العدد 8 - احتباس حراري | ||||||||||||||
خيّم فشل مؤتمر كوبنهاغن الذي حضره ما ينيف على 190 دولة، على محادثات مناخية في برشلونة كانون الأول/ديسمبر 2009. الموضوع العالق الذي جعل من اجتماعات كيوتو فشلاً تاريخياً ومحادثات كوبنهاغن مخيبة للآمال، وبرشلونة كذلك، هو «الطاسة الضايعة» بين الدول المتقدمة حول تحديد المسؤولية عن انبعاثات الغازات، والشعور بالظلم الذي يتملك الدول النامية التي تنوء تحت آثار التغير المناخي. مع هذه المشاعر المتناقضة تتجه المجموعة نفسها من مسؤولي البيئة وجموع من مناصريها إلى المكسيك، في مسعى إلى إحراز ما فشل المفاوضون في تحقيقه في كوبنهاغن 2009، وهو التوصل لاتفاقية جديدة تحل محل بروتوكول كيوتو للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري. مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في كوبنهاغن الذي اختتم أعماله يوم 19 كانون الأول/ ديسمبر 2009، وعُرف باسمه المختصر COP15، أثمر وثيقة غير ملزمة قانونياً، سميت باتفاق كوبنهاغن، واتفقت الدول على مواجهة ارتفاع درجات الحرارة من خلال التعهد بالحد من الانبعاثات وجمع الأموال من أجل إطلاق الأعمال في الدول النامية لمواجهة تغير المناخ. مسودة الاتفاق تضمنت تعهداً من الدول الغنية بالتبرع للدول الفقيرة بمبلغ 100 بليون دولار سنوياً بحلول العام 2020، لمساعدتها على التكيف مع تغيرات المناخ. رئيس اللجنة الحكومية بشأن تغير المناخ في الأمم المتحدة راجندرا باشوري، يشدد على أنه سيتعين على الحكومات تجاوز الاتهامات المتبادلة بعد كوبنهاغن. الاتحاد الأوروبي يرفض التسليم بفشل مؤتمر كوبنهاغن بشأن المناخ، ووزراؤه جددوا عرضه بخفض انبعاث «غازات الدفيئة» بنسبة 30 في المئة العام 2020، وهم يمهدون لانتزاع اتفاق ملزم في المكسيك في كانون الأول/ ديسمبر 2010. وزير الطاقة وتغير المناخ البريطاني إل إيد ميليباند، أكد في تصريحات في العاصمة الإماراتية أبو ظبي مؤخراً، أن على الدول المتقدمة أن تقنع الدول النامية بأن اقتصاداتها لن تتضرر من اتفاقات انبعاثات الغاز المسببة للاحتباس الحراري، قبل أن يتمّ إحراز أي تقدم في محادثات المناخ العالمية. وأضاف: «المكسيك قد تفرز اتفاقية ملزمة، لكن هناك عوامل حيوية تحتاج لجهود خارقة..نحتاج قيادة من دول عدة في العالم. ينبغي ألا يكون هناك أي تشاحن بعدما ساد شعور بعدم الرضا إثر كوبنهاغن». السكرتير التنفيذي لاتفاقية إطار الأمم المتحدة لتغير المناخ، يوفو دي بوير، يرى أن نتائج مؤتمر كوبنهاغن تجعل مهمة محادثات المناخ «أكثر إلحاحاً»، وقد عبّر عن ذلك في أول مؤتمر صحفي عقده عقب مؤتمر كوبنهاغن في بون بألمانيا. وقال في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الألمانية: إنه «من العدل أن نقول إن كوبنهاغن لم يثمر عن اتفاق شامل يحتاج إليه العالم، من أجل مواجهة التحديات الجماعية للمناخ». وأضاف: «هذا ما يجعل المهمة أكثر إلحاحاً. وهو يعني أن الفرصة سانحة أمام الدول كي تبذل قصارى الجهود في تناول القضية بشكل أسرع من ذي