العدد 7 - أربعة أسابيع
 

«احتفال رسمي»، هذا ما قد يتبادر إلى ذهن الزائر للأردن عندما يرى الزينة التي تتوشّح بها مناطق عديدة في البلاد ضمن احتفالات المسيحيين بعيد الميلاد، بخاصة تلك المناطق التي تعّد ذات كثافة مسيحية، مثل الفحيص ومادبا.

يسجل تاريخ الأردن تعايشاً طيباً بين المسيحيين والمسلمين، فالحوادث التي سجلها التاريخ على أنها مندرجة ضمن إطار «النزاع الديني»، لا تُذكر، كما أن المجتمع المحلي من حيث التوزّع الجغرافي، لم يشهد «غيتوهات مسيحية»، أو إثنية كما هي الحال في ساحات عربية أخرى، حيث الكثافة السّكانية تميل في غالبيتها لمصلحة المسلمين.

خلال الأعوام الأخيرة، اعتادت الملكة رانيا العبد الله مشاركة مسيحيي الأردن احتفالهم بعيد الميلاد، وحرصت أن تكون بين المحتفلين في مدينة الفحيص، حيث يلتئم الأهالي وأبناء المناطق المجاورة والضيوف من مسيحيين ومسلمين، حول الدوار الرئيسي عند مدخل المدينة، للاحتفال بالمناسبة الدينية.

تلك صورة تعبّر عن التعايش الديني السائد في البلاد؛ أن يشارك المسيحيون ورجال الدين الإسلامي معاً في إضاءة «شجرة الميلاد»، التي اعتادت الفحيص أن تقيمها لتكون «الأطول في الأردن»، ليتم الاستماع بعد ذلك إلى ترانيم تقدمها فرق كورال دينية.

رئيس بلدية الفحيص جريس صويص قال في مناسبة سابقة، إن مشاركة المسلمين في أعياد المسيحيين «تجسد الانفتاح وقبول الآخر»، واصفاً الأردن بأنه «نموذج مثالي للتعددية والحرية». وهو وصفٌ لا بدّ أن يشتمل على كثير من الحقيقة، فباستثناء لبنان، البلد ذو الأغلبية المسيحية، ينفرد الأردن من بين الدول العربية الأخرى، بإقامة احتفالات علنية شعبية لعيد ميلاد المسيح، وهي الاحتفالات التي بدأت في الفحيص، مدينة غالبية سكانها من المسيحيين.

العام 2009، وكما في الأعوام القليلة الماضية، نصبت الفحيص شجرتها الكبيرة كالمعتاد، وأحيت المناسبة الدينية. وفي العامين الأخيرين، تحولت احتفالات الميلاد في مادبا، التي تتواجد فيها أغلبية مسيحية، إلى احتفالات شعبية عامة تقام في ميدان قريباً من كنيسة الروم الأرثوذكس، وتشكّل هي الأخرى نموذجاً للتلاحم، على الأقل العلني، بين المواطنين المسيحيين والمسلمين، بخاصة الرسميين منهم.

يعدّ الأردن نموذجاً في التعايش بين الدينين؛ الإسلام والمسيحية، ونموذجاً في قبول الآخر المختلف عقائدياً، لكن ذلك لا يمنع من أن «كل عرس له مشاكله»، فمظاهر الجهل والتعصّب لا بدّ أن تعبّر عن نفسها بطريقة أو بأخرى، ففي مادبا مثلاً، تمّ الاستعانة بدورية للشرطة لحماية شجرة عيد الميلاد من أطفال وجدوا سعادةً ما في قذفها بالحجارة.

عيد الميلاد في الأردن: احتفالات شعبية وتعايش سلمي
 
01-Jan-2010
 
العدد 7