العدد 8 - محلي | ||||||||||||||
«هولاء الشباب النشامى سند لي في هذه الظروف الصعبة، وأمدتني روحهم المعنوية الرائعة بصبر وتحمُّل كبيرين.. نحن نتحمّل القيام بواجبنا الإنساني الذي نذرنا أنفسنا له برحابة صدر»، هذا ما يقوله قائد قوة حفظ السلام الأردنية في هاييتي العقيد الركن عصام أحمد السويلميين، في اتصال هاتفي أجرته ے معه بترتيب من مديرية التوجيه المعنوي في القوات المسلحة. ويضيف السويلميين الذي كان أثناء الاتصال معه منهمكاً في أداء الواجب الإنساني بعد الزلزال الذي ضرب هاييتي: «الشهداء الذين فقدناهم، كانوا من خيرة الشباب، أدعو لهم بالمغفرة، ولأهلهم ولزملائهم الصبر والسلوان. فنحن نضحّي من أجل الإنسانية». وبنبرةٍ تشي بهمّة عالية، وصوت واثق، يتابع: «نحن في القوات المسلحة، نرى أن نصرة الإنسانية تحتم علينا التضحية حتى بأرواحنا، لهذا نبذل كل ما لدينا لمواجهة الكارثة الكبيرة التي حلّت بهاييتي». هذه هي المرة الرابعة للسويلميين في مهمة ضمن قوات حفظ السلام، يقول: «تعودنا على صعوبة هذه المهمات، ويزيدنا الشهداءُ الذين قضوا في سبيل الواجب الإنساني فخراً، وما يعزّينا أنهم كتبوا اسم الأردن في سجل الإنسانية المشرف». عندما تعرضت العاصمة بورت أوبرنس للزلزال في الخامسة إلا ثماني دقائق فجراً، كانت القوة الأردنية على رأس عملها؛ فـ«مسؤلياتنا تتوزع على مدار الساعة» يقول السويلميين، موضحاً أن عدداًَ من الضباط الأردنيين كانوا في اجتماع في منطقة أخرى للبحث في الانتخابات الرئاسية المقبلة هناك، لحظة وقوع الكارثة، حيث أن من مهام القوة الأردنية مراقبة الانتخابات، فسقط من بينهم الشهيدان الرائد عطا عيسى المناصير والرائد أشرف علي الجيوسي. أما العريف رائد فرج الخوالدة، فقد كان يقوم بوظيفته في حراسة السجن الذي يضم 450 سجيناً، وانهار عليه حائط السور، «فاستشهد على الفور». إذ تشارك القوات الأردنية في حراسة السجن مع القوات الهاييتية. بمجرد حدوث الكارثة تحركت القوات الأردنية ضمن المنظومة الدولية، في إغاثة المنكوبين، إضافة إلى عمليات الإخلاء والإنقاذ. يقول السويلميين: «نحن كقوات أردنية نسعى مع الجميع للتخفيف عن هذا البلد، والمساعدة في تجاوز الكارثة»، ويضيف: «معنوياتنا عالية، لأن المشاركة في مساعدة شعب منكوب تمنحنا رضا كبيراً عن النفس، وقدوتنا في ذلك قيادتنا الهاشمية.. في مهمتنا لا نفرق بين أي جنسية وأخرى، لكننا كنا ملجأً، على وجه الخصوص للجاليات العربية المنكوبة، فلجأت لنا عائلات أردنية وسورية وفلسطينية. العائلة السورية توفي الأبوان فيها، وأنقذنا بقية أفراد الأسرة، وكذلك العائلة الفلسطينية المكونة من خمسة أفراد، إضافة إلى عشرات الأردنيين أصحاب المصالح التجارية هنا، حيث قمنا بإيوائهم في المعسكر، وقدمنا لهم الوجبات اليومية والعناية الطبية، ووسائل النقل اللازمة لمتابعة شؤونهم». يتحدث السويلميين عن الخطة التي انتهجها فور وقوع الزلزال: «كان هّمي إجلاء الناس من منطقة الخطر، لأن الارتدادات الزلزالية خطيرة جداً، فأجريت اتصالاتي مباشرة مع قيادة القوات المسلحة في الأردن، وكان الجميع بدءاً من القائد الأعلى للقوات المسلحة جلالة الملك عبدالله الثاني، ورئيس هيئة الأركان، وصولاً إلى كبار الضباط، خلال ساعتين، على اطّلاع على كل تفاصيل مهمات القوة الأردنية ومسؤولياتها، وبدأنا عمليات الإنقاذ». يبلغ عدد أفراد القوة الأردنية في هاييتي نحو 1000 فرد: 612 من الجيش، 125 من الأمن العام، 125 من قوات الدرك، 24 ضمن فريق الإنقاذ، 45 فرقة سكواد، و10 مراقبين دوليين. ويتولى جزء من القوات الأردنية مهمة حماية وتنظيم معسكر جديد بُني ليكون مقراً لاستقبال المساعدات العالمية للبلد المنكوب. يقول السويلميين: «ننظم هذه العملية لتسهيل استقبال المساعدات وتوزيعها للمحتاجين؛ إذ إن الناس هنا يمرون بوضع صعب، وهناك عمليات شغب وسلب ونهب نتيجة الأوضاع المأساوية الذي يمكن وصفها بحالة هيجان؛ فالشعب مندفع وجائع ولا يمكن أن نلومهم، لكن ربما يمكن أن نساعدهم قدر المستطاع». ويشرح المهمات اليومية بقوله: «تقوم القوات الأردنية ضمن برنامج يومي بتوزيع 300 وجبة غداء يومياً في المعسكر التابع لها، و100 وجبة إضافية، بالإضافة إلى عمليات تحلية المياه وحفر الآبار ومد الأنابيب وتوزيع الوقود الذي يتم تأمينه من الأمم المتحدة». علاوة على ذلك، «هناك فريق طبي يعمل على مدار الساعة في مستشفى ميداني متحرك ومتكامل، فيه التخصصات الطبية كافة، لكننا نركز على جراحة العظام بسبب كثرة الكسور، إذ تم معالجة أكثر من 1250 حالة و25 عملية جراحية». أعضاء البعثة الأردنية في هاييتي، ظلوا يعملون بسواعدهم في الميدان على مدار الساعة، مقدّمين أنموذجاً يُحتذى في إغاثة المنكوبين وتقديم العون لهم، إضافة إلى مهمتهم الأصلية في حفظ السلام هناك. |
|
|||||||||||||