العدد 9 - قارئ/كاتب | ||||||||||||||
عطلة نهاية الأسبوع في هذه الأيام الربيعية، حافلة بالرحلات العائلية التي يحضّر لها الأم والأب، طوال أيام مرهقة من العمل، جاهدين لإيجاد متسع لاصطحاب الأبناء وقضاء وقت «ربيعي» معهم. وما دام للربيع وقعه في النفوس، فهو شهر الخصب بامتياز، إذ تبدو الأرض فيه حبلى تعيش مخاضات الأخضر يوماً بعد يوم. في عاصمتنا الحبيبة عمّان، التي يتزاحم فيها أفراد العائلة الواحدة في شقة لا تتسع حتى لمد البصر، نفتقد الربيع سريعاً، شهران أو ثلاثة ثم يغيب، نستفيق على غيابه بألم الذكرى ونبدأ لوم أنفسنا: لماذا لم نأخذ إجازة لأسبوع أو أكثر ونقضيها في أحضان الطبيعة، كيف مر الربيع سريعاً قبل أن نتمكن من التقاط صور تذكارية لنا معه/معنا! وننظر لأولئك الذين يعيشون في الريف بكثير من الحسد؛ لأنهم حقاً يعيشون تفاصيل الفصول بكل جمالياتها، ويبدو أنهم على توافق فطري مدهش معها. في خضم عملي المكتبي المرهق، خطرت ببالي مهاتفة صديق يعيش في إحدى قرى الشمال، قلت له بكياسة: «ماذا تفعل؟»، رد بفطرية وتلقائية: «بلقّط عكوب.. وأنتِ»، ضحكت وقلت ممازحاً: «بلقّط ملفات؟». انتهت المكالمة فاسترخيت على كرسي المكتب وقد بدا لي أن أقصى ما أطمح إليه أن أكون برفقته مع عائلتي. للربيع بهجةٌ ما، لا أفهمها، أحاول الاقتراب من تلك الفكرة الصاخبة المسترخية على أراض شاسعة حتى أجدني أضيع في التقاط تلك المعاني التي، لو نجحتُ بالتقاطها، ربما ظهر الربيع أكثر فصاحة، إلا أنه لا يحتاج فصاحتي أبداً، فهو يعرف تماماً كيف يرتب عشبه الأخضر داخلي لأستلقي عليه وفيه. هو يدمن الشمس والتربة الصالحة وأجسادنا المتعَبة، لا يميز كثيراً بين هؤلاء الذين يجدونه دفئاً لهم، وبين الذين يمرون عنه سريعاً دون التفاتة إليه. أهلاً بالربيع فصلاً يتوج الفصول، يبعث الحياة في نفوسنا من جديد.
|
|
|||||||||||||