العدد 7 - قارئ/كاتب
 

المؤشرات السياسية والدبلوماسية تؤكد أنّ دبلوماسية «إسرائيل» فشلت في تحقيق أهدافها وعلى مسارات اشتباكاتها السياسية والدبلوماسية الإقليمية والدولية كافة. لذلك، قد تذهب «إسرائيل» إلى حرب لكي تخرج من حالة فشلها الدبلوماسي إلى أفق سياسي ودبلوماسي آخر، مع إيجاد مخرج نوعي جديد في الشرق الأوسط يتيح لها وضعاً أفضل لجهة القيام بتطبيق جدول أعمالها السياسي بالتنسيق مع واشنطن.

«إسرائيل» استطاعت الحصول على العديد من الأسلحة النوعية، وشاركت في مناورات وتدريبات عسكرية مكثّفة على أرض الميدان، للتعرف على مسارح المواجهة المحتملة وسيناريوهاتها، إضافة إلى اشتغالها على تحديد «الخصوم» عبر دراسات إستراتيجية عمّقت مفهوم الخصم/ العدو في عقيدة جيشها، بتركيزها على سورية وإيران وحزب الله وحركتَي حماس والجهاد الإسلامي.

المتابع لجهود وسائل الميديا الإعلامية الموجّهة في كل من الولايات المتحدة الأميركية و«إسرائيل»، يلمس ترسيخ حالة سياسية جديدة، هي أنّ الواقع في الشرق الأوسط لا يسمح ولا يتيح أي إمكانية لتحقيق السلام، وعلى هذا الأساس يجب أن يكون هناك تساوق في الهدف وتعاون وثيق بين واشنطن وتل أبيب على تعديل واقع الشرق الأوسط بما يجعله قابلاً لاستيعاب مفهوم السلام الإسرائيلي الجديد، باستبدال ملفات جديدة للتفاوض حولها، بملف حل الدولتين. ومن هذه الملفات: ملف السلام الاقتصادي، ملف الدولة الفلسطينية منقوصة الأراضي ومؤقتة الحدود، ومشروع سلام فيّاض حول الدولة الفلسطينية.

تجهد الدولة العبرية بعد فشلها في دبلوماسية المفاوضات، في الذهاب مرةً أخرى إلى الحرب، عبر حملة تسويق سياسي أمني عسكري نوعية، والتركيز على مسألة زيادة قوّة الردع الإسرائيلية، والعمل على إضعاف حزب الله المتصاعد في قوته بالتزامن مع تصاعد قوّة الحركات المسلحة الشيعية العراقية، والشيعية اليمنية، والشيعية الخليجية، هذا التصاعد الذي يهدد المصالح الحيوية الأميركية في الخليج والعراق والسعودية. وعليه فإنّ قيام الدولة العبرية بالقضاء على حزب الله اللبناني، لا ينهي فقط نفوذ الحزب في الساحة اللبنانية، وإنما يقضي على نموذج «كاريزمية حزب الله»، الذي صار نموذجاً يُحتذى به، عابراً للحدود.

يضاف إلى ذلك تأكيد دوائر اللوبي الإسرائيلي أنّ استقرار «إسرائيل» داخلياً سوف يتعزّز كلما تم إضعاف قوّة حركتَي حماس والجهاد الإسلامي وحلفائهما. أي أنه تم الربط بين مفهوم تقويض الأمن الداخلي الإسرائيلي وبين هاتين الحركتين، يقابله ربط بين مفهوم تقويض الأمن الإقليمي الإسرائيلي وبين حزب الله اللبناني.

لذلك، هناك احتمالية كبيرة بأن تقوم «إسرائيل» بتنفيذ عمل عسكري، أحمق بكل المقاييس، لاستعادة قوّة الردع الإسرائيلية من جهة، وخلط أوراق اللعبة في الشرق الأوسط من جهة أخرى، فنكون على أبواب حرب إقليمية تعيد ترتيب الأوضاع في الشرق الأوسط والعالم معاً.

محمد أحمد الروسان

عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية

«إسرائيل» ونموذج كاريزميّة حزب الله
 
01-Jan-2010
 
العدد 7