العدد 6 - الملف | ||||||||||||||
حتى هذه اللحظة، لم يتحدد بعد موعد انطلاق مسيرة القطار الخفيف بين محافظتي عمان والزرقاء. إلا أنه وربما للمرة الأولى منذ انطلاق فكرته العام 1995، وبعد عدد من العثرات والتفاصيل والعقبات، يسير الآن على السكة الصحيحة، بعد تولي وزارة النقل ملفه كاملاً. مشروع القطار الخفيف، بحسب وزير النقل سهل المجالي، هو جزء من منظومة نقل متكاملة سيصار إلى تنفيذها محلياً، وهي «منظومة طموحة تشتمل على شبكة وطنية للسكك الحديدية، وعلى إعادة هيكلة النقل العام للركاب بواسطة الحافلات». تهدف المنظومة، كما تأمل وزارة النقل وهيئة تنظيم قطاع النقل العام، إلى توفير نظام نقل آمن، فعّال، صديق للبيئة، يلبي الاحتياجات المتزايدة على النقل في الأردن، ويجعل منه إلى ذلك، مركزاً إقليمياً للتنقل يربط الدول المتجاورة. عند سؤاله: لماذا القطار الخفيف؟ يعدد مدير عام هيئة تنظيم قطاع النقل العام جميل مجاهد في سياق إجابته عن السؤال نقاطا عديدة: توفير خدمة نقل عام ذات فعالية واعتمادية عالية، تحسين مستوى السلامة وتقليل الحوادث المرورية، تقليل انبعاث الغازات، تقليل استهلاك الطاقة من خلال استخدام قطار كهربائي، تغطية الطلب المتزايد على خط عمان الزرقاء، وتشكيل نواة لشبكة من السكة الخفيفة في عمان على وجه الخصوص والمملكة على وجه العموم. ورغم تأكيد المعنيين في الوزارة والهيئة، أن المشروع يعد من أهم مشاريع البنية التحتية في مداها المحلي، إلا أن المواطنين ما زالوا في طور انتظار القطار، ولم يتبنوا بعد موقفاً ناضجاً منه سلباً أو إيجاباً. وليس بعيداً عن الأهداف السابقة، فإن القطار الخفيف يطمح عند انطلاق رحلاته مروراً بمحطاته الست بنوعيها الرئيسية والفرعية، إلى تحسين مستوى خدمات النقل العام بين عمان والزرقاء على الأقل كخطوة أولى، ربما تتبعها خطوات أخرى بين محافظات أخرى في سعيها لاقتراب ممكن من العاصمة. التكلفة المتوقعة للمشروع حتى إنجازه تبلغ 360 مليون دينار، منها 120 مليون للبنية التحتية، إضافة إلى 240 مليون لـ Rolling Stock. علاوة على المحطتين الرئيستين عند بداية خط القطار (منطقة الزرقاء الجديدة) ونهايته (مجمع باصات المحطة)، فسوف يمر القطار الخفيف على أربع محطات فرعية: محطة الزرقاء، محطة السوق الشعبي/الزرقاء، محطة الرصيفة ومحطة الشهيد المؤدي إلى المدينة الرياضية من جهة أوتوستراد الزرقاء وصولاً إلى صرح الشهيد، قاطعاً خلال كل ذلك 24 كيلومتراً في رحلة الذهاب ومثلها في رحلة الإياب. ويتوقع القائمون على المشروع أن تتراوح سعته التحميلية من الركاب ما بين أربعة آلاف إلى عشرة آلاف راكب في الساعة الواحدة والاتجاه الواحد. وهم يتوقعون إلى ذلك، أن يشكل الطلاب والموظفون المدنيون والعسكريون الشريحة الأكبر من بين مستخدميه. من المتوقع أيضاً، كما يأمل وزير النقل وفريق عمل المشروع، أن يسهم المشروع وبشكل كبير في حل مشكلة نقل الركاب أثناء ساعات الذروة وذلك كون السعة المقعدية له عالية مقارنة مع وسائط النقل الأخرى . وفي سياق الآمال والتوقعات، فإن المشروع سيسهم في تقليل فاتورة الطاقة كونه سيعمل على الطاقة الكهربائية، وهذا بدوره سيقلل أيضا الانبعاثات الغازية مما سيؤدي إلى تحسين المستوى البيئـي. سيستوعب المشروع عدداً من المشاريع والاستثمارات في محطاته، تبدأ بالإعلانات وتتطور إلى استثمارات كبيرة من خدمات ومطاعم ومحلات متنوعة وأماكن استراحة ولعب للأطفال. يجزم جميل مجاهد أن المشروع سيؤدي إلى تغيير في القيم والثقافات، وذلك كون هذا المشروع سيوفر نمطاً جديداً من أنماط النقل العام للركاب، بخاصة أن هذا المشروع هو الأول من نوعه في الأردن. من تلك الأنماط الجديدة ما يتوقعه القائمون من لفت