فإن عدد السيارات المسروقة التي تم ضبطها في الشونة الجنوبية العام الماضي بلغت 85 سيارة منها 75 سرقت من خارجها. ويُذكر أن الأجهزة الأمنية نفذت خلال العام 2007 حملة مشابهة لإعادة هيبة الدولة وإزالة الاعتداءات على أراضي الخزينة، ولم تخل المنطقة من التواجد الأمني منذ ذلك الوقت. وبحسب مصدر أمني مطّلع طلب عدم ذكر اسمه، فإن المجرمين الخطرين «يمتلكون أسلحة أوتوماتيكية، ويمتد نشاطهم إلى مناطق عديدة من المملكة في قضايا السرقات وشراء المسروقات، والمخدرات، إضافة إلى حيازة الأسلحة غير المرخصة». الكاتب الصحفي طارق مصاروة ينبّه إلى أهمية استمرارية الحملة الأمنية، فهو يقول إن وجود الدولة وفرض هيبتها «لا يكون بالإجراءات الموسمية، على أهميتها»، ويشدد على أن المطلوب هو وجود العمل الحكومي الجاد والنظيف في كل شيء، مبرزاً مفارقة أن تكون الدولة موجودة على شواطئ البحر الميت، لكنها ليست موجودة على بعد خمسة كيلو مترات منه. |
|
|||||||||||||