العدد 8 - الملف
 

تأسس معهد عمان للتنمية الحضرية في حزيران/يونيو 2008 بوصفه منظمة غير ربحية تعمل كمركز عالمي للتميز في مجال الحاكمية الحضرية، بما في ذلك تخطيط المدن وإدارتها وقيادتها والانتماء إليها، وتطوير المجتمعات المحلية، وإعادة هيكلة المؤسسات في الأردن ومنطقة الشرق الأوسط.

فكرة تأسيس المعهد الذي ما زال يعمل يداً بيد مع أمانة عمان الكبرى على وضع مخطط شمولي للعاصمة، انبثقت بهدف مأسسة الخبرات التي عملت على وضع المخطط؛ سواء من العاملين من داخل الأمانة أو من خارجها.

إنشاء المعهد جاء بعد حيازة المخطط الشمولي لمدينة عمان الذي وضعته الأمانة على عدد من الجوائز، منها جائزة «القيادة العالمية في تخطيط المدن» العام 2007 لفئة مشاريع تخطيط المدن وتطويرها، إضافة إلى «جائزة المدينة» عن قارة آسيا في العام نفسه.

المعهد المملوك حالياً لأمانة عمّان ويترأس مجلسه الإداري أمين عمّان، حلّ مكان شركة الاستشارات الخارجية بيرنغ بوينت التي استعين بها أصلاً للعمل على المخطط الشمولي.

يجمع المعهد الذي يصل عدد العاملين فيه اليوم إلى 55 موظفاً، مجموعة من الشبان اللامعين من المخططين والمصممين الحضريين الأردنيين الذين يتميزون بدرجات علمية متميزة، حصل العديد منهم عليها في الخارج. وقام المعهد، في سياق جمع الكفاءات الأردنية في بوتقته، باستقطاب خبرات أردنية تعمل في الخارج للعودة إلى عمان والعمل فيه، فضلاً عن توظيفه عدداً من الخبرات الأردنية الكفؤة في مجالات مختلفة وخريجين جامعيين متميزين، وبحسب نائب المدير العام للأبحاث والتواصل هانية مرقة.

مرقة بيّنت، في حديثها لـ ے، أن خدمات وبرامج المعهد تدور حول محورين أساسيين، أولهما تقديم خدمات استشارية لمؤسسات في القطاعين العام والخاص، فضلاً عن مؤسسات غير ربحية حول مواضيع ذات علاقة بالتنمية الحضرية، وثانيهما قيام المعهد بأعمال البحث والتواصل في مجال الحاكمية المحلية وتطوير المجتمع المحلي.

وتكشف مرقة أن المعهد يقدّم الخدمات الاستشارية لمدن عديدة، مؤكدة أنه يجري الانتهاء من وضع النسخ الأولية لمخططات شمولية لثماني مناطق ومدن في الأردن؛ إربد الكبرى، السلط الكبرى، ماحص، الفحيص، عين الباشا، العارضة، الرصيفة وبيرين.

خلال وضع تلك المخططات تمّ اتخاذ مخطط عمان الشمولي أنموذجاً، بحيث تم تطويعه لتطوير كل منطقة بحسب واقعها واحتياجاتها والأهداف المنشودة من تطويرها وخطط نموها.

ونظراً للنجاح الذي يحققه المعهد في هذا المجال، تقدمت مدن من فلسطين والسعودية واليمن بطلبات إلى المعهد بهدف وضع مخططات خاصة بها.

تضيف مرقة أن المعهد قام بعدد من الأنشطة الرئيسية التي تعنى بالتخطيط والاستدامة والإصلاح المؤسسي ضمن محور البحث والتواصل، كما تعامل مع قضايا عديدة «كان لا بد من الالتفات إليها ظهرت ضمن عمل المعهد على وضع المخطط الشمولي لمدينة عمان».

«من تلك القضايا، مفهوم المواطن العماني لموضوع الانتماء للمدينة وترجمته لهذا الانتماء بشكل فعلي»،بحيث وَجدَ المعهد أنه يتوجب العمل على تركيز هذا المفهوم وتفعيله بين المواطنين بشكل أكبر.

قام المعهد بعقد لقاءات عديدة مع فئات مختلفة من المجتمع بهدف إشراك المواطنين بوضع تصور لمدينتهم وتحديد أولياتهم ومشاكلهم، بحسب مرقة، التي قالت إن كل لقاء حضره «مئات المواطنين»، وكانوا يبدون «تجاوباً إيجابياً».

