العدد 7 - نبض البلد | ||||||||||||||
بدافعٍ من إحساس بـ«المسؤولية الاجتماعية» للفنان، ارتأت مبادرة يو أس بي المسرحية، تجاوز مساحات العرض التقليدية، وتفعيل الممارسة الفنية في فضاءات الشارع، لتخليص الفن من «جموده»، وتفعيل دوره في التنمية. إنها مبادرة، كما يؤكد القائم عليها المخرج المصري عبد الله ضيف لـ ے، «تتعامل مع المسرح وتقنيات الميديا المختلفة كوسيلة لفهم الحياة المعاصرة». المبادرة التي جالت بعروضها في الأردن ولبنان وسورية وبلدان أخرى، تهدف بحسب ضيف، إلى «تغيير الواقع الفني الذي يُبعد الفنان عن محيطه، ويعزله في قاعات العرض التقليدية»، في وقت ينغمس فيه الفرد بـ«لقمة العيش» وينأى عن المشاركة الاجتماعية الفاعلة. في هذا السياق، قُدِّم العرض الأدائي الفني المسرحي «فاصل ونواصل: السكران في ذمة الصاحي»، من إخراج ضيف وموسيقى أيمن عصفور، عبر رؤية تنظر للجمهور على أنه شريك في إنتاج اللحظة الفنية، حيث اقتعد الناسُ، وأغلبهم من الشبان والفتيات، الأرضَ، فيما دخل ضيف مطالباً باستقباله بتصفيق أكثر حرارة، ما دفعه للخروج من مسرح العرض الذي تجسّد في طاولة صغيرة وُضع فوقها أوراق ومصباح إنارة، وقال مخاطباً الجمهور: «سأعيد مشهد الدخول، وأرجو أن تصفقوا لدخولي بحماسة»، الأمر الذي أضحك الجمهور وجذبهم لمتابعة العرض حتى نهايته. بتنقله عبر فقرات برنامج متخيَّل يحمل عنوان «فاصل ونواصل»، ناقشَ ضيف مستثمراً سمات شخصيته المرحة والمقرّبة من النفس، مواضيع تهم شريحة الشباب على وجه الخصوص، واستعرض التحديات التي تواجههم وكيفية حلّها بالحوار المثقف والواعي. جاء ذلك بأسلوبٍ طريف استعانَ بعرْضِ صور على شاشة مثبتة على خلفية المسرح المفترَض. من المواضيع التي طُرحت للنقاش: البطالة، الفقر، الهجرة غير الشرعية. وتحدث ضيف عن سيل المعلومات التي تتدفق على الإنسان المعاصر من كل حدب وصوب، عبر برامج الفضائيات وشبكات الإنترنت ووسائل التكنولوجيا المختلفة، بما يخلخل قناعاته ويشوش أفكاره ويُشعره دائماً بحالة من التشتت واللاتوازن، إذ بات العقل البشري شبيهاً بـ يو أس بي، الذاكرة التي تخزِّن المعلومات ضمن سعة محدودة، ولا يمكنها في حال امتلأت، استيعاب المزيد من المعلومات. وبذلك، يبدو الناس كأنهم سكارى يتخبطون، وتقع مسؤولية توجيههم في «ذمة الصاحي»، بحسب ما يؤشر عليه عنوان الأداء الفني الذي احتضنته قاعة البيت الأزرق في مؤسسة خالد شومان – دارة الفنون، 8 كانون الأول / ديسمبر 2009. العرض الذي استمر زهاء ساعة ونصف الساعة، أنشأ بيئة حوارية ثرية، إذ تفاعل الجمهور معه، وأدلى بعضهم بتجربة عاشها أو سمعها، أو طرح مشكلته، واستمع إلى ما اقترحه عليه آخرون لحلّها. عدد من الحضور أبدوا إعجابهم بالعرض الذي وصفه بعضهم بـ«المفيد والممتع»، مؤكدين أهمية عروض كهذه تخاطب بالفن الشرائح الاجتماعية والفئات العمرية المختلفة. من جهته، أوضح عصفور الذي شكّلَ ضابطَ الإيقاع للعرض بفواصله الموسيقية وبما عُرض من صور ولوحات على الشاشة، أن ميزة العرض أنه مستمد من اللحظة التي يُنتج فيها. وأضاف في حديث لـ ے، إن العرض يمتلك مرونة كبيرة تستجيب لطبيعة الجمهور ومتغيرات المكان الذي يقام به، كما أنه يشتمل على قدر كبير من الارتجال الذي يستند إلى ثقافة الفنان وموهبته، وقدرته على استثمار المستجدات وتسييرها لخدمة فكرة العرض. |
|
|||||||||||||