العدد 8 - نبض البلد
 

يحيل عنوان معرض التشكيلي إياد كنعان، المقام في غاليري رؤى للفنون، «شتاء، بحر وأشياء أخرى»، إلى مفردات تستوحي دلالة الماء، وتستلهم تشكيلاته في الطبيعة.

المعرض الذي افتُتح في 19 كانون الثاني/يناير 2010، يتوّج تجربة كنعان واشتغاله على إشكاليات العمل الفني ثنائي الأبعاد وثلاثي الأبعاد، وفق أساليب تجمع بين الحداثة وما بعد الحداثة التشكيلية.

يستلهم الفنان المنظرَ الطبيعي التجريدي، ويُبرز أبعاده عبر لغة لونية جديدة، باستعمال الألوان المعدنية البرّاقة «الميتاليك»، التي تتألق عبر سطوح غير مألوفة تشكيلياً، من مثل الزجاج البلاستيكي، وهو ما منح اللوحات دفقاً وثراء بصرياً.

إلى ذلك، قدم كنعان لوحات نفذها بتقنية الكولاج، حيث تتداخل عناصر دالّة، من مثل «التفاحة» التي ترمز في دلالتها القريبة لـ«الخطيئة»، وفي دلالتها البعيدة إلى جوهر الوجود الإنساني وحقيقته. كذلك استخدام مفردة «الحذاء» التي تحولت مؤخراً إلى رمز لرفض الاحتلال ومعادل موضوعي للكرامة العربية، وهي الفكرة التي تغلغلت في ثنايا السطح، وفيها يؤكد الفنان مبدأ الالتزام في الفن، لكنه التزام تتحرر فيه اللوحة من أن تكون مباشرة في مضامينها أو في تقنياتها.

تنطوي اللوحات على لمسة شاعرية من حيث عناوينها، أو عبر ما تتضمنه من دلالات تعبيرية داخل فضائها. وفي كلمته التي رافقت افتتاح المعرض، أكد الناقد والفنان اللبناني فيصل سلطان، أن لوحات كنعان «تبوح بإيقاعات الداخل الشعري للتكاوين التجريدية، حيث تتداخل السطوح اللونية المبسّطة مع أنفاس اللمسات المتعاقبة، كخطوطٍ لزمن عابر»، مضيفاً أن التداخل في الألوان والمواد «يولِّد في تكاوين اللوحات بصمة الداخل والخارج معاً، أي بصمة الإيحاء والتذكّر، بصمة إيهامات الرؤى اللونية الداخلية، ودلالات الرؤية الخارجية لإشارات المنظر وعلاماته وآثاره».

كما تتجلى شعرية اللوحة في الاعتماد على الألوان الفاتحة، مثل الأصفر والأحمر والأزرق البارد، إضافة إلى الألوان المبهجة، التي أبرزتها ضرباتُ فرشاة تبدو عفوية التكوين في ظاهرها، غير أنها تشكل ملمحاً عاماً يستلهم شكل القطرة، وانسياب جداول الماء، ولون الزهرة الربيعية، والأشجار الباسقة، والسماء ذات الأفق الممتد.

هي حالة تشكيلية صاغتها ريشة كنعان المولود العام 1972، والذي يعدّ لنيل درجة الماجستير العملي في الفنون التشكيلية في الجامعة اللبنانية التي نال فيها دبلوم الدراسات العليا في الرسم والتصوير. وللفنان مشاركات في معارض محلية وعربية وعالمية، في لبنان، تونس، مصر، إيران وبنغلادش.

يُذكر أن هذا المعرض هو الثاني لكنعان بعد معرضه الذي افتُتح في عمّان العام 2005، بعنوان «المدينة نهر»، وجرى خلاله توقيع مجموعة شعرية للفنان حملت العنوان نفسه.

«شتاء، بحر وأشياء أخرى»: التجريد بإيقاع شعري
 
01-Feb-2010
 
العدد 8