العدد 7 - الملف
 

العام الرابع على إطلاق مسرح البلد، كان شاهداً على تطوِّره الملحوظ، بخاصة في العامين التاليين لتأسيسه في شباط/فبراير 2005، لجهة تكريس التعاون الثقافي الإقليمي الذي يتميز به المسرح عبر مهرجانات ينظمها بشكل سنوي.

مدير المسرح رائد عصفور، يشير إلى «النجاحات الكبيرة»، التي يحيلها إلى المهرجانات ذات البعد الإقليمي، ومهرجان «حكايا» أبرزها، وهو يُعقدُ سنوياً بالتعاون مع الملتقى التربوي العربي في عمان، ويعمل على إعادة الاعتبار للحكاية في الفن والتعلم والحياة من خلال استقطاب عروض حكواتية ومسرحية مبنية على الحكاية من مختلف الدول العربية والأوروبية.

كذلك، يأتي مهرجان موسيقى البلد الذي استقطب عدداً من الفرق الشبابية والفنانين في المنطقة، وتركز على الموسيقى البديلة التي تحظى بجماهيرية عالية في المنطقة، إضافة إلى مهرجانات الأفلام مثل مهرجان الفيلم الفلسطيني، وأفلام الحرب.

بيد أن إطار العمل انتقل من الاحتضان إلى إنتاج عروض فنية مشتركة، حيث بدأ مسرح البلد بالعمل على إنتاجات مشتركة، مثل عرض «الانتظار ممنوع: رقص معاصر»، وهو إنتاج أردني- فلسطيني- هولندي مشترك، ما بين مسرح البلد وفرقة الفنون الشعبية الفلسطينية ومهرجان الرقص على الحافة وليجراند كور في هولندا. وقد عُرض العمل في الدول الثلاث المشاركة.

كما توّج المسرح إنجازاته العام 2009، في «تحقيق حراك ثقافي في المملكة»، وفق عصفور، بإصدار مطبوعة تعدّ الأولى من نوعها، متخصصة في رصد الفعاليات الثقافية والفنية في البلاد، مطلع كل شهر. تحمل المطبوعة التي تصدر باللغتين العربية والإنجليزية اسم أجندة واو البلد، وترأس سيرين حليلة إدارة فريق التحرير فيها، الذي يتألف من: لينا عجيلات، سعاد نوفل، ونسرين الحاج أحمد.

مشاريع مسرح البلد وأنشطته تجسِّدُ، كما يُبيِّن عصفور، هاجس فريق عمل المسرح، الذين أعادوا بث الحياة في عروق مبنى على هضبة تطل على الوسط التجاري لمدينة عمان، بمحاذاة درج قديم يصل ما بين جبل عمان/ الدوار الأول ووسط البلد، كان في الأصل داراً للعرض السينمائي تم بناؤها في بداية الخمسينيات، وهي سينما فرساي، إحدى الشواهد الثقافية على تاريخ مدينة عمان، والتي ما زالت تعمل بآلات عرضها القديمة إلى الآن.

في تلك المساحة وجدت إدارة المسرح (زين غنما، سمر دودين، لمياء الراعي، سامية سلفيتي، سيرين حليلة، غادة سابا، رسل الناصر، سحر خليفة، طارق الناصر، خالد نحاس، عامر الخفش، ورائد عصفور)، مناخاً مناسباً للمساهمة في إعادة تشكيل النسيج الثقافي، ولإنتاج الأنشطة الثقافية والفنية المختلفة في عمان، بسبب وجود المبنى في هذه المنطقة العتيقة من عمان، التي تعوزها مراكز تعنى بالتنمية الثقافية والمجتمعية، والمكان المقصود هنا يحمل إرثاً لماضٍ جـميل، يلعب مسرح البلد من خلاله دوراً رئيسياً في الحراك الثقافي في المدينة.

وكانت البداية من خلال ورشة عمل بعنوان «تطوير الأماكن الفنية البديلة»، أقامها المركز العربي للتدريب المسرحي بالتعاون مع صندوق شباب المسرح العربي خلال مهرجان أيام عمان المسرحية التاسعة في آذار/مارس 2002، بدراسة تحويل فضاءات موجودة إلى مساحات لفنون العرض المختلفة.

أشرف على هذه الورشة الخبير السويدي غيرتوفا فاغستام، والسينوغراف طارق أبو الفتوح من صندوق شباب المسرح العربي، ونظمها رائد عصفور من المركز العربي للتدريب المسرحي، وشارك فيها 11 مهندساً معمارياً وفناناً ومديراً فنياً من الأردن. وتم في الورشة اختيار سينما فرساي للعمل حولها وفيها كمشروع قابل للاستمرار والتطوير.

يوضح عصفور أنّ مسرح البلد ارتأى أن يجسد هذا المكان رؤية محلية وإقليمية وعالمية؛ فيشكل مسرح البلد محطة رئيسية في تجوّل الفرق والفنانين من العالم بجهاته الأربع، مشكّلاً نقطة التقاء ما بين الفنانين من الشرق والغرب والشمال والجنوب، إضافة إلى جعله نقطة التقاء بين أولئك الفنانين وبين الجمهور الأردني والعربي لتحقيق تواصل ونمو ثقافي وفكري وفني رفيع، مستفيدين من إمكانيات التقارب الجغرافية بين الأردن والدول العربية المجاورة.

ويرى أن ذلك تحقق من خلال استضافة مسرح البلد لكبرى الفعاليات الفنية والثقافية التي تجول المنطقة العربية والعالم وتلقى إقبالاً جماهيرياً منقطع النظير، مثل استضافة أوركسترا فلسطين الشباب، مسرحية «شارون وحماتي»، مسرحية «بوابة فاطمة» للمخرج روجيه عساف، الفنانة أميمة الخليل، الموسيقي طارق الناصر، الموسيقي كنان العظمة، الفنانة لينا شماميان، الفنان زياد سحاب، إضافة إلى عروض أفلام رئيسية حققت نجاحات في المنطقة، مثل فيلم الفلسطينية آنا ماري جاسر «ملح هذا البحر»، كما وقّع الشاعر محمود درويش دواوينه خلال الأعوام الماضية على خشبة مسرح البلد.

مسرح البلد: الفن يُعيد الاعتبار إلى وسط البلد
 
01-Jan-2010
 
العدد 7