العدد 7 - الملف
 

صنع فرقاً في كل مراحل حياته، فمن مواقع العمل السياسي عندما كان طالباً، مروراً بالبنوك، ثم وزارة المياه، وصولاً إلى رئاسة ديوان الخدمة المدنية، كانت الشفافية والعدالة الاجتماعية مُطبّقة على الجميع، حتى أضحى مكتبه لا يزوره الطامحون بالواسطة والمحسوبية لتوظيف قريب لهم أو التوسط لآخر ليسرق حظ غيره من المواطنين وحقه.

مازن الساكت ترك ابنته، الغالية على قلبه، تتنافس كما غيرها من بنات الأردن، لأخذ حقّها فقط، من دون التعدّي على حق غيرها، ليؤسس بذلك مثالاً يحتذى في مجال رفض الواسطة والمحسوبية، ولنشر مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص في التعيين وفق القانون.

مكتبه لا يزوره اليوم إلا مسؤول يناقش أوضاع دائرته وموظفيه، أو محبّ مشتاق، فلا مجال ولا مكان لغير صاحب حق، لكن الذاكرة تعود به إلى سنواته الأولى وقت تعيينه في الديوان العام 2003، متذكراً كيف كان الزوّار بالعشرات، بخاصة نواب يبحثون عن صيد سهل لـ«تسمين» شعبيتهم، لكنْ الآن لا يزوره من النواب أكثر من ثلاثة شهرياً على أكثر تقدير، فقد عرفوا منذ زمن بعيد أنّ طلباتهم ليست عنده.

صلابته التي تعلمها في ميادين العمل السياسي، ونضاله من أجل الحق والعدالة كانا نبراساً يهتدي به في عمله، ففي إحدى زيارات رئيس الوزراء الأسبق فيصل الفايز للديوان، وبعد الانتهاء من تقديم عرض عن دور الديوان، قدّم الفايز ورقة للساكت يطلب فيها مساعدة أحد المواطنين، فقال له أمام المسؤولين: «على الدور يا سيدي».

الحفاظ على شباب الجهاز الحكومي وحيويته همّه الكبير، فالطريقة التي يجري بها التعيين على أساس الدور ستؤدي مستقبلاً لا محالة إلى هرم الجهاز الحكومي، بحسب الساكت، لأن من ينتظر على الدور أكثر من 185 ألف خريج، وهي قناعة يدافع عنها، داعياً إلى أسس أفضل للتعيين.

لا يرى أنّ الجهاز الحكومي متخم بالموظفين، أو أنّ التعيينات ترهق موازنة الدولة، بل يرى أنه لا بد من تنمية الموارد البشرية في المحافظات وفق برامج حقيقية للتنمية، معتقداً أنّ «الجهاز الحكومي ليس كبيراً».

يقول: «والله لو وضعوا عمر بن الخطاب رئيساً لديوان الخدمة المدنية فلن يرضوا عنه»، فإشكالية الثقة بالديوان، التي عززتها الواسطة والمحسوبية على مدى سنوات منذ تأسيسه، شكلت صورة نمطية عن الديوان أنه مكان للقفز من فوق خط العدل. أما عمل الساكت فيتلخّص في وضع مسطرة للإنصاف، بعيداً عن الوساطة والمحسوبية.

حل مشكلة البطالة في الأردن بحاجة إلى نظرة شمولية من خلال تحقيق تنمية حقيقية في المحافظات لإدارة الموارد البشرية التي تعدّ رأسمال الأردن وتنميتها، وفي رأيه، «لا نجاح في الاقتصاد والخدمات من دون النجاح بهذه المهمة».

يباهي الساكت بإنجازة برامج عديدة في ديوان الخدمة المدنية، أبرزها إنصاف 147 ألف موظف من وزارة التربية والتلعيم مضى على حقهم في الترفيع 4 سنوات، كما يباهي بخطته الخمسية التي بدأت العام 2004 وتنتهي 2010، والتي حققت تطوراً في استخدام تكنولوجيا المعلومات للمساهمة في «زيادة شفافية وعمل الديوان تحت الشمس».

ديوان الخدمة اكتشف وجود 25 ألف شخص معين خارج إطار جدول التشكيلات، منهم 2500 من حملة الشهادة الجامعية و1500 من حملة الدبلوم و3 آلاف يحملون الثانوية و17 ألفاً لا يحملون الثانوية العامة.

يقول الساكت إنّ إلغاء ديوان الخدمة المدنية كان من أبرز الشعارات الحكومية المطروحة سابقاً رغم أنّ للديوان دوراً تاريخياً، لذلك فقد دافع عن الديوان حتى لا يكون أرشيفاً، ومكاناً لطلبات التوظيف.

يؤكد الساكت: «لمواجهة هذا الظلم لدور الديوان، قررنا إعادة دراسة الواقع، ووضع مجموعة من التوجهات الأساسية في إستراتيجية 2004- 2010»، وكان أبرز محاورها تطوير التشريع ونظم المعلومات والدور المجتمعي من خلال المساهمة في سياسة التعليم العالي ومخرجاته، والسعي لتغيير ثقافة الوظيفة لدى الشباب، «كون التعليم أخذ طابع التعليم الوظيفي».

الساكت الذي تعني له الوظيفة العامة خدمة المواطن، يحذر كثيراً من «هرم الجهاز الحكومي إذا بقي هذا هو الأسلوب المتبع في عمليات التعيين»، فالخريج الذي مضى عليه سنوات يفقد الطموح والتطور، متسائلاً عن جدوى وجود 150 ألف طلب وظيفة لفتيات في الديوان، إذ يرى أنّ ذلك يحتاج إلى تفكير عميق لحل المشكلة.

مازن الساكت: تكافؤ الفرص بعيداً عن الواسطة
 
01-Jan-2010
 
العدد 7