العدد 8 - اقتصادي
 

يُفترَض أن يؤشر النمو الاقتصادي المتحقق خلال فترة معينة، على مدى الرفاهية الاجتماعية، وتحسن الأوضاع المعيشية أو سوئها في أي بلد. لكن الأمر في الأردن مختلف، فالنمو يبتعد عن ملامسة الواقع المعيشي للمواطنين، وتستفيد منه شرائح وقطاعات محددة فقط.

ثبات معدل البطالة في البلاد، بنسب تُراوح بين 12 و14 في المئة خلال السنوات الأخيرة، يدلّل على التأثير الضعيف للنمو في مكونات الاقتصاد، بخاصة أن زيادة معدلات النمو الاقتصادي تشير إلى ارتفاع وتيرة الإنتاج، الذي يعمل بدوره على تخفيض معدلات البطالة.

وفي ظل انخفاض النمو الاقتصادي خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2009 إلى 2.7 في المئة، مع بلوغ معدل النمو السكاني 2.8 في المئة، لم ترتفع مداخيل شريحة واسعة من المواطنين بالقدر نفسه للنمو خلال الأعوام الماضية.

بهذا، تبرز أهمية احتساب صافي إسهام كل قطاع بالناتج المحلي الإجمالي، وليس إجمالي الإسهام بالناتج المحلي، ذلك أن اعتماد أرقام كل قطاع على حدة، يجعل النمو المتحقق خلال العام يتجاوز 100 في المئة، نتيجة لتداخل عدد من القطاعات بعضها ببعض.

وبحسب خبراء اقتصاديين، تسيطر حالة من سوء توزيع الدخل في المملكة، ما يَحُول دون انعكاس نسبة النمو الجيدة بالقدر نفسه على المواطنين، في حين أن التوزيع العادل للدخل والثروة عبر تحقيق سياسات اقتصادية يسمح بذلك.

الخبير الاقتصادي عوني الشديفات، يرى أن أرقام النمو لا تعكس مدى الرفاهية الاجتماعية للمواطنين، بل تنحصر في الاستثمارات الكبيرة أو إنتاج الشركات الكبرى، فيما تعمل زيادة الإنتاج على رفع الأسعار على أصحاب المداخيل المتدنية مع ارتفاع أرقام النمو.

ويوضح أن دورة الأعمال تشير إلى أن الزيادة في نمو الناتج المحلي الإجمالي ترافقها زيادة في التضخم، بينما تؤدي زيادة الإنتاج إلى انخفاض البطالة، فالتضخم والبطالة يسيران باتجاهين معاكسين.

ويبين الشديفات أن ثبات معدل البطالة يدل على أن النمو لا يؤثر بشكل فعّال، «إذ إن النمو في بعض مكونات الاقتصاد تستفيد منه بعض الشرائح فقط، ما يفتح المجال أمام المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتوفير الفرص للمواطنين».

كانت دائرة الإحصاءات العامة أصدرت نتائج التقديرات الربعية لمؤشرات الناتج المحلي الإجمالي بأسعار السوق الثابتة للربع الثالث من العام 2009، إذ انخفض النمو إلى 2.1 في المئة للربع االثالث، من 2.8 في المئة للربع الثاني، و3.2 في المئة للربع الأول من العام نفسه.

نائب رئيس الوزراء الأسبق جواد العناني يرى أن النمو المتحقق خلال الربع الثالث من العام 2009، والبالغ 2.1 في المئة «دون الحد الأدنى»، ذلك أنه «ترافَق مع انخفاض معدل التضخم، ما يعني أن النمو النقدي بالأسعار الجارية أقل من النمو الحقيقي».

تعني الأرقام بحسب العناني، أن معدل دخل الفرد خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام 2009 انخفض بحوالي 0.7 في المئة، إذ إن معدل النمو السكاني في الأردن يبلغ 2.8 في المئة، أي أن المداخيل لم ترتفع بنسبة زيادة عدد السكان نفسها، ما يعني الدخول في مرحلة الركود.

كان الناتج المحلي الإجمالي سجل بالأسعار الثابتة في 2002، العام الذي بُدئ فيه تنفيذ برنامج التحول الاقتصادي، نمواً بلغت نسبته 5.8 في المئة، فيما تراجع النمو في العام الذي تلاه ليسجل 4.2 في المئة، ثم عاد ليقفز العام 2004 إلى نحو 7 في المئة، وواصلت نسب النمو ارتفاعها في 2005 لتسجل 7.1 في المئة، ثم عادت في العام 2006 إلى مستوى 6.3 في المئة، وفي 2007 إلى 6 في المئة، وواصلت تراجعها في العام 2008 حين بلغت 5.6 في المئة، بحسب أرقام دائرة الإحصاءات العامة.

