العدد 7 - الملف | ||||||||||||||
لم تكن مجموعة نُقل بعيدة عن هموم المواطنين، وهي تجري الدراسات والمسوحات للتعرّف على المناطق الأشدّ فقراً، لدعمها وتحفيزها تنموياً، في تمثّل راقٍ لمسؤوليتها الاجتماعية تجاه المجتمع المحلي. مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة، عرّف المسؤولية الاجتماعية للشركات بأنها «الالتزام المستمر من قبل شركات الأعمال بالتصرف أخلاقياً، والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والعمل على تحسين نوعية الظروف المعيشية للقوى العاملة وعائلاتهم، والمجتمع المحلي والمجتمع ككل». الكورة، بالنسبة لمجموعة نُقل، حكاية نجاح ثنائية؛ نجاح للمجموعة في مسعاها التنموي، ونجاح للمجتمع المحلي المستهدف ببرامج أثّرت إيجاباً في حياة السكّان. القرية الشمالية حظي نحو 275 شاباً وشابة من أبنائها خلال العام 2009 بفرص اكتساب مهارات الحياة العصرية، والتمكين للنهوض بقدراتهم، وأخذ دورهم التنموي في المجتمع. كل ذلك تحقّق بواسطة مجموعة نُقل، التي أخذت على عاتقها خدمة المجتمع المحلي، بكل ما تحمله المسؤولية الاجتماعية من معنى. لم يعتقد محمد حرز الله أنه سيحظى بفرصة الحصول على منحة جامعية من مؤسسة نُقل الخيرية تمكنه من تحقيق حلمه في إكمال الدراسة الجامعية. حرز الله حقق حلمه في مواصلة إكمال دراسته؛ إذ يلتحق في قسم علوم الحاسوب في جامعة اليرموك بمستوى السنة الثالثة، على نفقة المؤسسة، بعد أن واجه صعوبة في دراسة الفصل الأول، الذي كان قد اقترضه من أصدقاء. بحصوله على هذه المنحة، فإن الخوف من المستقبل تبدد، على غرار 76 شاباً وشابة من أقرانه الذين نالوا منحاً جامعية، توفر لهم الرسوم الدراسية، وجزءاً من المصروف الشخصي الذين يعينهم في حياتهم الجامعية. ويؤكد حرز الله، الذي يلتحق في برامج تدريبية وفرت له من قبل المجموعة، أهمية تلك البرامج في إكسابه مهارات الحياة العصرية، لتمكينه من دخول سوق العمل بعد التخرج، معبّراً عن سعادته بعد أن نال منحة دراسية، وهو الذي كان يخشى عدم القدرة على مواصلة تعليمه الجامعي؛ بخاصة أنّ شقيقه الأكبر هو المعيل الوحيد لأسرته المكونة من خمسة أفراد، بعد أن وافت المنية والده العام 1993. طالبة الهندسة الميكانيكية في جامعة البلقاء التطبيقية إيناس جودت، تؤكد أنّ حصولها على منحة دراسية مكنها من مواصلة تعليمها الجامعي من دون شعور بالخوف من المستقبل. مثلها في ذلك كان حمزة بني صالح الذي استطاع أن يشارك في تنمية أقرانه من شبان لواء الكورة، بعد أن التحق في برامج تدريبية مكّنته من اكتساب مهارات المعلوماتية التي أهّلته لدخول سوق العمل. وهو يشير إلى أنه تمكن من خلال مجموعة نُقل من تنفيذ مشروع تنموي في لواء الكورة، لتطوير محطة معرفة بلدية دير أبي سعيد، التي عُرفت بالمناطق الأكثر فقراً على مستوى المملكة. ويبيّن أنّ مشروعه تمثّل في الحصول على تبرع بأجهزة كمبيوتر قديمة من مديرية التربية والتعليم في اللواء، وتطويرها لاستخدامها في إكساب أبناء المنطقة مهارات تكنولوجيا المعلومات. في العام 2008، سعت المجموعة إلى «مأسسة» العمل الخيري الذي تقوم به، عندما أطلقتْ «مؤسسة إيليا نُقل الخيرية»، كذراع للأعمال الخيرية والإنسانية للمجموعة، تهدف لمأسسة الجهود المبذولة في قطاع الأعمال الخيرية، ولإحداث التغيير في حياة الأردنيين. وقد خصّصت نسبة من أرباح المجموعة