العدد 7 - الملف
 

طبيعي أن تسمع شخصاً يهدد آخر باللجوء إلى «الأمن العام» لفض خلاف قائم، لكن الجديد أن تسمع من يهدد باللجوء إلى مدير إذاعة الأمن العام لحل خلاف مزمن.

بنبرة تهديد شديدة قال أحد تجار وسط البلد بعد جدل طويل مع صاحب سيارة حاول التوقف أمام متجره الذي تنتصب أمامه إشارة «ممنوع الوقوف أو التوقف»: «والله لأتّصِل بعصام العمري»!

توقف صاحب السيارة، فيما واصل صاحب المتجر التهديد والصراخ، محمّلاً شرطة السير مسؤولية توقف السيارات أمام متجره بشكل مخالف، قائلاً: «لو في شرطة سير تخالفهم ما بيوقفوا».

خمس ساعات فصلت بين مشاهدتي لهذا الحدث، ولقائي مع مدير إذاعة الأمن العام

أمن F.M ومقدم البرنامج المفتوح عصام العمري الذي أكد التفاعل الكبير من قبل المواطنين مع الإذاعة.

وفق العمري، فإن دور الإذاعة يتعدى دور الوسيط بين صاحب الشكوى والشخص المسؤول، إلى إسهامها في ترسيخ مفهوم إشراك المواطن في حل المشكلات العالقة من خلال عرضها على المسؤولين، معلّقاً نسب النجاح في حل القضايا العالقة على مدى تجاوبهم، ومؤكداً أن الإمكانيات تظل قائمة إذا توافرت الرغبة لدى المسؤول.

قد تكون العلامة الفارقة التي شكلتها إذاعة الأمن العام التي انطلقت رسمياً في 24 كانون الثاني/ يناير 2007 بين الإذاعات الأردنية، هي مخالفتها التوقعات المسبقة للدور الذي ستقدمه كإذاعة انطلقت من رحم جهاز أمني.

خلافاً للصورة التي كانت متوقعة، لم تأتِ الإذاعة أمنيّة بالصورة النمطية، بل ركزت على مفهوم الأمن الشامل؛ الأمن المروري، الاقتصادي، الاجتماعي، النفسي.. والأمن التربوي.

رغم تركيز الإذاعة على مفهوم الأمن الشامل، إلا أن الأمن المروري شكّل نكهةً مميزة لها من خلال البرنامج المفتوح الذي يعالج القضايا المرورية في ساعات الذروة الصباحية من خلال تقديم رسائل توجيهية للسائقين حول أماكن الازدحام والحوادث، وحتى أماكن وجود الرادارات.

وحول الرسائل التوجيهية التي تقدم في البرنامج لتلافي المخالفات المرورية يشرح العمري: «رسالة أمانة عمان التحصيل، ورسالة السير الضبط والمخالفة، أما رسالة الإذاعة فهي التحذير لتخفيف الأضرار».

ما يميز البرنامج الذي يشار إليه كأحد أسباب الانتشار الجماهيري للإذاعة، سرعة الاستجابه للرسائل التي ترد من المتصلين حول أماكن الازدحام والحوادث ونقلها مباشرة إلى الجهات المختصة، إضافة إلى نقل الصورة المرورية من خلال غرفة عمليات السير والطائرة العامودية.

الانتشار الجماهيري الذي حققه البرنامج فتح شهية الإذاعات الأخرى لخوض غمار التجربة و«كسر احتكار» وتفرد راديو أمن F.M بقضايا المرور، شهية وأدها رفض الأمن العام، متعللاً بصعوبة فتح المنظومة العسكرية التي يتم التعامل معها في نقل الصورة المرورية أمام الإذاعات الخاصة، إضافة إلى قلة عدد الكادر البشري الموجود في غرفة العمليات.

لكن العمري يكشف حقيقة الرفض بقولة: «من حق صاحب الفكرة احتكار فكرته، لأنها سبب نجاحه»، مؤكداً أن على كل إذاعة عليها «أن تجد فكرة تحقق لها قدراً أكبر من الانتشار».

إلى جانب البرنامج المفتوح تعمل برامج عدة رديفاً للفكرة المرورية، كبرنامج «أحمر أصفر اخضر»، الذي يقدمه الملازم ثانٍ عمار مد الله، ويعنى بالتثقيف والتوعية المرورية، وبرنامج «مع تحيات العم غافل» المروري التوعوي الموجه للأطفال والطلبة، والذي يجري بثه بالتنسيق مع المعهد المروري الأردني ووزارة التربية والتعليم.

يبدو العمري راضياً عن مدى الانتشار، كاشفاً عن تلقي الإذاعة أكثر من 700 رسالة يومياً، لتحتلّ مركزاً متقدماً في ترتيب الإذاعات الاردنية وفقا لدراسة أعدها برنامج تدعيم وسائل الإعلام في الأردن، حيث احتلّ المركز الثامن ضمن العشر الأكثر استماعاً.

العمري لا يلقي بالا للدراسة التي حمل عليها عدم اختيارها لعينه تمثل مختلف الشرائح الاجتماعية، مبيناً أن «العينة التي تعتمد في الاستطلاعات لا تمثل الشرائح الاجتماعية بشكل حقيقي»، وأن الاستطلاعات تعتمد عينة موظفي المكاتب، فيما تمثل الطبقة الشعبية غالبية مستمعي الإذاعة.

يقول العمري بثقة: «لا يهمنا أن تكون الإذاعة أولاً أو أخيراً، ما يهمنا أن نعثر على محفظة ضائعة ونعيدها إلى صاحبها».

الانتشار انعكس على حجم الإعلان، والذي وصل 750 ألف دينار منذ انطلاقتها، وهي مبالغ سخّرت لتغطية نفقات الإذاعة وتطويرها بهدف تقليل العبء عن ميزانية مديرية الأمن العام التي كانت تتكفل بمصروفات الإذاعة.

إذاعة أمن F.M التي يتطلب زيارتها الحصول على تصريح دخول إلى مديرية الأمن العام التي تقبع الإذاعة في داخلها، لم تكبلها تلك الإجراءات، ولم تحد من سقف الحرية التي تفرضها المهنية الإعلامية، لكنها كما يقول العمري «حرية مسؤولة»؛ حرية تصل حد متابعة قضايا الفساد والرشاوى داخل جهاز الأمن العام وعلى الهواء مباشرة، وبتنسيق مباشر مع مكتب مدير الأمن العام.

الإذاعة، ومن خلال هذه المتابعة الجريئة، تسعى إلى رسم صورة حقيقية لرجل الأمن لدى المواطن، بوصفه مفوضاً من قبل المجتمع للمحافظة عليه، وليس «ملاكاً» أو منزهاً عن الأخطاء.

«أمن F.M»: إذاعة نبض الشارع
 
01-Jan-2010
 
العدد 7