ويُرجع مختصون النموَّ السريع والكبير للناتج المحلي الإجمالي خلال السنوات الأخيرة، إلى الاستثمارات الانتقائية في قطاعات محددة وبخاصة العقار، ما أبقى نتائج ذلك النمو محصورة في فئة محددة من رجال الأعمال.

الخبير الاقتصادي منير الحمارنة، يؤكد الفرق بين حساب الناتج المحلي والدخل القومي وبين توزيع هذا الدخل على السكان، إذ إن متوسط الدخل الفردي «دائماً رقم مضلِّل»، لأنه «ليس دليلاً صحيحاًَ على حُسن توزيع الدخل على المواطنين». ويدعو الحمارنة إلى قراءة مؤشرات أخرى لمعرفة أثر نمو الدخل، وفي طليعتها «كيفية نمو المعدل الحقيقي للأجور في المجتمع». ويشير إلى أن المراجعات الاقتصادية عادةً ما تأتي نتائجها لصالح كبار المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال، مشدداً على وجوب «تحقيق توزيع أكثر عدلاً للدخل والثروة»، ولتحقيق ذلك «لا بد من انتهاج سياسة اقتصادية تسمح بذلك» بحسب ما يرى.

الشديفات بدوره، يبيّن أن النمو يُحسب فيه التغير في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من فترة إلى فترة، وهو لا يعكس النشاطات المنزلية، أو النشاطات غير القانونية داخل الدولة.

ويعرّف الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الذي ُيحسب من دون التضخم، بأنه «مجموع السلع والخدمات التي يتم إنتاجها في الأردن خلال السنة»، في حين يعدّ النمو المتزايد إيجابياً، في ظل زيادة الاستثمارات كما يوضح الشديفات.

وتشير إحصاءات رسمية إلى أن نصيب الفرد من الناتج المحلي ارتفع تدريجياً من 1235 ديناراً للفرد سنوياً العام 2000، ليصل إلى 1961 ديناراً للفرد العام 2007.

ويتوقع العناني انخفاض الأرقام بشكل أكبر خلال الربع الرابع من العام 2009، مشيراً إلى أن بعض الأرقام الإحصائية تدعو إلى التفاؤل، مثل النمو في قطاعات السياحة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الذي يصل إلى 15 في المئة، في حين لم تشهد قطاعات أخرى تحسناً، والقطاع الصناعي مثال على ذلك، فيما تراجع قطاعُ البنوك.

وينبه العناني إلى أهمية حساب إسهام كل قطاع على حدة، فإذا جُمع كل ما يسهم به القطاع، سيكون الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 100 في المئة، لذا «لا بد من اعتماد قاعدة المدخلات والمخرجات، وإلغاء إسهام أي قطاع بقطاع آخر، حيث يُحتسب إسهام صافي القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، وليس إجمالي إسهام القطاع في الناتج المحلي».

ورغم أهمية أرقام النمو الاقتصادي في المملكة، فإن من يبحث عن الأرقام المتعلقة بالقطاعات المكونة في مجملها للناتج المحلي الإجمالي، يصطدم بضبابية المعلومات المقدمة من الجهات الرسمية المسؤولة عن إصدار مثل هذه المعلومات، ما يجعل البحث والتحليل الاقتصادي منقوصاً في بعض الأحيان.

فالأرقام التي أعلنتها دائرة الإحصاءات العامة، تُظهر مشاركة القطاعات الاقتصادية في الناتج المحلي الإجمالي، من دون تفصيل للمشاركة الحقيقية لكل قطاع؛ إذ تعلن الدائرة إسهام قطاعَين أو ثلاثة قطاعات في الناتج المحلي، ضمن مجموعة واحدة، دون تفصيل أرقام كل قطاع على حدة.

ويحتل قطاع السياحة المرتبة الأولى في الإسهام بالناتج المحلي الإجمالي، وصل إلى نحو 15 في المئة العام 2009، فيما بدأ الدخل السياحي بالإسهام الفعلي في الناتج المحلي الإجمالي منذ العام 2004، وهو العام الذي أُطلقت فيه الإستراتيجية الوطنية لوزارة السياحة، فيما كان إسهام القطاع بالناتج المحلي قبل ذلك محدوداً للغاية.