لمصلحة هذه المؤسسة. رئيس هيئة المديرين لمجموعة نُقل، إيليا نُقل «أبو غسان»، وفي حديثه لـ ے، يؤكد أنّ الحرمان من التعليم الذي اختبره، هو الذي قاده إلى هذه المشاريع. حكايته التي تعود تفاصيلها إلى حصوله على مقعد دراسي في الجامعة الأميركية ببيروت العام 1948، وعودته إلى الأردن بعد بضعة أيام من الدراسة، لعدم توافر المال اللازم للمصروف والطعام. ويبيّن نُقُل المولود في الرملة في الخامس والعشرين من كانون الأول/ديسمبر 1928، أنه كان من الأوائل في المدرسة، وأنّ رغبته كانت تتجه لدراسة الهندسة، وهي الرغبة التي لم تتحقق، عندها عمل محاسباً في إحدى شركات المواد الغذائية، ليقرر بعدها العمل مع أشقائه وإقامة مشروعهم الخاص. العام 1952 حصل على رخصة استيراد مواد غذائية، وبدأت شركة «نُقل أخوان» تزاول عملها باستيراد مواد غذائية مختلفة وتسويقها في سوق السكّر وسط عمان. دشَّن أوّل نشاط صناعي العام 1958، باستيراده رولات ورق تواليت بأحجام كبيرة ومن ثم تقطيعها إلى أحجام صغيرة وتغليفها لتأخذ طريقها إلى السوق المحلي، حتى تمكن من توسيع نشاطه الصناعي العام 1962، في وقت كان يوزع فيه «فاين الجيب» مجاناً في دور السينما؛ بهدف تعريف المواطنين على المنتج والترويج له. ذكريات نجاح جميلة تمرّ في خاطر نُقل اليوم، حين ينظر إلى مجموعته ويراها تضم 31 شركة، تصدّر منتجاتها إلى 45 دولة، ويعمل فيها نحو 6 آلاف موظف، إضافة إلى نيلها العديد من الجوائز والأوسمة؛ محلية وعربية وعالمية في مجالات قوة العلامات التجارية، إضافة إلى وسام الحسين للتميز العام 2002. المجموعة تترجم فلسفتها «لننمو معاً»، وتتيح لموظفيها التعاضد لتنمية مجتمعهم من خلال المسؤولية الاجتماعية للشركة، لتسعى إلى دعم المجتمع وتغييره بطريقة صحيحة. نائب رئيس هيئة المديرين غسان نُقل يبين أنّ سياسة الشركة تتمحور في تمكين المجتمع في إطار تطبيق مسؤوليتها الاجتماعية. المجموعة، وبعد تحليل المعطيات وتبادل الأفكار والآراء مع عدد من منظمات المجتمع المدني، قررت أن توحد جهودها في منطقة واحدة، ليكون الأثر المتوخى منها أكثر فعالية، بدلاً من تقديم الحلول لمشاكل بسيطة ومتناثرة في جميع أرجاء المملكة. استهدفت المجموعة منطقة الكورة في برامجها، بوصفها إحدى جيوب الفقر في الأردن، وأعدت خطة لتحليل أبرز احتياجات المنطقة ودراسة المسائل التي يمكن معالجتها من خلال إحداث تغيير منهجي في المجتمع بمساعدة المنظمات التي تمتلك أفضل الخبرات والكفاءات. عقدت المجموعة شراكة مع تكية أم علي، وقامت بتوفير الطعام للعائلات المحتاجة وللمدارس في المنطقة، كما شاركت في تنفيذ برامج التكية التي تعمل على تمكين شبان المنطقة؛ من خلال تنفيذ مشاريع مستدامة كبرنامجي «مضياف» و«مشاوير». من خلال شراكتها مع شبكة الأردن؛ ومراكز المعرفة، أسست شبكة شبان في لواء الكورة لتنفيذ مشروع تدريب الشبان على تحمل المسؤوليات المطلوبة منهم؛ لجعل مجتمعاتهم المحلية أماكن أفضل للعيش لأنفسهم ولأسرهم. كما افتتحت المجموعة مكتبة عامة العام 2008، لتعزيز مساهمات المجتمع في مجال محو أمية الأطفال وعائلاتهم. غسان يرى أن النجاح الذي تحقّق حتى الآن، تمثّل في تحفيز جهود أبناء المجتمع ومساهماتهم؛ وتهيئة فرص التدريب والعمل داخل المجتمع، وهو ما أوجد نموذجاً يكفل حلولاً أكثر استدامة في المنطقة؛ ويحتذى به في المستقبل. |
|
|||||||||||||