العدد 8 - الملف
 

ول 1909 قبل تأسيس الإمارة، ثلاثة آلاف غرش عثماني، بحسب التقديرات، و«الغرش» جزءٌ من الليرة الذهبية التي كانت عملة الدولة العثمانية في ذلك الوقت، وكان عدد سكان المدينة ما بين 2115-4000 شخص، ومساحتها نحو كيلو متر مربع.

اليوم باتت أمانة عمان الكبرى تمثل المؤسسة الخدمية الأكبر في الأردن بفضل موازنتها التي وصلت العام الجاري إلى 408 ملايين دينار، وتقدم خدماتها البلدية لأكثر من 2.5 مليون نسمة وبمساحة تزيد عن 1680 كم2.

موازنة أمانة عمان تفوق اليوم موازنة البلديات الكبرى المجاورة للعاصمة مجتمعةً، إضافة إلى موازنة وزارة البلديات نفسها التي وصلت العام الجاري إلى 13 مليون دينار فقط .

آخر موازنة في عهد أمين عمان السابق نضال الحديد العام 2006 بلغت 143 مليون دينار، وبعجز 20 مليون دينار، أعلن الحديد يومها أن تغطية العجز ستتم من وفورات السنوات السابقة.

ومنذ سنوات قريبة لم تكن أمانة عمان تشتكي من سوء أوضاعها المالية وعجز موازناتها، ولم يكن الحديث يدور عن مديونيتها، عكس ما هو قائم اليوم من مديونيات للبنوك واستملاكات أراضٍ بملايين الدنانير، جزء كبير منها لم يُدفع لمستحقيه، إضافة إلى عجز مالي وصل قرابة 50 مليون دينار.

وفي خبر لصحيفة الغد نشر في 28 كانون الثاني/يناير 2009 قال نائب مدير المدينة للشؤون المالية والإدارية محمود خليفات، إن العجز المالي في موازنة أمانة عمان الكبرى للعامين 2007 و2008 على التوالي بلغ 113 مليون دينار.

ووفق ما أكده خليفات للصحيفة فإن العجز المالي في موازنة الأمانة للعام 2007 بلغ 85 مليون دينار تم سداده بالكامل من خلال قرض حصلت الأمانة عليه بمبلغ 60 مليون دينار كإسناد قروض، و15 مليون دينار اقترضتها من بنك تنمية المدن والقرى، فضلا عن 10 ملايين سددت من أموال الأمانة.

مؤخراً أصبحت أمانة عمان مدار حديث العديد من الأوساط، بخاصة البرلمانية والإعلامية والحكومية أيضاً، حول وضعها المالي، وذلك عقب إعلانها موازنتها للعام 2010 والبالغة 408 ملايين دينار. حيث واجهت الموازنة شكوكاً في صحة الرقم المعلن، في حين اتّهمها أعضاء في مجلس الأمانة، هم محمد المناصير وعبد الجليل العبادي وعلي الحديد، بأنها «وهمية وغير حقيقية، لغايات إخفاء العجز وتدارك الشّحّ المالي الذي تواجهه الأمانة».

بيد أن أمين عمان، وفي التقرير نفسه الذي نشرته الصحيفة، طمأن أعضاء المجلس ووسائل الإعلام خلال جلسة مناقشة الموازنة، على الوضع المالي في أمانة عمان، وقال: «الوضع المالي سليم ولا يعاني أي نقص أو ضعف»، نافياً ما أشيع مؤخراً حول عدم استقرار الوضع المالي للأمانة.