وتزداد العمالة في قطاع السياحة بشكل مضطرد، كما أن الغرف الفندقية تتجه إلى الازدياد خلال السنوات المقبلة، ما يعزز تنافسية القطاع، فيما نما الدخل السياحي خلال السنوات الثلاث الأخيرة، إلى أكثر من 12 في المئة عما كان عليه في السنوات الأولى من العقد الحالي، ما أدى إلى زيادة إسهامه في الناتج المحلي الإجمالي خلال تلك السنوات.

قطاع التعدين من جهته، يستحوذ على حصة كبيرة من إجمالي الناتج المحلي، مع إسهامه في الصادرات الخارجية للمملكة وعوائدها، رغم الإسهام الضئيل للقطاعات الفرعية لقطاع الطاقة في إجمالي الناتج المحلي.

ووفق تقرير خاص أصدرته سلطة المصادر الطبيعية حول قطاع التعدين في المملكة، فقد بلغ مجموع عائدات قطاع التعدين الأردني نحو 2.3 بليون دينار العام 2008، مقارنة مع نحو 1.2 بليون دينار العام 2007، وبزيادة نسبتها 86.9 في المئة.

وأسهمت المنتجات التعدينية الاستخراجية بنسبة 56.5 في المئة، والصناعات التعدينية بنسبة 43 في المئة من عوائد قطاع التعدين.

ويقتصر قطاع التعدين في الأردن على المعادن اللافلزية (الصخور الصناعية)، وبخاصة الفوسفات والبوتاس والإسمنت، ومواد البناء وكربونات الكالسيوم.

وما زال استغلال بعض الخامات غير مفعّل، مثل النحاس والمنغنيز، كما أن مادة الرمل الزجاجي متوافرة بكميات كبيرة في جنوب البلاد وفق خبراء، بينما أسهمت إيرادات هذه المنتجات خلال العام 2006 بما نسبته 7.7 في المئة من الناتج القومي الإجمالي العام 2008، في حين كانت نسبة إسهام البوتاس والفوسفات والأسمدة مجتمعة، 16.3 في المئة في الصادرات الوطنية.

أما قطاع الاتصالات، بحسب دراسة رسمية أعلنت نتائجها وزارةُ الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مؤخراً، فقد أظهرت ارتفاع إسهام القطاع وتأثيره في الناتج المحلي الإجمالي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى 14.3 في المئة.

وتوزّعت هذه النسبة المعلنة بين إسهام مباشر (9.5 في المئة)، وإسهام غير مباشر (4.8 في المئة)، وذلك حتى نهاية العام 2009، مقارنة بنسبة إسهام (مباشر وغير مباشر) في الناتج المحلي بلغت 6.1 في المئة العام 1999.

وأشارت الدراسة الى أن إسهام القطاع في الإنتاجية Productivity على مستوى الاقتصاد الوطني خلال العقد الماضي، بلغت ما نسبته 13.9 في المئة، وفي زيادة إنتاجية الأيدي العاملة Labor Productivity ما نسبته 22.1 في المئة.

آخر الأرقام الرسمية، تُظهر أنّ قطاع تكنولوجيا المعلومات المحلي سجل العام 2007 رقماً قياسياً، إذ بلغ إجمالي عوائد القطاع نحو 883 مليون دولار، منها نحو 686 مليون دولار عوائد مبيعات السوق المحلية، فيما استحوذت قيمة عوائد الصادرات على النسبة الباقية بنحو 197 مليون دينار.

وإذا ما أضيفت عوائد قطاع الاتصالات العام 2007، والبالغة، وفقاً لأرقام هيئة تنظيم قطاع الاتصالات 1.1 بليون دولار، ترتفع عوائد قطاعَي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات معاً عن العام 2008 إلى نحو بليوني دولار، ومن المتوقّع وصول إجمالي إيرادات القطاع عن العام 2009 إلى 2.5 بليون دولار.

وتُظهر دراسات عالمية، آثار انتشار خدمات الاتصالات المختلفة (الخلوي والإنترنت وغيرهما من خدمات الاتصالات) على الإنتاجية والناتج المحلي الإجمالي، حيث تبيّن هذه الدراسات أنّ زيادة انتشار الخدمة الخلوية بنسبة 10 في المئة تزيد من نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.3 في المئة، وأن زيادة انتشار الإنترنت بنسبة 10 في المئة تسهم في نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4 في المئة.

