العدد 8 - الملف
 

تنوي أمانة عمان الكبرى العام 2010 إعادة هيكلة قطاع النقل العام ضمن حدود الأمانة، ووضع هذا القطاع المهم على سلم الأولويات.

عدد الحافلات العاملة في المملكة يصل إلى 5485 حافلة، منها 791 في عمّان وحدها، في حين يصل عدد سيارات «السرفيس» إلى 4273 سيارة، 3191 منها في عمّان. أما عدد سيارات التاكسي فيصل إلى نحو 15 ألفاً، منها 11 ألفاً في عمّان.

المدير التنفيذي لتخطيط النقل والمرور في الأمانة أيمن الصمادي يؤكد أن «العاصمة ستشهد تغيرات ملموسة على شبكة الطرق وخدمات النقل العام المرتبطة بالحافلات المتوسطة والصغيرة وخطوط السرفيس».

الصمادي يبين في حديث لـ ے أن «نظام النقل العام العصري المتطور هو حجر الأساس الذي يأخذ حيزاً كبيراً من إستراتيجيات الأمانة للسنوات الخمس المقبلة». ويقول إن ذلك يتأتى من خلال رؤية جديدة للنقل العام، حيث إن التوجّه سيكون نحو إقامة نظام نقل ومرور متكامل يوازن بين احتياجات التنقل الحالية والمستقبلية مع الخصائص الاقتصادية والاجتماعية وطبيعة المدينة وقدرتها على استيعاب هذه المتطلبات على الوجه الأمثل».

أستاذة الهندسة وتخطيط النقل في جامعة البلقاء التطبيقية، وعضو جمعية الوقاية من حوادث الطرق لينا شبيب، تؤكد أن واقع النقل العام «لم يكن منظماً»، وأنه «لم يخضع إلى رؤى شاملة لتلبية احتياجات المواطنين»، إضافة إلى أن «البنية التحتية وعدم توافر مواقف للباصات أسهما كثيراً في تردي مستوى خدمات النقل العام».

من خلال استخدامه للمواصلات بشكل يومي، والمعاناة التي يختبرها، وتأخيره اليومي عن عمله، يرى عبد الكريم جابر، 24 عاماً، أن «سوء التخطيط والتنظيم، وضعف الرقابة على أداء المشغلين، هما السببان الحقيقيان للمشكلة»، ما ينعكس على المستفيدين من الخدمة في شكل «تأخير وعدم التزام بالخطوط، وعشوائية تلازم كل أنواع وسائط النقل العام في العاصمة». ويتمنى ضرورة الإسراع في تنفيذ الإجراءات وإيجاد الحلول المناسبة لتحسين مستوى خدمات النقل العام وتخفيف المعاناة.

إستراتيجية الأمانة الجديدة، كما يوضحها الصمادي، ستؤسس لـ «منظومة نقل متوازنة ومتعددة الوسائط، وقادرة على توفير بدائل حقيقية وعملية للتخلي عن الاعتماد على المركبات الخاصة كوسيلة للنقل».

شبيب توضح أنه «رغم وجود رؤية جديدة لأمانة عمان، إلا أنها غير كافية وغير كاملة، وفي حاجة إلى مزيد من الالتزام بمعايير احتياجات المواطنين». وتؤكد أن «القطاع شهد نوعاً من التخبط في اتخاذ القرارات»، ممثلة على ذلك بعملية تأهيل مجمع رغدان الذي كشفت الحقائق أنه لا يتسع لحجم الحافلات الموجود، وتم استخدامه لسيارات السرفيس فقط، خالصة إلى أننا «في حاجة إلى المزيد من الالتزام بالمعايير لتلبية احتياجات المواطنين».