وفي الوقت الذي يقول فيه عضو سابق في الأمانة من المنتخبين عن مناطق شرق عمان إنها «تمرّ في أصعب الظروف المالية»، ودليل ذلك عرضها عدداً من قطع الأراضي المملوكة للأمانة في منطقة عبدون للبيع، إضافة إلى لجوئها لعدد من البنوك للاقتراض، فإن الأمانة وعلى لسان أمينها عمر المعاني تقول: «هذه الاستملاكات تشكل أصولاً مالية ثابتة وذخراً إستراتيجياً للأمانة»، ستمكنها من تنفيذ العديد من المشاريع الاستثمارية لخدمة مستقبل المدينة، وستعود عليها بعوائد مالية كبيرة، و«لو أرادت الأمانة أن تضع في حساباتها أن تبيع هذه الأراضي التي تبلغ قيمتها ملايين الدنانير فهي كافية أن تسدد مديونيتها وأكثر».

وحول واقع وسط المدينة، أقرّ أمين عمان، في العديد من الجلسات واللقاءات مع تجار وسط البلد، أن الواقع التجاري لوسط المدينة يتدهور أكثر فأكثر من عام لعام، وأن الأمانة بصدد إطلاق مشروع تطوير وسط المدينة «مشروع وادي عمان» لإعادة روح الحياة إليه.

«الأمانة»، ومن خلال سياسة ترشيد الإنفاق التي انتهجتها منذ كانون الأول/ ديسمبر 2009، ألمحت إلى شحّ في إيراداتها المالية، وهو ما سببته تداعيات الأزمة المالية العالمية، إذ تعثر عدد من المشاريع الكبرى في العاصمة، بخاصة مشاريع الأبراج ذات الطوابق العالية التي كان من الممكن أن تحصل منها الأمانة على إيرادات عالية بدل رسوم وضرائب تحسين وتراخيص، إضافة إلى عدم إقبال معظم المواطنين على دفع ما ترتّب عليهم من ضرائب ورسوم ومسقفات وعوائد تحسين.

موازنة الأمانة العام 2010 الواقعة بين مطرقة المشاريع التنموية والخدمية وسندان الديون وخدمة الديون، دفعها إلى التراجع عن جزء من استملاكات منطقة المحطة والمهاجرين «وادي عبدون» لغايات توفير السيولة المالية في صندوقها باستمرار.

إلا أن أمين عمان أكد في خبر نشرته صحيفة العرب اليوم، 22 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، أن «العدول عن استملاك 150 دونماً في منطقة المحطة بوسط البلد ووادي عبدون، جاء لإعادة النظر في أسلوب تنفيذ المشروع، ولمتغيرات اقتضتها ظروف عدة، أبرزها آثار الأزمة المالية العالمية».

وأضاف المعاني في التصريح نفسه، أن «ارتفاع المبالغ التي أقرتها المحاكم لبعض ملاكي الأراضي تفوق بشكل كبير تقديرات الأمانة لسعر الأراضي حسب السوق حين تم استملاكها»، لذلك تم العدول عن استملاك 116 دونماً من أصل 516 دونماً، هي المساحة الفعلية للمشروع.

مسودة مشروع موازنة 2010، تكشف أن الأمانة عظّمت من إيراداتها بـ«صورة متفائلة جداً»، مقابل إعادة تقدير الإيرادات للعام 2009، إذ وصل تقدير إيراداتها العام 2010 إلى 360 مليون دينار، مقابل 242 مليون دينار للعام 2009، وهو ما عارضه أعضاء منتخَبون في مجلس الأمانة منهم محمد المناصير العضو عن منطقة وادي السير، والمحامي عبد الجليل الزيود عن منطقة بدر الجديدة، والمحامية إيمان رياض المفلح عن منطقة زهران عند مناقشة مشروع الموازنة، إذ أكدوا أن الإيرادات ستنخفض العام الجاري لاستمرار آثار الأزمة المالية وتأثيراتها على المواطنين.

نائب مدير المدينة للشؤون الإدارية والمالية محمود خليفات، كشف خلال جلسة مناقشة مشروع موازنة 2010 بمجلس أمانة عمان في 17 تشرين الثاني/نوفمبر 2009 عن قيمة المبالغ المترتبة على المواطنين لصندوقها، والتي لم تسدَّد منذ سنوات طويلة والبالغة 165 مليون دينار، إضافة إلى 82 مليون دينار رسوم وعوائد تحصيل على المباني العالية، الأبراج، وهي أكثر من كافية لتغطية العجز المالي للأمانة، حسب رأيه.