وبما يخص قطاع النقل، فقد أشارت أرقام دائرة الاحصاءات العامة إلى أن نسبة إسهام قطاع النقل العام خلال النصف الأول من العام 2009 في الناتج المحلي الاجمالي لا تتجاوز نسبة 15 في المئة.

ويرى مسؤولون ومتخصصون، أن نسبة إسهام قطاع النقل العام في الناتج المحلي الإجمالي لا تعبّر عن مدى فاعلية القطاع وإنتاجيته الحقيقية، وتغفل الكثير من النواحي في القطاع.

ووفق دائرة الإحصاءات، فإن حصة قطاع النقل والتخزين والاتصالات من الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من العام 2009 قُدرت بـ349.5 مليون دينار (أي ما نسبته 14.24 في المئة) من الناتج المحلي الإجمالي، الذي قُدّر للفترة نفسها بحوالي 2.455.2 بليون دينار، أي أن نسبة إسهام القطاع في الناتج المحلي الإجمالي خلال النصف الأول من العام 2009لم تصل إلى 15 في المئة، فيما كانت هذه النسبة للنصف الأول من العام الذي سبقه 15 في المئة.

هذه الإحصائية تشتمل على جميع أنواع النقل؛ البري والجوي والبحري.

وتشير دائرة الإحصاءات إلى أن إسهام محور النقل والتخزين والاتصالات بلغ 17.8 في المئة خلال الربع الثالث من العام 2009.

وتقدّر إحصائيات هيئة النقل العام حجم الاستثمار المضاف للعام 2008 في قطاع النقل العام للركاب فقط، بحوالي 81 مليون دينار، فيما قُدّر هذا الرقم بحوالي 72 مليون دينار العام 2007.

يُشار إلى أن مشاريع مهمة تتم في القطاع، من أبرزها مشروع القطار الخفيف بين عمان والزرقاء، الذي يقدَّر حجم الاستثمار فيه بنحو 270 مليون دينار، ومشروع الحافلات سريعة التردد، ومشروع القطار الخفيف في عمان، إضافة إلى مشروع توسعة مطار الملكة علياء، الذي يقدَّر حجم الاستثمار فيه بحوالي 700 مليون دولار، وأخيراً مشروع الميناء الجديد في المنطقة الجنوبية من الميناء، ومشروع تطوير الميناء الرئيسي الحالي، إذ يقدّر حجم الاستثمار في الأول بحوالي 300 مليون دينار، فيما يقدَّر حجم الاستثمار في الثاني بحوالي 7 بلايين دينار.

ورغم أهمية القطاع الصناعي للمملكة، إلا أن إسهام القطاع النسبي في الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثالث من العام 2009 بلغ نحو 7.23 في المئة، بحسب أرقام صادرة عن دائرة الاحصاءات العامة.

تأتي هذه الأرقام في ظل محافظة إسهام القطاع الصناعي النسبية في الناتج المحلي الإجمالي خلال النصف الأول من العام 2009 على مستوى 6.8 في المئة، رغم زيادة قيمة إسهامه بنسبة 1.5 في المئة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2008.

وبلغ إسهام القطاع الصناعي في الدخل المحلي الإجمالي للعام 2008، حوالي 24.5 في المئة، فيما بلغت القيمة المضافة للصناعة للعام 2007 حوالي 2.830 مليون دينار.

وبلغ متوسط قيمة إسهام الصناعة التحويلية نحو 381.66 مليون دينار، خلال العام 2008 مقارنة بنحو 371.80 مليون دينار في العام 2007، فيما بلغ متوسط إسهام الكهرباء والماء، عام 2008 نحو 55.77 مليون دينار، مقارنة بنحو 53.53 مليون دينار في العام الذي سبقه، وبلغ متوسط إسهام المناجم والحجر نحو 42.13 مليون دينار في 2008 مقارنة بنحو 47.22 مليون دينار العام 2007.

تشمل الصناعة التحويلية: الصناعات الجلدية والمحيكات، الصناعات العلاجية واللوازم الطبية، الصناعات الكيماوية ومستحضرات التجميل، الصناعات البلاستيكية والمطاطية، الصناعات الهندسية والكهربائية وتكنولوجيا المعلومات، الصناعات الخشبية والأثاث، الصناعات الإنشائية، الصناعات التموينية والغذائية، صناعة التعبئة والتغليف والورق والكرتون واللوازم المكتبية.

