العدد 8 - نبض البلد
 

احتشد جمهور كبير لحضور العرض التجريبي لمسرحية «الهيّة»، المقتبسة من رواية «وادي الصفصافة» للكاتب أحمد فرّاس الطراونة، وذلك قبل عرضها رسمياً في حفل اختتام فعاليات الكرك مدينة الثقافة الأردنية في 28 كانون الثاني/يناير 2010.

«الهيّة» هو الاسم الذي عُرفت به هبّة أهل الكرك ضد الحكم العثماني في العام 1910، ممثلاً بسامي باشا وجنوده الذين أعملوا في الكرك تدميراً وخراباً وقتلاً.

جاء العرض الذي أقيم على مسرح المركز الثقافي الملكي، 10 كانون الثاني/يناير، وفق صيغة إخراجية استثمرت تقنيات تنوعت بين الأداء الجسدي للممثلين، واللوحات الاستعراضية، والمشاهد السينمائية التي أسبغت عليه سمة الملحمية، وتفاعل معها الجمهور لكونها تمثل جزءاً من الذاكرة التاريخية للبلاد، وفي الوقت نفسه تتقاطع مع مآسٍ تشهدها بقاع عربية أخرى، وبخاصة في فلسطين والعراق.

يشكل العرض بحسب مخرجه محمد الضمور، «بذرة لانطلاق مسرح ذي نكهة أردنية مميزة»، فجاء ملتصقاً بالبيئة المحلية، ناهلاً منها، ومعرّفاً الأجيال على حكاية شكّلت منعطفاً في تاريخ البلاد. لذا، يطمح الضمور أن يعمَّم العرض عبر داتا شو ليدخل «أسوار المدارس»، بحيث يتعرف الجيل الناشئ على تاريخ بلاده الذي «أغفلته المناهج التعليمية» بحسب ما يرى.

تمثل «الهيّة»، بحسب معدّ النص المسرحي الكاتب حسين نشوان، جزءاً من مراكمة نضالية لمواجهة حالة الظلم التي عاشها أهل الكرك في ذلك الوقت، وتوقهم إلى التخلص من الحكم العثماني الذي فرضَ ضرائب أثقلت كواهلهم، ونهب خيرات أرضهم، وجنّد شبّانهم لخوض معارك لا تعنيهم.

ويذهب نشوان إلى الاعتقاد أن العرض يستمد أهميته من أن «هذه الثورة شكّلت مخاضاً لما جرى لاحقاً من حركات تحرُّر في المنطقة العربية».

لجأ الضمور في عرضه للهيّة التي نجحت في السيطرة على قلعة الكرك لمدة 10 أيام، ثم قُمعت بكل الوسائل، إلى فكرة الاختزال والتكثيف، حيث حملت كل إشارة في العرض وكل جملة وأغنية أحد المعاني، وأحالت إلى دلالة ما، بدءاً من عرض الظروف القاسية التي عاشها الناس، ثم قرار الثورة وأداء القسَم، ثم ما جرى بعد الثورة، وفي هذا الجزء كان لا بد من تدخل التقنية السينمائية وعرض مَشاهد تنقل المتفرج إلى المسرح الحقيقي للأحداث، كما يؤكد الضمور، حيث أنجز أربعة أفلام صورت مجزرة قرية عراق الكرك، ثم اقتحام القلعة من جانب الأهالي، ثم ما جرى بعد الثورة وقمعها، والإعدامات التي نُفذت بحق الثوار في الشام، ليُختتم العرض بمشهد سينمائي مُوحٍ يصوّر سيفاً نُقشت عليه أسماء شهداء الهيّة، مع تنويه إلى أن هذه الأسماء هي ما ذكرته السجلات الرسمية، وأن هناك أسماء أخرى كثيرة لم تضمّها السجلات.

يرى الضمور أن المشهد الختامي ينطوي على قدْر من الأمل، مضيفاً أن «شهداء الهيّة ما زالت أسماؤهم محفورة في الذاكرة، ونحن ننعم بالحرية بسببهم».

خضعت الحوارات في العرض التجريبي للتعديل، بعد استماع فريق العمل إلى آراء مثقفين ومهتمين وأشخاص من الجمهور. وجرى تدارك أن المسرحية ركزت على حدث الهية دون التطرق لشخصيات مرّت في الكرك، وشكّلت حضورها المؤثر في محيطها.

أسهم في سرد العمل غنائياً الفنان يوسف كيوان، وأدى الأدوار فيه ممثلون من بينهم: عبد الكريم القواسمي، شفيقة الطل، جميل براهمة، وسام بريحي، حيدر كفوف، شايش النعيمي، رانيا فهد ونضال البتيري.

مسرحية «الهية»: استدعاء الحدث التاريخي بقالب فني
 
01-Feb-2010
 
العدد 8