محطات القطار الخفيف وممراته انتباه عشاق رسم الجداريات، ليجربوا على جدرانه وممراته ألوانهم. وقد يصبح ممكناً، مع ركوب هادئ خال من المطبات وأصوات المحركات، أن يجد الراكب متسعاً لقراءة الصحف اليومية والمجلات، وربما صفحات من رواية، ما قد يدفع المطابع للتفكير بحجم مناسب للجيب من الكتب والروايات. أو ربما يفضّل آخرون الاستماع إلى الموسيقى. لغايات استكمال مراحل المشروع وتأمين مختلف مستلزماته الميدانية واللوجستية، وتوفير منطلق مستقل للقطار الخفيف ومستقر مريح، فقد استملكت الحكومة الأراضي اللازمة للمحطات الرئيسية في كل من الزرقاء الجديدة ورغدان. وهو كمشروع تنموي محلي خدماتي طموح، سيوفر فرص عمل جديدة، وبخاصة أثناء فترة التنفيذ وبعد بدء التشغيل. وهي فرص عمل لا تختلف بشروطها وحقوق العاملين فيها عن شروط الشركات المحلية، ومن إشتراك في الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، وغيرها من الحقوق. عدد من متعلقات المشروع ما زال قيد دراسة مؤسسة التمويل الدولية IFC التي وقّعت معها وزارة النقل اتفاقية خدمات استشارية، ومن تلك المسائل المتناولة الآن: هل ستدعم الحكومة في المراحل الأولى جزءاً من ثمن تذاكر الركوب، وكذلك الفترة الزمنية الفاصلة بين الرحلة والأخرى، وغيرذلك من متعلقات القطار الخفيف ومستلزمات رحلاته. في سياق البحث عن حلول لتأثير تشغيل القطار على الباصات وبهدف التقليل من تلك الآثار، يفكر القائمون على المشروع تحقيق ذلك من خلال إتاحة الفرصة لعدد من هذه الباصات لتعمل كسرفيس لتغذية محطات القطار Feeder Buses. قطاع النقل العام في الأصل، يتعرّض إلى النقد باستمرار، وهو، بحسب مواطنين، «سيء للغاية»، و«يهدر وقت الناس»، بسبب عدم انتظام وقت مرور حافلاته، فضلا عن عدم وجود محطات ملزمة لوقوف الحافلات وانتظار الركاب. لكنّ طالبة الثانوية العامة مارييت تمتدح التزام باصات النقل العام بالمواعيد، ومرورها في الوقت نفسه «حتى لو كان خالياً من الركاب»، وهو أمر يجعل موظف شركة البريد سعيد مطاوع يبتسم، متسائلا «أي التزام ذلك؟»، فهو غير راضٍ عن مجمل أوضاع هذا القطاع، حتى إنه يصل إلى خلاصة مفادها أن «التعامل مع المستفيدين من هذا القطاع وكأنه تعامل مع مواطنين من الدرجة الثانية». ودون الخوض في أسباب تعثر مسيرة القطار الخفيف في محاولات تشغيله السابقة، فإن جل التوقعات الرسمية والخاصة، تذهب إلى أن الإنشاء الفعلي لِبُنى القطار الخفيف التحتية، سيبدأ تنفيذها مع مطلع العام المقبل، وهو ما أكده لـ ے وزير النقل المجالي الذي باشرت وزارته فعلاً باستدراج رسائل الاهتمام من قبل المستثمرين الراغبين بإنشاء مشروع القطار الخفيف وسكته ومحطاته بين عمان والزرقاء. كان وزير النقل السابق علاء البطاينة فاجأ الصحفيين في مؤتمر صحفي عقده في 25 آذار / مارس 2008، بأن الحكومة أنهت اتفاقية بناء وتشغيل مسيرة القطار الخفيف الموقعة من قبلها مع ائتلاف أردني صيني باكستاني. وهو ما أرجعه البطاينة في ذلك الوقت إلى «أسباب قانونية». إضافة للائتلاف الباكستاني الأردني الصيني، كان تقدم للمشروع ائتلافان آخران: ائتلاف هولندي أردني مصري (لم يتأهل فنياً) وائتلاف كويتي إسباني. وكحزمة متكاملة، تفضل وزارة النقل التي أعلن وزيرها أيلول / سبتمبر الفائت أن المستثمر الذي سيفوز بالعطاء، سيبدأ مباشرة تنفيذ المشروع، وأن يتم ذلك بشكل متكامل وتحت مظلة واحدة، أي تنفيذ البنية التحتية للمشروع في الوقت نفسه الذي يُبحث له فيه عن مستثمر مناسب. القطار الخفيف في رحلات شتائه وصيفه الأولى، سيحتوي على 36 عربة، تزداد تدريجياً بحسب الحاجة السنوية لتلك الزيادة، وبزمن إجمالي يبلغ 36 دقيقة ونصف الدقيقة للرحلة الواحدة.
|
|
|||||||||||||