أما الصناعة الاستخراجية، فتشمل الصناعات التعدينية والكهرباء والمياه.

وفي سياق آخر، ارتفعت نسبة إسهام أقساط التأمين في الناتج المحلي الإجمالي، من 1.73 في المئة العام 1999، إلى 2.54 في المئة نهاية العام 2008، وفق بيانات هيئة التأمين الأردنية، التي بينت أن إجمالي أقساط التأمين ارتفع مع نهاية العام 2008 أكثر من ثلاثة أضعاف ما كان عليه العام 1999، كما بلغ معدل النمو في إجمالي الموجودات أكثر من ثلاثة أضعاف، وارتفع معدل النمو في حقوق المساهمين زهاء أربعة أضعاف عمّا كان عليه العام 1999.

ويبقى إسهام قطاع التأمين في الناتج المحلي الإجمالي ضعيفاً، وذلك لنسبة الاختراق الضئيلة للتأمين في البلاد، لضآلة الوعي التأميني والمعرفة بشأنه بين المواطنين، بالإضافة إلى خسائر القطاع جراء التأمين الإلزامي على المركبات، ووجود شركات تأمين عديدة في سوق صغيرة تنطوي على تفاوت كبير بين نشاط الشركات، ما يُنشئ جواً من المنافسة غير العادلة، كما ذكر الرئيس التنفيذي لشركة الشرق العربي للتأمين، عصام عبد الخالق.

أما المنح الخارجية، فقد قُدّرت قيمتها للعام 2008 بمبلغ 356 مليون دينار، مشكّلة ما نسبته 2.8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع 5.1 في المئة من الناتج المحلي للعام 2007.

وبحسب قانون الموازنة المؤقت، تم تقدير المنح الخارجية في العام 2010، بمبلغ 435 مليون دينار، مقارنة مع 405 مليون دينار في العام الجاري، ما يشكّل نحو 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك قبل أن يتم تخفيض المبلغ إلى 330 مليون دينار، ما يعني انخفاض النسبة إلى 1.9 في المئة.

وكانت نسبة المنح من الناتج المحلي الإجمالي تشكل 2.5 في المئة، فيما ستهبط هذه النسبة في العامين 2011 و2012 إلى 2.2 في المئة و2.0 في المئة تباعاً، ما يعزز مبدأ الاعتماد على الموارد الذاتية في تمويل النفقات العامة، كما جاء في قانون الموازنة.

وأشار أستاذ الاقتصاد في جامعة اليرموك قاسم الحموري إلى أن انخفاض إسهام المنح الخارجية في الناتج المحلي الإجمالي يعود بنتائج سلبية على الاقتصاد في حال لم يترافق ذلك مع إيرادات حكومية تعوّض النقص، فيما أوضح العناني أن الرقم النسبي ينخفض تدريجياً بسبب زيادة حجم الناتج المحلي سنة بعد أخرى.

وبالمحصلة، تفند الأرقام الفكرة الدارجة حول نسبة المشاركة الحكومية في إجمالي الناتج المحلي الإجمالي، وبينما يرى أستاذ الاقتصاد يوسف منصور أن تلك النسبة تصل إلى حدود 60 في المئة، فإن القيمة الحقيقية لتلك المشاركة لا تتعدى حدود 13.16 في المئة خلال النصف الأول من العام 2009، وهي تمثل النفقات التي تحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.

هذا يعني أن مشاركة إجمالي ما تنفقه الحكومة سنوياً في الناتج المحلي، قد تصل إلى ما نسبته 60 في المئة، إلا أن تلك النفقات لا تتعدى كونها سداً لمتطلبات والتزامات متعددة، مثل رواتب الموظفين ومخصصات التقاعد، التي لا يمكن أن تحقق قيمة اقتصادية مضافة يمكن تسجيلها كنمو حقيقي.

ويرى الخبير الاقتصادي مازن مرجي أن ارتفاع الإنفاق الحكومي يتسبب في رفع نسبة المشاركة كرقم فقط، دون الأخذ في الحسبان القيمة الحقيقية لذلك الرقم، ونسبة إسهامه في تحقيق النمو.

وكانت نسبة إسهام منتجي الخدمات الحكومية حتى نهاية النصف الأول من العام 2009 بلغت 13.16 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مرتفعة من 12.29 في المئة للفترة نفسها من العام 2008.

النمو الاقتصادي: أرقام لا تعكس مدى «رفاهية» المواطن
 
01-Feb-2010
 
العدد 8