من جهته، يؤكد صايل أبو زيد أحد مشغلي قطاع النقل في عمان أن «الأمانة تدفعنا إلى الإحباط والتعجيز، بخاصة أننا نخسر كثيراً من خلال تخبّط القرارات غير المدروسة»، والتي يرى أنها غالباً ما تكون في غير مصلحة المجتمع، وفئة محدودي الدخل تحديداً وبخاصة نقل مجمع العبدلي إلى أطراف المدينة الأمر الذي أرهق كاهل الناس وضاعف الجهد والوقت .

«الخطة المتكاملة» التي يؤكد الصمادي وجودها للنهوض بقطاع النقل في العاصمة العام 2010، تهدف إلى تطوير قطاع النقل بمعايير مميزة للخدمة، ومن هذه المعايير؛ شمولية التغطية، الالتزام بالترددات، المحافظة على السلامة العامة، تقليص مدة الرحلة، استخدام مركبات ذات نوعية ومواصفات عالية ومناسبة وتحمل تقنيات عالية الكفاءة وتستخدم أنظمة الدفع الالكتروني وأنظمة المعلومات، الرقابة الميدانية من خلال الكاميرات في الحافلات ومراكز الانطلاق، والعمل على تأثيث الطرق من خلال توفير 700 موقف باص حديث سيتم تركيب 300 منها خلال النصف الأول من هذا العام في المواقع التي تشهد كثافة من مستخدمي وسائل النقل.

عزوف المواطنين عن استخدام وسائط النقل العام، تردّه شبيب إلى أن «نوعية الحافلات المستخدمة ليست مناسبة، وليس هناك مواصفات دقيقة لها»، إضافة إلى طول فترة الانتظار، سواء في الحافلات أو خارجها، فضلاً عن عدم التزام المشغلين، ما حدا بالمستفيدين إلى البحث عن بدائل أخرى لكسب كثير من الوقت، كاقتناء سيارة خاصة للتنقل وتجنب أعباء المواصلات.

الصمادي لفت إلى أن الأمانة تقدّم الدعم لمشغلي النقل العام، وتعتبره شرطاً أساسياً لتحسين مستوى الخدمات، حيث قدّمت الدعم الأولي للشركة المتكاملة للنقل المتعدد التي تشغل أكثر من 75 في المئة من النقل العام في عمان، وعلى أثره قامت الشركة بتشغيل 116 حافلة حديثة مع بداية 2010، وتلتزم الشركة بتجهيز الساحات لمبيت الحافلات والمحافظة على نظافتها، كما ستقوم بتبديل الحافلات كل سبعة أعوام، وستعمل على شراء 40 حافلة جديدة تستخدمها في حال حدوث أعطال فنية للحافلات العاملة على الخطوط.

الشركة قامت كذلك باستقطاب عدد كبير من السواقين من خلال زيادة الرواتب وتقليص ساعات العمل، ووقعت كفالة حسن التنفيذ مع الأمانة بقيمة 50 مليون دينار، وفي حال إخلالها بالاتفاق سيتم إلغاء الدعم كاملاً وستقوم فرق الأمانة بمراجعة الشركة والتأكد من التزامها بالمعايير والشروط المتفق عليها كل ثلاثة شهور.

مدير عام الشركة المتكاملة اعتذر عن عدم الإجابة عن أسئلة ے، وقال إن «ما حصلتم عليه من معلومات من أمانة عمان كافٍ، ولا إضافة لنا عليه».

صايل أبو زيد، ومع الامتيازات التي حصلت عليها «المتكاملة»، يرى أن هناك «تواطئاً بين الشركة والأمانة»، متسائلاً عن سبب تخصيص الدعم لهذه الشركة من دون غيرها من الشركات، كاشفاً أنهم طالبوا كثيراً ببعض الدعم، ولكن «من دون فائدة».

يقول أبو زيد إن الأمانة قدّمت مبلغ 17 مليون دينار كدعم للشركة المتكاملة رغم شراكتها معها «وهذا بحد ذاته نوع من أنواع الدعم»، كما أنها «سهّلت لها الحصول على 116 خطاً من دون عطاءات»، في الوقت الذي قامت فيه «المتكاملة» ببيع 51 في المئة من حصتها إلى شركة استثمارية كويتية بقيمة 10 ملايين دينار «وبذلك سيطرت الشركة المستثمرة على خطوط النقل بأقل الكلف».

