العدد 6 - بورتريه | ||||||||||||||
الكلية العلمية الإسلامية والأهلية للبنات، مدرستان تقاسمتا ما تشكّلَ من وعي في شخص ريم بدران، الاقتصادية والنقابية والمسؤولة في غير موقع، وخلال ذلك كله المرأة التي تعنى بالعمل العام، غير أن البيت السياسي الذي نشأت فيه ترك على ما يبدو في أعماق نفسها حذراً ما، لا تنكره. تقول في ذلك: «تعلّمنا في البيت أن لكل واحد خصوصيته». تنتمي ريم، المولودة في عمان 1963، لبيت سياسي عريق، فوالدها مضر بدران كان «دولة الرئيس» لثلاث مرات، وحلّ عمها عدنان في المنصب نفسه لاحقاً لمرة واحدة. تعلمت من الحياة أن الطموح لا حدود له، وأنه لا يقتصر على الرجل وحده. وتُبدي ثقةً عاليةً في أن قدرتها على التغيير تقودها إلى الطريق الصحيحة، فـ«قدرات الإنسان هي التي تصنعه» بحسب تعبيرها، هي التي تقف ضد فكرة «ابن الوزير وزير»، وإن كانت تعترف أن البيئة توفر الشرط. تولّت مناصب في العمل العام والقطاع الخاص، من أبرزها: رئيس لجنة تنمية الاستثمار في الجامعة العربية، رئيس مجلس إدارة روابي الديرة، وعضو مجلس بيت التمويل الكويتي. تصدّت لمعركة انتخابات الغرف التجارية مؤخراً، ودشّنت دخول المرأة للمرة الأولى، إلى عضوية مجلسها بأعلى الأصوات. خاضت المعركة «بدعم من الزوج والأسرة والأصدقاء» كما تقول، وبدت مصرّة على الوصول إليها بأصوات الناخبين وليس التعيين، وهو ما قالت إنه «رأي الوالد». وقبل ذلك رشحها أصدقاء لغرفة الصناعة، وفي كل من الحالتين جاءت بالصدفة، لكنها تفسر نجاحها بأنه تحقق بـ«الخبرة والسمعة والمصداقية». لُقبت بـ«بطلة الاستثمار»، لما حققته من إنجازات في مجال جذب الاستثمار، وتطوير التشريعات المتعلقة بهذا المجال الحيوي، وذلك خلال إدارتها لمؤسسة تشجيع الاستثمار، كما وُصفت بـ«المرأة الحديدية»، لما تمتاز به من إصرار ومثابرة وجلَد في إحقاق الحق. اختارتها مجلة أريبيان بزنس العام 2008 «سيدة أعمال العام» تقديراً لإنجازاتها المميزة، وجهودها لتشجيع الاستثمار، وتذليل العقبات أمام الاقتصاد والاقتصاديين الأردنيين. وهي تشغل منصب مدير عام التمويل الكويتي، وقبلها عملت في صندوق النقد الدولي. متزوجة من عمر البشير، ويعمل زوجها في مجال الطاقة المتجددة. أمٌّ لبنت وولد، دينا وليث. أكثر ما تبغضه «الواسطة»، وهضم حقوق الآخرين، وتقول إن أول إنجاز لها في غرفة التجارة «منح المرأة حقوقها في التأمين الصحي». وترى أن العلاقة بين الرجل والمرأة لا تتصل بالندية والمنافسة، وإنما بمعرفة الحقوق والواجبات، غير أنها تستدرك أن المرأة «منقوصة الحقوق للأسف»، وإن كان الأردن أنصف المرأة «نوعاً ما». نالت درجة الماجستير في الاقتصاد الدولي في جامعة جونز هوبكنز، بعد بكالوريوس في الأدب الإنجليزي وإدارة الأعمال في الجامعة الأردنية. تستعيد المرحلة التي عاشتها الأسرة خلال «معركة» نيل الثقة لحكومة مضر بدران 1989/1990: «ما قبل الثقة وما بعد الثقة، ما زالت التفاصيل ماثلة كأنها تحدث اليوم. كنا على أبواب العيد، والكل يناقش، وكان الوالد يقول: الديمقراطية خط أحمر، ينبغي أن تنجح. في ما بعد اطلعت على دراسة تؤكد أهمية ما أنجزَ وقتذاك». برقةٍ وهدوء يتلمّسهما محاورها، غير أنها تقترن بصلابة وجدية، ودينامية وحماسة، تترك أثرها في المواقع التي تشغلها، وهذا ما يشهد به زملاء عملوا معها في غير موقع. لا تميل إلى المشاكسة: «أنا معتدلة، ولست مشاكسة في المدرسة، إلا أن صف 81 -سنة تخرجها في الثانوية العامة- كان بالإجمال مشاكساً، وكثيراً ما ورط المعلمين بالمقالب، لكنهم كانوا يغرشون عنا، لأن صفنا كان متفوقاً». تقول بدران التي كانت من مؤسسي «الملتقى النسائي العالمي»، إن الكلية التي درَست فيها حتى الثاني الإعدادي، زرعت فيها حب اللغة العربية، ونمّت في نفسها العلاقات الإنسانية، كما أفادتها نشاطاتها اللامنهجية في صقل شخصيتها القيادية. بينما فتحت «الأهلية» أمامها أفقاً للّغة الأجنبية والعلوم، وفكرة الاستقلالية. وقد مثّلَ الأستاذ إبراهيم، معلم الرياضيات في «الأهلية» نموذجها في الإخلاص، تقول عنه: «إنه الإخلاص عينه». تستذكر أسماء زميلات رافقنها في أيام الدراسة: ريم أبو حسان، سمر الحاج حسن، لبنى أبو زهرة، ماجدة الفار، لينا الصبيح وياسرة غوشة. وتؤكد أنهن ما زلن «على تواصل، وإن كانت الأيام لا تتيح ذلك باستمرار». في المدرسة برز اهتمامها بالرياضة، وتحديداً الكرة الطائرة التي كانت فيها «كابتن» الفريق، وظهرت بوادر اتجاه نحو السياسة، بالنقاش الذي تثيره في حصة «القضية الفلسطينية»، إلا أنها في الجامعة ظلت بمنأى عن «التنظيم» أو الانخراط في أي من التجمعات الحزبية، ولم يتصل بها أحد، ربما لتصنيفها وفق عمل والدها السابق في المخابرات، وتستذكر بروحٍ مرحة جلسات، كان فيها من يريد أن يذهب بعيداً في الحديث، يتوقف ويقول: «محظورة». تبدو أمْيَل إلى الفكر القومي، لاعتقادها أن قوة العرب تكمن في وحدتهم، وأن تطور الأمة مستحيل دون «العمل الجماعي». وهي تعمل على ذلك من خلال لجنة تنمية الاستثمار في جامعة الدول العربية، ولا تفصل بين القطاعَين العام والخاص، وإنما ترى فيهما وسيلة لخدمة المجتمع. عندما سُئل أحد كبار المستثمرين الكويتيين، عن السبب في توجيه جزء كبير من استثماراته للسوق الأردنية، أجاب مازحاً: «بسبب وجود ريم بدران مسؤولة عن الاستثمارات». |
|
|||||||||||||