العدد 7 - الملف
 

بدت عبارة «أسرى أردنيون» غريبة وجديدة بعض الشيء على الرأي العام عندما بدأت تتردد على لسان بعض أهالي هؤلاء الأسرى الذين شكلوا العام 1997 لجنة متواضعة، لكنها مثابرة، بذلت جهوداً كبيرة كي تنتزع الاعتراف حتى على المستوى الإعلامي، بعد تردد صحف كثيراً في البداية عن متابعة القضية.

غير أنّ نشاط الأهالي تواصل وبعناد إلى العام 2005 عندما جرى توسيع العمل وتنظيمه بتشكيل «اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى والمفقودين الأردنيين في السجون الصهيونية»، وهي التي أخذت تضمّ النقابات المهنية ومجموعة من الأسرى المحررين سابقاً والمنظمة العربية لحقوق الإنسان، إلى جانب لجنة أهالي الأسرى.

مقرر اللجنة الوطنية ميسرة ملص يؤكد أنّ المعلومات الأساسية الأولى جمعها الأهالي، وأنّ تشكيل اللجنة الوطنية كان تتويجاً وتطويراً للنشاط السابق، ما جعل من قضية الأسرى عنواناً لقضية مهمة في الرأي العام من خلال التنسيق بين كل الأطراف المنضوية فيها. ويسجل ملص هنا إشارة إلى نشاط صالح العجلوني، شقيق «الأسير المحرر» سلطان، وعطية فريج والد المفقود محمد فريج.

يضيف ملص أنّ إنجاز تحرير الأسرى الأربعة، سلطان العجلوني ورفاقه، وهو الحدث الأبرز في هذا السياق، جعل كثيراً من المتابعين يخشون أن يتوقّف عمل اللجنة أو يتقلّص.

ويوضح ملص أنّ التحدي في العام 2009 كان مواصلة العمل، وتثبيت إنجاز الاعتراف بالقضية وبحق اللجنة في متابعتها، وما هي إلا أشهر قليلة حتى تيقن الأهالي أنّ العمل متواصل. يقول: «أضفنا بقوة عنوان المفقودين وجثامين الشهداء، ما دفع عدداً من الأهالي الذين كانوا يئسوا أو نسوا قضايا أبنائهم إلى أن يبادروا للتبليغ عنهم، فقد شعروا أن هناك أملاً فعلياً في تحقيق إنجاز».

يقول ملص إنّ اللجنة لم تواجه مشكلة في الاعتراف بها من مختلف الأطراف المحلية بما فيها الطرف الرسمي الحكومي، ولم تتعرض لضغوط أو معيقات قوية، رغم أنّ الحكومة لم تكن قد سجلت هذه القضية ضمن مهماتها حتى في فترة التفاوض لتوقيع معاهدة وادي عربة، كاشفا أنّ رسميين أردنيين أكدوا أنهم لم يكونوا يعلمون بوجود أسرى، إضافة إلى تصريحات رسمية للإعلام أنه لا يوجد سوى بعض السجناء الجنائيين، وهو ما جعل الحكومة في مرحلة لاحقة تطالب اللجنة بما لديها من معلومات.

غير أنّ ملص يسجل نقطة تعارض واشتباك مهمة في مسيرة قضية الأسرى بالسلطة الرسمية، وذلك عندما جرى الضغط بمختلف السبل لمنع «اللجنة» من الاستعانة بحزب الله اللبناني في شمول الأسرى الأردنيين بصفقة التبادل التي أجراها الحزب العام 2004.

مسيرة لجنة الأهالي واللجنة الوطنية، تشكّل مسيرة منظمة مجتمع مدني، فهناك قضية حقيقية كانت مغيّبة ثم وجدت من يتطوع للنشاط من أجلها وبإشتراك الأطراف المعنية مباشرة، أي أهالي الأسرى الذين انخرطوا في أعمال جديدة بالنسبة لهم؛ مسيرات، اعتصامات، توقيع عرائض، مخاطبات لجهات محلية ودولية، وغيرها من النشاطات، يضاف إليها أنّ تمويل النشاط تمّ من قبل مجمع النقابات، حيث يؤكد ملص أنّ المجمع تعامل مع اللجنة من ناحية التمويل كما يتعامل مع بقية لجانه، غير أنه يشير إلى أنّ «اللجنة» مارست عملها باستقلالية.

ثمة تأثير بارز لعمل اللجنة، يكمن في أنها تجاوزت تقصيراً رسمياً في مجال يُعدّ من مهام رؤساء الحكومات ووزراء الخارجية والسفراء، الذين لم يبادر أيٌّ منهم إلى طرق الموضوع مع الطرف الإسرائيلي، طيلة سنوات عديدة بعد معاهدة وادي عربة.

تنوَّعَ نشاط «اللجنة» وشمل ميادين مختلفة، فقد بادرت في بداية عملها إلى إصدار كتاب بعنوان «الأحرار في زمن الانكسار»، ووزعت ملصقات توضع على السيارات تطالب بتحرير الأسرى مع عبارة «الحرية لأسرانا في سجون العدو الصهيوني». كما تمت متابعة الشؤون الحياتية والإنسانية لعدد من الأسرى وعائلاتهم، فعلى سبيل المثال أشرفت اللجنة ومولت عملية صيانة منزل لأحد الأسرى وأسهمت في تنظيم دراسة ابن أسير آخر، ومولت إجراء عملية جراحية لأسير محرر، وتابعت بعض قضايا سحب الجنسية لبعض الأسرى.

ما زالت اللجنة تشعر أنّ قضيتها لم تنتهِ، وفي كل شهر لديها نشاط أو أكثر، وقد أعدت قوائم بأسماء الأسرى والمفقودين، ونجحت في الحفاظ على وتيرة نشاط الأهالي، بل إنّ حيويتهم ازدادت، فقد تم تسجيل وتثبيت قضية وطنية تحت اسم بات معروفاً على نطاق واسع هو «الأسرى والمفقودون الأردنيون في السجون الصهيونية».

«اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى والمفقودين...»: التعريف للمرة الأولى بأسرى أردنيين في إسرائيل
 
01-Jan-2010
 
العدد 7