قبل». كما أشار دي بوير إلى النتائج الرئيسية لاجتماع كوبنهاغن. وقال إن تغير المناخ يحظى بأولوية قصوى للحكومة، وهو مستوى بالإمكان تسوية القضية من خلاله. ورغم الانتقادات، دافع دي بوير عن نتائج اجتماعات كوبنهاغن بالقول: «الحكومات في حاجة إلى وقت كي تستوعب ما حدث. غير أن العقول المتزنة ترى هذه النتائج بالفعل خطوة أمامية نحو تحقيق نتائج أكبر». وينتج العالم حالياً نحو 38 بليون طن من الغازات الملوثة للأجواء سنوياً، إلى جانب توقعات بإمكانية ارتفاع الغازات إلى 54 بليون طن بحلول العام 2020. وتتعرض الدول الصناعية لضغوط لإجراء تخفيضات أكبر، في حين أن دولاً نامية مثل الصين والهند تتعرض لضغوط من أجل التحكم في الانبعاثات الضارة كجزء من الجهود الرامية للتوصل إلى اتفاق دولي. الاتحاد الأوروبي تعهد بخفض 20 في المئة من الانبعاثات فقط، يمكن أن تزيد إلى 30 في المئة فقط إذا تعهدت الدول الأخرى بزيادة نسبتها. الولايات المتحدة الأميركية، المسؤولة عن نصف الانبعاثات المضرة للبيئة، كانت شاركت «بفاعلية» في كوبنهاغن. ورئيسها باراك اوباما، الذي «خيب آمال الكثيرين» بعد قيادته للاتفاقية الباهتة، قال إن خيبة الأمل الناتجة من مؤتمر كوبنهاغن حول المناخ «مبررة»، لكنه أبدى رضاه عن مساهمته في الحؤول دون وقوع فشل كامل، وذلك في مقابلة مع قناة تلفزة أميركية. وقال أوباما لشبكة بي بي أس العامة: «أعتقد أن من حق الناس أن يصابوا بخيبة أمل من نتيجة كوبنهاغن. والأمر الأساسي الذي قلته أنه بدل أن نشهد انهياراً كاملاً للمفاوضات في كوبنهاغن فإننا على الأقل صمدنا ولم نتراجع في شكل كبير». وانتهى مؤتمر المناخ الذي استمر أسبوعين في العاصمة الدنماركية باتفاق غير ملزم، ما أثار شكوك العديد من المراقبين في إمكان الحد من الاحتباس الحراري ضمن مستويات تُعد مقبولة. المكسيك: تحدّيات أكبر فشل كوبنهاغن أدى إلى ترحيل مهمته المركزية إلى المكسيك، وتتمثّل تلك المهمة في إقرار إتفاقية مُلزمة لجميع الدول لخفض مستوى التلوث إلى ما كانه قبل الثورة الصناعية مع حلول العام 2050. وتعني هذه المهمة ضرورة العمل على خفض التلوث إلى المستويات المسجّلة في مطلع تسعينيات القرن الماضي قبل ذلك التاريخ. وتنسجم هذه المهمة مع الهدف الأساسي لمفاوضات المناخ المتمثّل في منع الارتفاع في حرارة الأرض لأكثر من درجتين خلال العقدين المقبلين. على جدول المحادثات في المكسيك، أيضاً، وضع حدود زمنية للاتفاق؛ حيث إن أهم سبب لفشل محادثات كوبنهاغن يعود لعدم الاتفاق على مهلة زمنية. فالفترة الأولى من بروتوكول كيوتو الحالي الذي يلزم جميع الدول باستثناء الولايات المتحدة بخفض الانبعاثات تستمر حتى 31 كانون الأول/ديسمبر 2012 ولكن اتفاق كوبنهاغن خلا من التزامٍ كهذا. وفيما يقبع العالمان؛ النامي بشعوبه التي تخشى أن تغمرها مياه فائضة أو تقتلها قلة المياه، والمتحضر بشعوبه الواعية و«الضاغطة»، تتجه الأنظار إلى المكسيك على أمل أن تسهم محادثات المسؤولين المتأنقين في إنقاذ البشرية من خطر ما انفكّ يقترب. |
|
|||||||||||||