العدد 6 - فضاء بلا حدود | ||||||||||||||
على رصيف في شارع الأمير محمد بوسط البلد في العاصمة عمان، تمتدّ بسطة كبيرة، تضم في ما تضم أقراصاً مدمجة لأغان وأفلام عربية وأجنبية، وإلى جانب البسطة مذياع قديم يبث «اسمع بس اسمع»، وهي أغنية غجريّة أضحت مشهورة. بين الأفلام الرديئة وأقراص أفلام الكرتون، وكلّها «مزوّرة»، يضع صاحب البسطة العشريني أقراصاً في شكل منفصل عن غيرها، وعليها لافتة تقول: آخر إصدارات ويندوز تضم إصدار شركة ميكروسوفت الأخير ويندوز 7. شاب جامعي عرف نفسه باسم رامز ابتاع واحداً من تلك الأقراص، ودفع للبائع ديناراً واحداً. «سمعت أنّ هذا البرنامج جيد جداً، وأحسن من سابقه، لذا سأضعه على جهاز الكمبيوتر اليوم». ويضيف: «طبعاً لا أستطيع شراء النسخة الأصلية، وحتى لو استطعت، لن أدفع 100 دينار ثمنها وأنا أستطيع شراءها بدينار واحد». ورغم إقراره أنّ استخدام النسخة المقلدة لـ ويندوز «غير مريح»، بخاصة أن النظام قد «ينهار» أو crash أكثر من مرة، إضافة إلى أنه لا يستطيع الاستفادة من بعض البرامج على موقع ميكروسوفت التي لا يمكن تحميلها إلا إذا كان نظام التشغيل أصلياً، إلا أنه يرى أنّ الفرق الشاسع بين سعر النسخة الأصلية والنسخة المقلدة يجعل شراء الثانية مغرياً رغم عيوبها. سرقة البرمجيات ليست قصة جديدة، وهي مصدر قلق لـ ميكروسوفت، بحسب مدير العمليات في شركة ميكروسوفت كيفن تيرنر. نسخ ويندوز المُقرصنة توافرت في الأسواق قبل أن تطلق الشركة هذا المنتج رسمياً في الثاني والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر 2009. ويؤكّد تيرنر في مؤتمر صحفي عقدته الشركة في الأردن مؤخراً، أن النسبة العالمية لسرقة برامج ميكروسوفت هي 50 في المئة، والشركة، بحسب تيرنر، تعمل جاهدة وبشكل متواصل مع شركائها في مختلف البلدان على حل هذه القضية. وعند سؤاله كتنفيذي في ميكروسوفت عن القرصنة والتي تكلف شركته مئات الملايين سنويا من دخل متوقع يؤكد تيرنر أن القرصنة هي أيضا مضرة للنشاط الذهني للعاملين في في حقل تكنولوجيا المعلومات ويؤكد أن «سرقة البرمجيات لا تضرنا كشركة فحسب، بل هي مضرّة للمبدعين والرياديين وأي شخص يرغب في الحفاظ على حقوق الملكية الفكرية». وأضاف:«هي أيضا عقبة في طريق المبدعين تصيبهم بالإحباط». ورغم أن نسبة القرصنة في المملكة تفوق النسبة العالمية –التي تبلغ 50 في المئة- بثماني نقاط، إلا أنّ تيرنر يرى أن الأردن قطع «شوطاً طويلاً في مكافحة القرصنة»، بخاصة أنّ المملكة تتمتّع بنسبة قرصنة أقل مقارنة بدول المنطقة. مدير عام ميكروسوفت الأردن زيد شبيلات يبيّن أنّ نسبة القرصنة في الأردن هبطت نقطتين خلال العام الماضي، ووصلت النسبة إلى 58 في المئة ورغم أنها فوق المعدّل العالمي إلا «أن الشركة تتعاون مع الجهات المعنية لخفض النسبة». ويؤكّد أنّ تطبيق قوانين حماية الملكيّة الفكريّة الصارمة ستنعكس بشكل كبير وإيجابي على الاقتصاد المحلّي، وستجذب الاستثمارات الخارجيّة وتخلق فرص عمل «للشباب الأردني المبدع». دراسة للهيئة العالمية لمنتجي برامج الكمبيوتر التجارية العالمية BSA بالتعاون مع الشركة الاستشارية العالمية IDC أظهرت أنّ قيمة الخسائر التي نجمت عن قرصنة البرمجيات في المملكة ارتفعت إلى 22 مليون دولار العام الفائت، مقارنة بـ20 مليون دولار العام 2007، فيما بلغت الخسائر المسجلة في العام 2006 حوالي 19 مليون دولار. وسجّلت مستويات القرصنة، وفق الدراسة نفسها، خلال العام 2007 نسبة 60 في المئة، مقارنة بنسبة 61 في المئة في العام 2006، و63 في المئة خلال العام 2005، ما يعني أنّ النسبة في انخفاض مطّرد. IDC كانت كشفت في دراسة أعلنت عن نتائجها في أوائل العام 2008 أنّ تقليل حجم القرصنة بمقدار 10 نقاط خلال الأعوام الأربعة المقبلة على أجهزة الكمبيوتر الشخصية في المملكة سيثمر عن توفير 436 فرصة عمل جديدة، وتحقيق 14 مليون دولار على عائدات الضريبة، وتحقيق نمو قدره 47 مليون دولار للاقتصاد. وإلى أن تتمكّن الحكومة من السيطرة على هذه الظاهرة، سيبقى رامز وغيره من الشبان ذوي الدخول المحدودة يحجون إلى وسط البلد لشراء البرمجيات والأفلام وغيرها من منتجات التكنولوجيا «اللّي على قدّ الجيبة». |
|
|||||||||||||