العدد 7 - ... ودقّة على المسمار | ||||||||||||||
شوش في الأسواق مخلوط بزيوت أخرى خفيفة تقترب من «زيت المواصفات». هذا الزمن من كل سنة هو زمن النقاش حول زيت الزيتون، وفي العقد الأخير تبدّل محتوى النقاش، وشمل هذا التبدل أموراً عدة، أهمها «الشعطة»، ثم الكثافة، أي كون الزيت «ثقيلاً» أو خفيفاً، وأخيراً وحدة البيع الشهيرة، «التنكة»، التي تتضمن عادةً زيادة قليلة في الوزن تحت مسمى «طباشة». وفي الواقع فإن كل هذه العناصر تعرضت لهجوم من أنصار الزيت «أبو مواصفة دولية» التي تنافس مثيلاتها في الأسواق الأوروبية. يحب الأردنيون الزيت بـ«شعطة»، كما يحبونه «ثقيلاً»، وهم يشترونه بالتنكة، ويُعاب الشخص الذي يشتريه بالكيلو أو بالقنينة. هكذا كانت الحال منذ ألوف السنين (بالطبع مع مراعاة اللغة قبل اختراع التنكة). وعلى العموم ما زال الناس يبحثون في زيت الزيتون عن «شعطته» بالدرجة الأولى، ثم ينظرون إلى شكل انسكابه، فإذا كان خفيفاً قالوا إنه ليس زيتاً «أصلياً» ، فهو حينها أشبه بـ«زيت القلي» الخفيف، ثم بعد أن يضمنوا هاتين الصفتين يسألون عن سعر «التنكة»، وفي أسوأ الأحوال قد يتحدثون عن «النُّصّيّة». الغريب أن هذه العناصر تحديداً لا يحبها جماعة المواصفات، وعندهم لذلك تفسيرات كثيرة تتعلق بالصحة والحداثة، ومن المحتمل أنهم في بيوتهم يتناولون زيتاً بـ«شعطة»، ثقيلاً، يشترونه بالتنكة، لكنّ الأمر متعلق بالذوق المتجه إلى ثقافة أخرى. إنّ حث الناس هنا وتشجيعهم على تغيير تذوقهم لزيت الزيتون قد لا يخلو من فائدة، فبعد عشر سنوات أو عشرين سيلتحق زيت الزيتون بالفلكلور الشعبي حسب الصيغة المتوقعة: «سقا الله ايام الزيت البلدي»، وبذلك تتوافر لأطفال اليوم «أيام زمان» خاصة بهم يترحمون عليها. وبمناسبة حديث غش الزيت، نذكّر بوجود تراث على هذا الصعيد، وما يروى في هذا المجال أن بائع الزيت المتجول كان يضع كمية من زيت الزيتون الأصلي على رقبته كي يتمكن من حلف يمين صادقة يقول: «على رقبتي زيت أصْلي». |
|
|||||||||||||