العدد 3 - اقتصادي
 

أصبحت الأسرة الأردنية تميل إلى الإنفاق في الآونة الأخيرة بما يتجاوز الإيرادات، ما يخلف عجزاً مستمراً في الميزانية، في ظل غياب السلوك الادخاري، إذ إن معدّل الادخار لشريحة تشكل 90 في المئة من السكان لا يتجاوز الصفر، وهي تلك الشريحة التي لا يزيد دخلها الشهري على 600 دينار، بحسب دائرة الإحصاءات العامة.

وبسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية، وتراجُع مستوى الدخل، فإن الأسرة تقف أمام خيارين: إما خفض النفقات لتساوي الإيرادات مع النفقات، أو زيادة العجز القائم.

دائرة الإحصاءات العامة قدّرت في مسح أجرته أخيراً، متوسط الدخل السنوي للأسرة بنحو 6220 ديناراً، وبلغ أقصاه في العاصمة عند مستوى 7412 ديناراً، فيما بلغ أدناه في محافظة الزرقاء عند مستوى 4681 ديناراً.

وقُدّر متوسط الإنفاق السنوي للأسرة على مستوى البلاد بنحو 7550 ديناراً. فيما تباينَ متوسط الإنفاق السنوي للأسرة على مستوى المحافظة؛ إذ بلغ أقصاه في العاصمة عمّان عند مستوى 8966 ديناراً، وأدناه في محافظة الطفيلة عند مستوى 5766 ديناراً.

الانخفاض في حجم مستوردات السلع للبلاد، والتراجع في عرض النقد، وتقلُّص التسهيلات الممنوحة من البنوك إلى الأفراد، وتراجُع حوالات العاملين في الخارج.. كل ذلك أدى إلى تراجع حجم الإنفاق من جانب الأسرة الأردنية.

كانت دراسة أظهرت أن ثلث الأردنيين، نحو 28 في المئة منهم، عمدوا إلى خفض إنفاقهم العائلي في ظروف الضائقة الاقتصادية الحالية.

الدراسة أجراها موقع بيت الإلكتروني في أيار/مايو 2009، وجُمعت بياناتها عبر الإنترنت.

وأشارت الدراسة إلى أن 30 في المئة من أصحاب المهن في بقية دول منطقة الشرق الأوسط عمدوا إلى خفض إنفاقهم العائلي، فيما قام ما يفوق ربع المشاركين تقريباً بزيادة مبلغ الميزانية العائلية.

التحول في نمط الاستهلاك في البلاد ليس بجديد، فقد سبقه تحول خلال العام 2006، عندما أظهر مسح نفذته دارة الإحصاءات العامة في العام 2007، تغيراً في النمط الاستهلاكي لصالح السلع غير الغذائية، إذ شكلت نسبة الإنفاق على السلع من إجمالي إنفاق الأسرة نحو 64 في المئة، مقارنة مع 60 في المئة العام 2002.

كما ارتفعت نسبة التملُّك لبعض السلع المعمّرة، فوصلت نسبة تملك الهاتف النقال إلى 84 في المئة في 2006، مقابل 37 في المئة فقط في العام 2002، وارتفعت نسبة تملك أجهزة الاستقبال الفضائية إلى 76 في المئة في 2006، مقارنة مع 38 في المئة في 2002.

أسباب التحول الأخير تبدو مختلفة، وهي ناتجة عن إفرازات أزمتين عالميتين، الأولى غذائية ظهرت في آذار/ مارس 2008، عندما حذرت منظمة فاو FAO العالمية من نقص في الغذاء وتوجُّه دول مثل الولايات المتحدة الأميركية والبرازيل نحو استخدام الحبوب في إنتاج الوقود الحيوي، والثانية مالية ظهرت في الولايات المتحدة في أيلول/سبتمبر 2008، تبعها ارتفاع حاد في أسعار النفط، انعكس على أسعار السلع في دول العالم كافة.

الارتفاع في السيولة المحلية لم يتجاوز 30.5 مليون دينار في النصف الأول من العام 2009، وبنسبة 4.6 في المئة عن مستوياها في نهاية العام 2008، بالمقارنة مع ارتفاع بلغ 1.62 بليون دينار، وبزيادة 10.3 في المئة للفترة نفسها من العام 2008، بحسب بيانات البنك المركزي.

أما النقد المتداوَل، فقد انخفض في النصف الأول من العام 2009 بمقدار 60.1 مليون دينار عن مستواه في نهاية العام 2008، ليبلغ 2.6 بليون دينار، مقابل ارتفاع سجّله هذا النقد بمقدار 231.5 مليون دينار للفترة نفسها من العام 2008.

أما التسهيلات الممنوحة من البنوك للأفراد، فقد شهدت انخفاضاً بمقدار 134.2 مليون دينار، وبنسبة 5.9 في المئة للنصف الأول من العام 2009، مقارنة مع الفترة نفسها من العام 2008.

انخفاض حوالات العاملين في الخارج، ساهمَ هو الآخر في تراجع حجم الإنفاق، إذ تشكّل التحويلات رافداً أساسياً لشريحة كبرى في البلاد تعتمد عليها، وقد انخفضت في النصف الأول من العام الجاري بنسبة 4.4 في المئة وبلغت 1.23 بليون دينار، بينما شهد إجمالي تحويلات الأردنيين العاملين في الخارج خلال حزيران/يونيو 2009 تراًجعا بنسبة 12.1 في المئة مقارنة مع ارتفاع نسبته 20.6 في المئة للشهر نفسه من العام 2008.

وبما يتعلق بالمستوردات، فقد تراجعت إلى 863.9 مليون دينار خلال حزيران/يونيو 2009، مقابل 1185.3 مليون دينار خلال الشهر نفسه من العام 2008، بانخفاض مقداره 27.1 في المئة، بحسب أرقام الإحصاءات العامة.

يُعزى ذلك إلى انخفاض مستوردات الأردن من الألبان ومنتجاتها، والحبوب، والدهون والزيوت النباتية والحيوانية، ومحضّرات من لحوم أو أسماك، والسكّر ومصنوعاته، وبقايا ونفايات صناعة الأغذية وأغذية محضّرة للحيوانات، إضافة إلى انخفاض كبير في قيمة مستوردات الأردن من البترول الخام والسولار والغازات النفطية، ما يشير إلى تراجُع استهلاك تلك السلع.

خياران أمام ميزانية الأسرة: تساوي النفقات مع الإيرادات أو نمو العجز
 
01-Sep-2009
 
العدد 3