العدد 6 - سينما وتلفزيون
 

قبل أشهر من رحيله، وجّه ملك موسيقى البوب مايكل جاكسون رسالة لجمهور المعجبين به في لندن جاء فيها: «هذا هو» This is it، ومضى في رسالته قائلاً: «هُوَذَا نداء الستارة الأخيرة».

كان ذلك بمناسبة الإعلان عن سلسلة حفلات غنائية له في العاصمة البريطانية. لكن تلك الستارة أُسدلت قبل أوانها برحيل جاكسون غير المتوقَّع، في 25 حزيران/يونيو 2009، قبل موعد افتتاح جولته الغنائية بثمانية عشر يوماً. وقد بيعت 750 ألف تذكرة مقدَّماً لتلك الحفلات التي لم ترَ النور.

أعدّ جاكسون لتلك الحفلات الخمسين التي كان سيحييها في لندن، بتدريبات يومية متواصلة ومكثفة في إحدى الصالات الكبرى بلوس أنجيليس مع فريق من الراقصين والموسيقيين بين آذار/مارس وحزيران/يونيو.

تم تصوير التدريبات بكل تفاصيلها، بما مجموعه 120 ساعة من أشرطة الفيديو، بهدف حفظها في المكتبة الشخصية للمغني ومؤلف الأغاني والملحّن الشهير، واستخدامها للمراجعة والتدقيق لتحسين ما يلزم تحسينه في أدائه وأداء الفرقتين الراقصة والموسيقية المرافقتين له، وذلك لما عُرف عن جاكسون من سعي لبلوغ حدّ الكمال في أعماله الفنية.

نبأ رحيل جاكسون وهو في الخمسين، أصاب عشرات الملايين من المعجبين به في سائر أنحاء العالم بالصدمة. وفجأة، تحولت تسجيلات وقائع تدريباته إلى كنز فني، وتقرر اختزالها وتقديمها في فيلم وثائقي مدته ساعتان. وكُلّف المخرج والمنتج ومصمم الرقص كيني أورتيجا الذي أشرف شخصياً على تلك التدريبات وعلى تصويرها، بإخراج الفيلم الذي صدر بعنوان «هذا هو»، وهو الاسم الذي أُطلق على الجولة الغنائية التي لم تتحقق للفنان المرموق في لندن، بعد غياب طويل عن الجمهور.

يبدأ «هذا هو» بمقدمة قصيرة، توضح أن الفيلم مقدَّم للمعجبين بجاكسون. يتبع ذلك حوارات قصيرة بين الراقصين المشاركين في التدريبات قبل ظهور الفنان على المسرح، إذ يؤدي أغنيته الشهيرة Wanna Be Starting بمفرده، ثم ينضم إليه الراقصون.

وعبر الفيلم، يؤدي جاكسون أشهر أغانيه:

Bad , They Don’t Care About Us, Smooth Criminal, The Way You Make Me Feel، I Want You Back,The Love You Share, I’ll Be There, Shake Your Body, Thriller, Black or White.

كما يَظهر وهو يقدم توجيهات للمخرج وللفرقة الموسيقية، ويشارك الراقصين في أداء رقصاتهم ويجاريهم في خطواتهم بدقة متناهية، كما يؤدي أغنية ثنائية مع إحدى المغنّيات.

يتعرف المشاهد من خلال كل ذلك على شخصية جاكسون، الذي لم يتأثر صوته كثيراً مع تقدُّمه بالسن، وظلّ يحتفظ بالرشاقة وخفّة الحركة والأداء المتقن في الرقص، وهي سمات كانت دائماً من علاماته المميزة. وفي الفيلم، يتفاعل جاكسون مع الفنانين والفنيين وعمّال المسرح والمساعدين وغيرهم بمهنيّة وتواضع وانسجام، ويُبدي اهتماماً بأدق التفاصيل.

تتخلل الفيلم مشاهد رعب استُخدمت فيها مؤثرات خاصة ببراعة، ويَظهر فيها أشباح كان من المفتَرض أن تطير فوق الجمهور. ويتضمن الفيلم لقطات من أفلام كلاسيكية للنجمَين السينمائيَّين همفري بوجارت وريتا هيوارث، تتداخل فيها شخصية مايكل جاكسون.

صعد «هذا هو» إلى قمة قائمة الأفلام التي تحقق أعلى الإيرادات في دور السينما الأميركية، وحصد 23 مليون دولار خلال الأيام الثلاثة الأولى لعرضه في 3481 من صالات العرض الأميركية، مسجلاً بذلك رقمَين قياسيَّين بالنسبة للأفلام الوثائقية في إيرادات العرض الافتتاحي وفي عدد دور السينما. كما تربع على عرش الإيرادات في دور السينما الأجنبية، وبلغت إيراداته العالمية أكثر من 187 مليون دولار خلال أقل من أسبوعين، وهو أعلى دخل يحققه فيلم وثائقي يتعلق بالحفلات الموسيقية في تاريخ السينما. وافتُتح الفيلم في 45 دولة، ومن الأرقام القياسية الأخرى التي سجّلها، أن شركة «سوني» دفعت لمنتجيه 60 مليون دولار لحقوق عرضه.

يشار إلى أن عنوان الفيلم مستمد من أغنية قام جاكسون بتأليفها وتلحينها العام 1983 بالتعاون مع بول أنكا، المغني ومؤلف الأغاني والملحن الأميركي المتحدر من أصل عربي، وهي بعنوان «لم أسمع أبداً» I Never Heard، وتم تغيير عنوانها إلى «هذا هو» العام الجاري.

«هذا هو»: احتفاء بملك البوب بعد رحيله
 
01-Dec-2009
 
العدد 6