العدد 3 - الملف | ||||||||||||||
أفرزت السنوات الأخيرة أنماطاً جديدة من السخرية والكوميديا، ساهم في بلورتها كتّاب ورسامو كاريكاتير وظّفوا تقنيات العصر فنّياً، واتجهوا نحو الكرتون المتحرك، والمدونات الشخصية، وجعلوا من شخصيات كوميدية حقيقية أبطالاً كرتونية. فلم تعد الأدوات التقليدية في النشر كافية. رسام الكاريكاتير عماد حجاج من الأوائل في هذا المجال، إذ بعثَ الروح في شخصيته الكرتونية المعروفة شعبياً على نطاق واسع «أبو محجوب»، فقُدّمت في برامج تلفزيونية. وجرى توظيفها في حملات توعوية واجتماعية، مثل: ترشيد استهلاك المياه، والحد من ظاهرة إطلاق العيارات النارية، والوقوف ضد جرائم الشرف. حجاج افتتح مدونة شخصية باسم أبو محجوب العام 2000، وجرى تداول رسائل خلوية مدفوعة الثمن تعرض مواقف كوميدية لـ«أبو محجوب». الكاتب أحمد حسن الزعبي وظّف شخصية الفنان الكوميدي موسى حجازين، كاريكاتيرياً. الفكرة بحسب الزعبي تأتي في محاولة تكريس «سمعة» بوصفه شخصية كوميدية أردنية على غرار «غوار» في سورية، و«شوشو» في لبنان. و«سمعة» كما يرى الزعبي، يمثل المتقاعد الأردني: «شهم، وحمش، ولا يقبل الظلم». الزعبي يؤكد أن مواقف «سمعة» تكون في الغالب قفشات لا تكفي الكتابة وحدها للتعبير عنها، لذلك يتم تحويلها إلى رسم بريشة أسامة حجاج، وهي عبارة عن «أفكار» يتقاسمها الزعبي وحجازين. من جهته، يرى عماد حجاج أن شخصية «أبو محجوب» عكست صورة إيجابية عن المجتمع الأردني، بأنه مجتمع فرح ويتمتع بروح ساخرة، وساهمت في إزاحة الصورة النمطية عن الأردنيين بأنهم «شعب كشر». يشير حجاج إلى أن مصير الرسوم الراقية التحوُّلَ إلى فن متحرك، لكنه يشير إلى صعوبة التقاء عدد من المبدعين معاً لتحويل الشخصيات الكرتونية إلى مسلسل. حجاج يقرّ بأن الفضاء الإلكتروني ساهم في رفع سقف الحرية عبر نشر الرسوم التي ترفض الصحف نشرها، كاشفاً أنه خضع أحياناً لضغوط من رؤساء التحرير لمنع الإشارة إلى أن رسماً من رسوماته تم منعه، كي لا يُنظَر إلى الموضوع على أنه «مزايدة على الصحيفة». الزعبي من أبرز المدونين الساخرين في البلاد، ويبرر توجهه نحو الشبكة العنكبوتية بقوله إنها «توفر سقفاً لا توفره الصحيفة الورقية»، كما أن «الفولتية العالية» من التعبير أو التعليق لدى الكاتب الساخر، تدفع الرقيب إلى منع المقالة أو «تقليمها بشكل جائر»، مما «يفقدها الكثير من جماليتها، وجزءاً كبير من فكرتها وهندستها». المقالة الساخرة، بحسب الزعبي، «مبنية على المفارقة ووحدة البناء، منذ الكلمة الأولى إلى النقطة الأخيرة في السطر الأخير». من هنا جاءت فكرة إنشاء موقع إلكتروني خاص به أسماه سواليف يحمل اسم زاويته اليومية في صحيفة الرأي. يستهدف الموقع «نشر الممنوع وتعليم الممحي وقول المسكوت عنه، بعيداً عن عين الرقيب ومقصه». ينظر الزعبي إلى الفضاء الإلكتروني، بوصفه «فضاء مدهشاً»، يتيح «فرصاً كبيرة للنشر دون عقبات الصحافة التقليدية وعُقدها وعوائقها»، كما يمكّن الكاتب من «قول ما يود قوله ضمن الحرية المسؤولة، والتفاعل مع القارئ وتبادل الأفكار وفتح النقاش أمام كل من يبحر في هذا اليمّ الإلكتروني». أما الكاتب يوسف غيشان، فيرى أن «استخدام تقنيات الإنترنت صار ضرورياً جداً للجميع»، وهو في حالته «متنفس كبير، وصدر حنون» يبكي عليه حين يضيق صدر رئيس التحرير عن كتاباته. غيشان افتتح منذ ثلاث سنوات مدونة له على موقع مكتوب يضع فيها كل ما نُشر له من كتابات وما لم يُنشر، ولقيت المدونة بحسبه «إقبالاً جيداً آنذاك». الملفت أن غيشان نشرَ في المدونة كل كتاباته، بما فيها الممنوعة، دون أن تراجعه الأجهزة الرسمية أو تحذّره، وهذا يدل على أن «رؤساء التحرير يشرعون بالشطب قبل أن نقترب من الخط الأحمر بعشرة أمتار على الأقل»، بحسب تعبيره. يرى غيشان أن «المدونات والمواقع الإلكترونية تضع الكاتب أمام قرّاء في كل مكان في العالم»، كما أن «القرّاء يستطيعون التعليق على الكتابات أو التحاور مع صاحبها». غيشان يدعو إلى عدم التغاضي عن قرارات منع نشر المقالات. يقول: «علينا أن نقاتل من أجل صحافة ورقية أكثر تحرراً، وقوانين مطبوعات ونشر أكثر عصرية». |
|
|||||||||||||