في مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر 2009، كان مدير العمليات في شركة ميكروسوفت العالمية كيفن ترنر يزور الأردن، مجدّدا التزام الشركة العالمية بتواجدها في المملكة واستمرارها في لعب دور فاعل على صعيد تحويل الأردن إلى بوابة للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للمنطقة.

تصريحات ترنر لم تأتِ من فراغ، فقد سبقته إلى الأردن كبريات الشركات العالمية العاملة في مجال قطاع تكنولوجيا المعلومات، مخصصة عشرات الملايين من الدولارات للشراء أو للاستثمار في مشاريع، بدتْ عند انطلاقتها الأولى محلية، إلا أن الجهود التي وقفت وراءها نقلتها إلى العالمية.

قصص نجاح كبيرة سجلها قطاع تكنولوجيا المعلومات الأردني العام 2009، بدا فيها غير متأثر بالأزمة المالية العالمية التي عصفت بجميع القطاعات، وهو الذي استقطب اهتمام كبريات الشركات العالمية، مقدمة اعترافاً بتميزه وقدرته على المنافسة إقليمياً وعالمياً.

القطاع الذي ينمو، بحسب أرقام ودراسات، بمعدل 30 في المئة سنوياً، لفت إليه أنظار شركات عملاقة؛ ياهو، ميكروسوفت وغوغل، ليحقق نقلة نوعية، يرى معها خبراء ضرورة إيلاء هذا القطاع عناية كبيرة، بخاصة الموارد البشرية التي تعد العصب المحرّك له، فضلاً عن التفكير الجادّ والمنتج في توجيه القطاع نحو مزيد من النمو.

الأرقام الرسمية تظهر أن هنالك 78 رخصة اتصالات عامة في المملكة تقدم خدمات الخلوي والثابت والإنترنت، فيما يقدّر عاملون في القطاع عدد شركات تكنولوجيا المعلومات بأكثر من 250 شركة، منها أكثر من 10 تعمل في مجال محتوى الإنترنت.

لعلّ هذه الأرقام، وتلك الصفقات الكبيرة، لم تغب عن بال ترنر وهو يقرّر أن الأردن «بوابة رئيسة ومهمة لتكنولوجيا المعلومات في المنطقة وهناك العديد من التطورات المهمة التي تحدث في المملكة على هذا الصعيد».

صفقة مكتوب و«ياهو»

أواخر آب/أغسطس 2009، وقعت شركة ياهو العالمية رسمياً على اتفاقية تقضي باستحواذها على موقع مكتوب دوت كوم، الذي انطلق من الأردن، ويمثل أكبر بوابة لمستخدمي الإنترنت في العالم العربي، إذ يضم أكثر من 16.5 مليون مستخدم.

وبهذه الصفقة، تدخل ياهو للمرة الأولى دائرة الاستخدام العربي لشبكة الإنترنت، وهو ما سيؤدي إلى دعم انتشار خدمات الإنترنت في العالم العربي، بحسب الرئيس التنفيذي

لـ ياهو كارول بارتز التي ترى أن الاتفاقية من شأنها أن تسرّع استراتيجية ياهو للتوسع في الأسواق الصاعدة ذات النمو العالي، مبينة أن الصفقة أتاحت لـ ياهو أن يكون متوفراً بالعربية في جميع أنحاء المنطقة.

وفي الوقت الذي ازداد فيه عدد مستخدمي الإنترنت في الشرق الأوسط إلى أكثر من عشرة أضعاف منذ العام 2000، ما زالت معظم الأسواق في المراحل الأولى من التطبيق. ووفقاً لتقارير البنك الدولي، هناك أكثر من 320 مليون عربي في العالم، بينما تصل نسبة المحتوى المتوافر باللغة العربية على شبكة الإنترنت أقل من 1 في المئة.

ومع دمج جمهور وأنظمة كل من ياهو ومكتوب دوت كوم، ستتوفر قدرات وصول متطورة للتواصل على الإنترنت في المنطقة. كما يتوقع أن ترتفع نسبة الإنفاق على الإعلان على الإنترنت في المنطقة بين 35 و40 في المئة خلال الفترة المقبلة، بحسب مراكز أبحاث.

في العام 2000، قام سميح طوقان وحسام خوري بتأسيس موقع مكتوب.كوم، كأول موقع عربي يقدم خدمة البريد الإلكتروني المجاني باللغتين العربية والإنجليزية، ونما منذ ذلك الحين ليصبح أكبر مجتمع عربي على الإنترنت.

في أعقاب الإعلان عن الصفقة، أكد سميح طوقان أن «هذه الشراكة تطور طبيعي بين ياهو ومكتوب، وأن هذه العلاقة «من شأنها أن تبعث النشاط في سوق الإنترنت في المنطقة بشكل عام».

مدير عام مكتوب دوت كوم أحمد ناصف، بين أن الشراكة ستتيح لمستخدمي الإنترنت في العالم العربي الوصول إلى حقيبة محتويات واسعة، إضافة إلى منتجات اتصالات عالمية باللغة العربية، كما أن المعلنين سيستفيدون من امتداد ووصول واسع للموقع الجديد للتسويق عبر جميع أرجاء المنطقة».

اتفاقية الشراء هذه تندرج ضمن استراتيجية ياهو الواسعة لتنمية أعمالها في الأسواق الصاعدة من خلال وصل المستهلكين بالمعلومات والخدمات التي تهمهم وبلغتهم المحلية. وتتولى مجموعة أعمال الأسواق الصاعدة في سنغافورة مسؤولية الأسواق الأسرع نمواً لشركة ياهو التي تضم جنوبي شرقي آسيا وإفريقيا والشرق الأوسط.

وبناء على اتفاقية الاستحواذ، أصبح موقع مكتوب دوت كوم مملوكاً بالكامل وشركة تابعة لـ ياهو، فيما سيستمر أحمد ناصف المدير العام الحالي لمكتوب.كوم بقيادة فريق العمل تحت إشراف إدارة ياهو.

ولدى تطبييق الاتفاقية، سيتم تشغيل شركات مكتوب الأخرى والتي تضم «سوق دوت كوم وكاش يو دوت كوم وعربي دوت كوم وتحدي دوت كوم تحت إشراف شركة جديدة هي «مجموعة جبار للإنترنت»، والتي سيتولى إدارتها سميح طوقان.

تفاصيل الصفقة لم يتم الإعلان عنها رسمياً، ولم يتم الكشف عن شروطها المالية، إلا أن تقارير إخبارية رجّحت أن حجمها تراوح بين 80 إلى 170 مليون دولار.