لكنّ الصمادي يؤكد أن «الدعم سيطال كل المشغلين»، وأن «البداية مع الشركة المتكاملة لأنها الشركة الأكبر، وتخدم أكبر فئة من المواطنين»، حيث تنقل أكثر من 120 ألف راكب في اليوم، وأن الدعم المقدم للخدمة وليس للشركة (الاستثمار)، وأن «الشركة لا تملك الخطوط، وإنما من حقها، حسب قانون التشغيل، طلب زيادة حجم الخدمة من خلال حقها بتشغيل الخط وليس امتلاكه».

الصمادي يقول إن «الشريك الإستراتيجي الجديد سيقدم 50 مليون دينار على مدى خمس سنوات كاستثمار في النقل بعمان»، كاشفاً عن أن «الأمانة تنوي الانسحاب من الشراكة مع المتكاملة قريباً»، وأن «الشراكة كانت قبل أن تناط مهام النقل العام بأمانة عمان الكبرى».

دراسات وإحصاءات أجرتها الأمانة بينت أن 14 في المئة فقط من سكان العاصمة يستخدمون وسائط النقل العام، فيما تسعى الأمانة إلى زيادة النسبة لنحو 40 في المئة خلال الفترة التي تمتد لغاية 2025.

يوضح الصمادي أن الخطة المستقبلية المعدة لتعزيز وسائل النقل العام وتوفير البنية التحتية لمشروع الحافلات عالية التردد، ستبدأ بمرحلة أولى تشمل ثلاثة محاور، الأول من المحطة إلى صويلح مروراً بالجامعة الأردنية والمدينة الرياضية؛ والثاني من مبنى أمانة عمان بمنطقة رأس العين إلى المدينة الرياضية مروراً بشارع الأميرة بسمة والدوار الخامس؛ أما المحور الثالث فيشمل المحطة ودوار الجمرك مروراً بشارع اليرموك وميدان الشرق الأوسط.

ويشير إلى أن الحافلات ستكون ذات سعة عالية تسير على مسارب خاصة وبمواعيد ثابتة ومستوى عال من الخدمات وتقوم بنقل 6-8 آلاف راكب في الساعة وفق تردد أقل من 5 دقائق في الحافلات المزدوجة التي تتسع ما بين 120-180 راكباً، يستخدم فيها نظام دفع الأجرة الالكتروني.

شبيب تمتلك مقياساً آخر حول كيفية الحصول على خدمة عالية ومميزة للنقل، وتؤكد أنه لتطبيق ذلك يتوجّب إعادة النظر في حرم الطريق، وإيجاد تنافسية لخلق خدمة أفضل للمواطنين، مبينة أنه في ظل ارتفاع أسعار المشتقات النفطية التي يشكل النقل فيها 37 في المئة وباعتماد الحافلات السريعة والقطارات سيتم توفير الثلث من هذه النسبة، «على أن يكون ضمن دعم حكومي لإحداث وإيجاد التغيير والتطوير على منظومة النقل العام».

العصب الرئيسي لشبكة النقل العام المستقبلية لمدينة عمان هي شبكة القطارات الخفيفة التي يجري العمل على إعداد دراسة الجدوى الاقتصادية والتصاميم المبدئية لها. ويبين الصمادي أنه سيتم إعداد التصاميم النهائية في هذا العام، ومن ثم البدء بتنفيذ المرحلة الأولى من مشروع قطارات عمان (القطار الخفيف أو المترو) في حلول العام 2012 بتكلفة مالية تصل إلى 1.6 بليون دولار.

دَور الأمانة في النقل العام: «إعادة هيكلة» بإضافة 116 حافلة فقط
 
01-Feb-2010
 
العدد 8