وتوضح مرقة أنه من خلال عمل المعهد على المخطط الشمولي لمدينة عمان تبين أن 53 في المئة من سكان عمان هم تحت سن 25 عاماً، ولذلك نظم المعهد لقاءات بين طلبة جامعيين وأمين عمان تم خلالها إشراك الشباب في عملية وضع السياسات العامة للمدينة.

وفي سياق تعزيز انتماء المواطنين لمدينتهم، قام المعهد باستحداث برامج خاصة بالأطفال لتعزيز انتمائهم لبقعة جغرافية يعيشون فيها بعد أن بات مفهوم «الحارة» غائباً عن الأطفال. ويعمل المعهد على تطوير هذا البرنامج وتقديم أفكاره بطرق غير منهجية للأطفال.

المعهد عمل على إشراك الأطفال من خلال كتاب مصور وخريطة ثلاثية الأبعاد وبرنامج «جواز سفر المدينة» لكي يكتشف الأطفال العمّانيون مدينتهم خارج حدود أحيائهم السكنية

وتشير مرقة إلى قضية أخرى تعامل معها المعهد، وهي حالة «انعدام وضعف الشفافية بين صُنّاع القرار والمواطنين»، وعمل المعهد في هذا السياق، بحسب مرقة، على بناء القدرات وتقديم مفهوم الحكم الحضري الرشيد الذي يرتكز على المواطن من خلال مشاريع وبرامج توعية في المنطقة العربية، إضافة إلى إقامة منتدى عام وعروض إذاعية وتلفزيونية ركزت على الشفافية في الحكم الحضري.

وفي نطاق جهده للتحذير من آفات المدن، حصل المعهد على حقوق الترجمة العربية وحقوق التوزيع لكتاب الفساد في المدن: دليل عملي للعلاج والوقاية لمؤلفيه الثلاثة روبرت كليتغارد ورونالد ماكلين-آباروا وهـ. ليندزي باريس، وتم إطلاق النسخة المترجمة صيف 2009 خلال أعمال «منتدى رؤساء البلديات العرب والأميركان» الذي استضافه أمين عمان بالتعاون مع عمدة مدينة شيكاغو ريتشارد دالي.

تؤكد مرقة أن المعهد قام بتوزيع الكتاب على رؤساء البلديات في الأردن والدوائر الحكومية، مبينة أن المعهد يعمل حالياً مع معهد البنك الدولي من أجل تحويل تلك الفكرة إلى برنامج لمساعدة المدن العربية على مكافحة الفساد.

ومن القضايا الأخرى التي يتعامل معها المعهد، ضرورة تفعيل دور القادة في المجتمع، بخاصة فئة الشباب، بهدف تحريك المجتمع نحو قضية معينة. وبينت مرقة أن المعهد سيقوم قريباً باستضافة مارشال غانس، المدرس في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، وأحد المستشارين الأساسيين للحملة الانتخابية للرئيس الأميركي باراك أوباما، من أجل تدريب القادة في المجتمع حول كيفية صقل مهارتهم القيادية.

من إنجازات المعهد الأخرى، بحث نفذه المعهد حول سوق العقارات المحلية، ومثّل تحليلاً عن وضع السوق العقاري في عمان وعلاقته بالوضع الاقتصادي. وجاءت الحاجة إليه بسبب غياب وتناثر المعلومات البحثية التي يمكن أن تتوفر للمستثمرين والعقاريين، وتساعدهم في اتخاذ قرارات أكثر دقة، وتجعلهم أكثر اتصالاً مع الواقع.

وبيّنت مرقة أن المعهد طور مركزاً إلكترونياً لتبادل المعلومات والخرائط Mapjo.com، إضافة إلى إنجاز قاموس يضم مصطلحات تعنى بالتخطيط الحضري ليكون مرجعاً موحّداً للأطراف العاملة في تخطيط المدن في الأردن وخارجه، بحيث ستتوفر منه نسخة إلكترونية على الموقع الإلكتروني الجديد للمعهد.

مقر المعهد الواقع حالياً في وسط البلد، سينتقل بحلول العام المقبل 2011 إلى مقر جديد في أحد بيوت عمان القديمة في منطقة جبل عمان، وسيتضمن مركزاً للمعلومات عن المدينة ومكتبة، فضلاً عن شمول خطته للعام 2010 على نشاطات إستراتيجية مختلفة.

كما يجري العمل على تحديث الموقع الإلكتروني للمعهد ليكون أكثر شمولية، ويوفر نسخة إلكترونية من مركز المعلومات لجميع الناس، بطريقة يسهل الوصول إليها.

معهد عمّان للتنمية الحضرية: تخطيط المدن وتنظيم الانتماء إليها
 
01-Feb-2010
 
العدد 8