العدد 8 - ... ودقّة على المسمار
 

اقترحتُ ذات مرة أن تكون كمية الكلام والحكي لدى الفرد منا مثل الرصيد في البنك، يستهلك منه صاحبه تدريجياً ويكون بالتالي قابلاً للنفاد، وحينها بالتأكيد سيضطر كل منا أن يفكر جيداً قبل أن يمتد لسانه إلى رصيده ليسحب منه، ذلك أنه يعلم أن ذلك محسوب عليه بالكلمة.

في ما يلي اقتراح بتعديل بسيط على الاقتراح المذكور، يتلخص في أن تصبح الخطابات والوعود والبرامج والخطط مثل الشيكات، فإذا ألقى مسؤول خطبة أو أعطى وعداً أو وضع خطة، فعلينا أن نستلمها منه ثم نحاول القيام بصرفها، فإن لم تُصرف لعدم كفاية الرصيد من المصداقية والإمكانات، سيكون بمقدورنا أن نقاضي صاحبها، تماماً كما يجري في حالة تحرير شيكات مالية بلا رصيد. وبالطبع، من الإنصاف أن لا يجري صرف شيكات الكلام تلك إلا في تاريخها المحدد عليها، فإذا كانت الخطة سنوية فإن أمر الصرف لا يُعدّ نافذاً إلا بعد انتهاء السنة، وهكذا.

هذا الاقتراح لو تم تطبيقه، فإنه سيعني أن الحكومات ستكتفي ببيان وزاري من بضعة أسطر، وستقتصر لقاءات المسؤولين على بعض «الفراطة» من الهمهمات وهزات الرأس والابتسامات التي ترف من الجيب مباشرة من دون الحاجة إلى شيكات.

سيسود صمت جميل، وسيصبح كلام المسؤولين «كاش»، حيث لا تُقبل الشيكات، ولن يجرؤ على الخطابة إلا من كان كلامه مثل «فَتّ المصاري» فعلاً.

خطاب بلا رصيد
 
01-Feb-2010
 
العدد 8