العدد 6 - عين ثالثة | ||||||||||||||
في السنوات الأخيرة، عمدت السلطات الأردنية إلى سحب الجنسية –والمواطنية تبعاً لذلك- من آلاف المواطنين الفلسطينيين المنحدرين من أصول فلسطينية. وقد تجاوز عدد هؤلاء 5 آلاف مواطن خلال الأعوام ما بين 2004 و2008 وحدها. في هذه الحالات، يكتشف الناس أنهم لم يعودوا مواطنين خلال إجراء معاملات روتينية لدى المؤسسة البيروقراطية، مثل تجديد جوازات السفر، أو تسجيل طفل حديث الولادة، أو تجديد رخصة القيادة أو محاولة بيع أسهم. وقد ذكرت صحيفة «القدس العربي» في تموز/يوليو 2009، أسماء تسعة أشخاص أو عائلات ممن فقدوا جنسيتهم الأردنية، بمن فيهم أبناء وزير سابق.
يسند المسؤولون هذه الإجراءات إلى قرار فك الارتباط مع الضفة الغربية، الذي كان اتخذه الملك الراحل الحسين، العام 1988، لكن هؤلاء المسؤولين ألغوا مواطنية الناس بطريقة عشوائية تماماً، وعلى نحو لا ينسجم مع مواد قانون الجنسية الأردني للعام 1954. يقول المسؤولون إن ذلك يعود إلى إخفاق هؤلاء المواطنين في تجديد أذونات الإقامة الإسرائيلية الخاصة بهم، وهي المسألة التي لا يكون للمتأثرين بقرارات سحب الجنسية هذه، أي سيطرة عليها في بعض الأحيان. يفضي سحب الجنسية وبشكل دراماتيكي إلى تعقيد حيوات الأشخاص المعنيين، فيفقد أبناؤهم الحق في التعليم الابتدائي والثانوي المجاني، وربما تصبح الدراسة الجامعية بدورها بعيدة المنال نظراً للتكاليف المادية الأعلى، وربما تصبح تكلفة العناية الصحية أعلى بدورها، وينطبق الشيء نفسه على رسوم تجديد الأذونات المختلفة التي تصبح أعلى تكلفة وأقل صلاحية من حيث المدة. ربما يُطلب من المقيمين من غير المواطنين الحصول على إذن إقامة، يخضع لموافقة دائرة المخابرات العامة. ولا يستطيع هؤلاء الحصول على وظائف في القطاع العام، ويعانون من مصاعب أكبر في سوق العمل في القطاع الخاص. كما أن العمل في بعض المهن، مثل سلك القانون، يصبح مستحيلاً، لأن عضوية النقابات المهنية متطلب إجباري، في الوقت الذي تظل فيه هذه العضوية مقصورة على المواطنين الأردنيين فقط. كان الأردنيون قد عبّروا، على نحو مفهوم، عن استيائهم وخشيتهم من مزاعم بعض الإسرائيليين بأن الأردن يشكل «وطناً بديلاً» للفلسطينيين. تعني فكرة «الوطن البديل» أن إسرائيل ستقوم بضم الضفة الغربية إليها رسمياً، وسيكون على الفلسطينيين الذين يعيشون فيها الانتقال إلى الأردن. كان المسؤولون أوضحوا أن هذه المخاوف هي التي تكمن وراء سياسة سحب الجنسية من فلسطينيين تعود أصولهم إلى الضفة الغربية، ولو أن ذلك لا يفسِّر الطريقة العشوائية التي يتم بها تطبيق ذلك الإجراء. كانت السلطات الأردنية أصدرت العام 1983 بطاقات صفراء للأردنيين من أصول فلسطينية ممن يقيمون في الأردن، وبطاقات خضراء لمواطني الضفة الغربية الذين كانوا يُعدّون مواطنين أردنيين بدورهم. وقد تم إصدار البطاقات لتسهيل الحركة من الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل إلى الأردن (البطاقات الخضراء)، وللسماح للأردنيين من أصل فلسطيني بزيارة الضفة الغربية (البطاقات الصفراء). في الوقت نفسه، لا تقصر قوانين الجنسية الأردنية التمتع بالجنسية الأردنية على امتلاك بطاقة من لون أو آخر، أو الإقامة في منطقة معينة خاضعة للسيادة الأردنية، لكن السلطات باتت تستخدم البطاقات الملونة المذكورة ذريعة لسحب الجنسية من أردنيين. بعد فك الأردن ارتباطه مع الضفة الغربية في تموز/يوليو 1988، عدَّ المسؤولون حاملي البطاقات الخضراء فلسطينيين، وليس أردنيين، رغم حقيقة أن تعليمات فك الارتباط تنص على سحب الجنسية الأردنية فقط من أولئك الذين كانوا يقيمون في الضفة الغربية قبل تاريخ 31 تموز/ يوليو 1988. ولم تؤثر التعليمات في أولئك الذين يحملون البطاقة الخضراء ممن كانوا يعيشون لبعض الوقت أو كانوا يقيمون في ذلك الوقت في الضفة الشرقية أو في الخارج. لكن الجنسية سُحبت من أشخاص أردنيين من كل الفئات، تعود جذورهم العائلية إلى الضفة الغربية. وقد أصبح سائقو شاحنات، ومهندسون، وجراحون، ومشتغلون في قطاع الأعمال، ومستخدَمون في الأمم المتحدة، كلهم ضحايا لسحب جنسيتهم الأردنية بطريقة عشوائية، وعلى نحوٍ تركهم بلا دولة ينتمون إليها، وبلا أمان، وبحقوق أقل من تلك التي يتمتع بها نظراؤهم من المواطنين الأردنيين. فقدان جنسية الأب يعني تلقائياً خسران أبنائه هذه الجنسية أيضاً، بصرف النظر عن أعمارهم، ورغم حقيقة كونهم قد نالوا الجنسية الأردنية بمجرد ولادتهم. كان موضوع نُشر في صحيفة الغد، روى كيف فقدت زوجة رجل يدعى «أبو سالم» جنسيتها بعد محاولتها الحصول على جواز سفر في أيار/مايو 2009. وكانت دائرة الجوازات قد أرسلتها إلى دائرة المتابعة والتفتيش التي زعمت أنها أخفقت في تجديد إذن إقامتها الإسرائيلي في الضفة الغربية. ولم تكن الزوجة قد غادرت الأردن منذ العام 1993. وقد سُحبت جنسيتها الأردنية رغم امتلاكها بطاقة صفراء. ينبغي على الأردن أن يوقف سحب الجنسية ونزع المواطنية من الأردنيين من أصول فلسطينية، ممن يحق لهم حمل الجنسية الأردنية. وهو الأمر الذي يمكن تدارسه من خلال لجنة مستقلة يشكلها الملك عبد الله الثاني، تناط بها مهمة مراجعة وتقييم جميع الحالات التي تم بها سحب الجنسية، كما يجب أن يعيد المسؤولون الأردنيون الجنسية إلى جميع الأشخاص الذين كانت جنسياتهم قد سُحبت منهم بشكل عشوائي، وبناء على استنتاجات اللجنة المستقلة، وأن يتم دفع تعويضات عن الخسائر المادية التي وقعت نتيجة للسحب العشوائي للجنسية. |
|
|||||||||||||