خليفات، وفي الجلسة نفسها، أعلن أن الأمانة ستواصل سياستها التي عملت عليها في موازنة العام 2009؛ من حيث إجراء «مراجعة شهرية» للإيرادات والنفقات، والمواءمة بين التدفّق النقدي والإنفاق «حفاظاً على ديمومة عمل المؤسسة وإنجاز مشاريعها حسب الأولويات»، وهو ما أكده رئيس اللجنة المالية في مجلس الأمانة عمر اللوزي.

مصادر إيرادات الأمانة متنوعة، منها ما تحصل عليه بصورة طبيعية؛ إيرادات عن طريق الحكومة بدل عوائد المحروقات وتبلغ العام الجاري 30 مليون دينار، وإيرادات ذاتية عن طريق الأمانة، وهي ضريبة الأبنية والأراضي والمسقفات، وتصل العام الجاري إلى 50 مليون دينار، إضافة إلى رسوم رخص المهن واللوحات الإعلانية والحرف والصناعات ونفايات المهن، وتقدر للعام الجاري بـ30 مليون دينار.

هناك أيضاً إيرادات أملاك الأمانة التي تشمل رسوم المسالخ وعوائد إيجارات الأبنية وبيع الأراضي ورسوم السوق المركزي وعوائد إيجارات السوق المركزي وإيرادات الحدائق، إضافة إلى عوائد استثمار الأسهم والشركات وإيرادات مدينة الجبيهة وأثمان المقابر، وتقدر العام الجاري بـ39 مليون دينار.

إيرادات الأمانة تشمل كذلك رسوم مواقف السيارات ورسوم عقود الإيجار ورسوم الدلالة ورسوم الأبنية ورخص البناء ورسوم نفايات المنازل والغرامات وبدل تمديد الشبكات ومخالفات السير، وإيرادات النقل العام ومساهمات الحكومة في الأنفاق والجسور، وإيرادات دعم مشاريع المنحة الفرنسية ومنحة البنك الدولي للدراسات والنقل والمشاريع الممولة بقرض من البنك الدولي، وقروض تمويل النقل العام، إضافة إلى قروض وسندات التنمية الخاصة بالأمانة.

في النفقات، فإن الرواتب والأجور تبلغ ما نسبته 21 في المئة من إجمالي النفقات بحسب مشروع الموازنة العام الجاري، إذ قُدِّرت رواتب الموظفين والعاملين والمستخدمين بعقود في الأمانة للعام 2010 بحوالي 85 مليون دينار، في الوقت الذي قدرت فيه الأمانة أعداد موظفيها والعاملين لديها والمستخدمين بعقود بـ22 ألف موظف، وهو رقم قابل للزيادة في ظل إعادة الهيكلة الإدارية التي أطلقتها الأمانة قبل عامين.

الأمانة تقلّل من شأن قيمة العجز المالي في موازنتها والبالغ 48 مليون دينار، بالقول إنه سيتم تغطيته من خلال زيادة تحصيلات الأمانة من ضريبة الأبنية والأراضي والتحققات الأخرى والرسوم الإنشائية والمهن والإعلانات المتراكمة على المواطنين عبر اتخاذ عدة إجراءات، منها متابعة تنفيذ اتفاقية وزارة المالية والأمانة لتحصيل مستحقات الأمانة من خلال الشؤون القانونية، ووضع خطط إعلامية مع تفعيل قسم المتابعة القانونية، والالتزام بآلية التقسيط للضرائب والرسوم، وضبط النفقات، بخاصة الجارية منها، وجدولة طرح العطاءات، ومنح حوافز للمواطنين لتسديد التزاماتهم المالية.

الوضع المالي للأمانة: زيادة الأصول واستدانة لدفع التعويضات
 
01-Feb-2010
 
العدد 8