العدد 7 - الملف | ||||||||||||||
«شراكة» ثقافية وعلمية ثلاثية من نوع خاص، مكّنت أطرافها من ترك بصماتهم على خارطة التميز في مجال الترجمة والنشر، وشكّلت أرضية صلبة لحصد اثنتين من أهم الجوائز العربية في عامين متتاليين؛ جائزة الشيخ زايد الدولية للترجمة العام 2008، وجائزة خادم الحرمين الشريفين للترجمة العام 2009. هاتان الجائزتان، فاز بهما أستاذ علم الاجتماع والمترجم المحترف من اللغة الإنجليزية وإليها فايز الصيّاغ، وذلك عن عملين موسوعيين ترجمهما إلى العربية؛ الأول علم الاجتماع، لمؤلفه عالم الاجتماع البريطاني Anthony Giddens، والثاني عصر رأس المال 1848-1875 للمؤرخ البريطاني Eric Hobsbawm. الشريكان الآخران، أولهما؛ «مؤسسة ترجمان» للترجمة والنشر التي أسّسها في عمّان العام 2003، رئيس مجلس إدارة ے مصطفى الحمارنة، وفايز الصياغ. وثانيهما؛ «المنظمة العربية للترجمة» في بيروت، التي يرأسها عالم الاجتماع العربي الطاهر لبيب، وتعمل تحت مظلة مركز دراسات الوحدة العربية. هذا التعاون الثلاثي، رفد المكتبة العربية إلى جانب الكتابين الفائزين بجائزتي الترجمة، بكتاب آخر مترجم للمؤرخ هوبْزْباوْم عصر الثورة، (أوروبا 1789-1848). على خلفية الشراكة بينهما، تتوزع «ترجمان» و«المنظمة العربية للترجمة» الأدوار، فتقوم الأولى بالحصول على حقوق الترجمة والنشر من الناشر والمؤلف الأجنبي، إضافة إلى جمع التمويل الطوعي وغير المشروط من مؤسسات أردنية لدعم عمليات الترجمة. أما المؤسسة الثانية، فتتولى من خلال مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت نشر الكتب المترجمة وتوزيعها في المنطقة العربية والعالم. الجهد العلمي والعملي في الترجمة والنشر الذي ترعاه «ترجمان» و«المنظمة العربية»، يلبي حاجة فئات من القراء العرب، في مقدمتهم أساتذة الجامعات وطلبتها والباحثون، إلى مراجع قيّمة تفتقد إليها وإلى مثلها المكتبات الجامعية. أستاذ علم الاجتماع في «الأردنية» إبراهيم عثمان، يعدّ كتاب أنتوني غِِدِنْز من الكتب الشاملة، لافتاً إلى أن أساتذة علوم اجتماعية يستعينون به في التدريس في جامعات أردنية، مؤكداً أنه من المراجع الممتازة، وأن أساتذة كثيرين يوجهون طلبتهم للرجوع إليه. عثمان أشاد ليس فقط بجودة الترجمة لهذا المرجع، وإنما كذلك بـ«الإضافات» التي اشتمل عليها. «الإضافات» بحسب ما أوضح الصياغ هي «مدخلات عربية لعدد كبير من مختصي العلوم الاجتماعية العربية والمفكرين العرب المعاصرين»، وضعها في أطر داخل النص المترجم. المصداقية التي تتمتع بها جائزتا خادم الحرمين والشيخ زايد، تضفي أهمية خاصة على المنتوج، فكتاب عصر رأس المال بحث ناقد لتطور الرأسمالية، وهذا ليس موضع اهتمام خاص في دول الخليج العربي التي تشكل الرأسمالية خيارها الاقتصادي، فضلاً عن أن هوبْزباوْم مؤلف الكتاب، شيوعي تجاوز التسعين وما زال متمسكاً بشيوعيته، ويهودي أصلاً، وإن كان معادياً للصهيونية. أما كتاب علم الاجتماع، فقد فاز بجائزة ترشح لها 700 كتاب من خلال دور نشر عربية. أهمية الجائزتين اللتين فاز فيهما الصياغ، لا يمكن فصلها عن مكانة الكتابين المُترجَمَين ومؤلفيهما. فـ«غدنْز»، هو أحد أبرز العلماء الاجتماعيين في الغرب، وأكثرهم حداثة وتأثيراً في البلاد الناطقة بالإنجليزية. وأصدر خلال العقود الثلاثة الفائتة أزيد من 35 مؤلفاً في العلوم الاجتماعية. أما هوبْزْباوْم فبإصداره العام 1994 عصر التطرف: وجيز القرن العشرين، 1914-1991، يكون قد استكمل رباعيته التي سبقتها ثلاثيته المكونة من عصر رأس المال، عصر الثورة، وعصر الإمبراطورية. وتأكيداً على مكانة المؤرخ البريطاني، يقول مصطفى الحمارنة، أستاذ التاريخ السابق في «الأردنية» في تقديمه الطبعة العربية من عصر الثورة، إن منهج هوبْزْباوْم في التحليل التاريخي قد «أسهم، إلى حد كبير، في بلورة نظرته (أي الحمارنة) كمؤرخ اجتماعي سياسي، إلى التاريخ العربي المعاصر، ومقاربته لمجمل القضايا الواقعية التي يواجهها الوطن العربي». |
|
|||||||||||||