العدد 3 - محلي | ||||||||||||||
منذ أنجبت سرين الشطي طفلتها الأولى، وهي ملتزمة بجدول البرنامج الوطني للتطعيم، الذي توفره وزارة الصحة مجاناً للأطفال في الأردن لعمر 6 سنوات، الى أن أصيبت طفلتها «غاية»، البالغة من العمر 4 أشهر، بالتهاب معوي شديد نُقلت على إثره للمستشفى، ووُضعت تحت العناية المركزة. الفحوصات المخبرية أكدت إصابة غاية بفيروس الروتا الذي كاد يودي بحياتها. الروتا من الأسباب الرئيسة لحالات الإسهال الحادة لدى الأطفال، ويذهب ضحيته نحو 600 ألف طفل سنوياً في البلدان النامية، بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية. في المستشفى الخاص، حيث عولجت غاية، اكتشفت الشطي أن هنالك مطعوماً يقي من الفيروس الذي أصاب طفلتها، والذي ينتقل عن طريق الأجسام الملوثة، لكن وزارة الصحة لا توفره ضمن البرنامج الوطني للتطعيم. الشطي مغطّاة بتأمين طبي شامل في القطاع الخاص، لكنه لا يشمل المطاعيم، ما دفعها إلى اللجوء لوزارة الصحة، التي تؤمّن طبياً، وبالمجان، كل طفل تحت عمر 6 أعوام. خلال مقارنتها جدول المطاعيم الذي يعطى في القطاع الخاص، بالجدول الذي يعطى في القطاع الحكومي، اكتشفت الشطي أن هنالك مطاعيم عدة غير مدرجة في وزارة الصحة، منها مطعوم المكورات الرئوية، ومطعوم الروتا، ومطعوم الجدري. ما أدى إلى استيائها، لأن «المطاعيم أسعارها مرتفعة جداً، وهي ضرورية لوقاية أطفالنا من أمراض خطيرة»، بحسب ما قالت لـ«ے». أماني عوض، مسؤولة علاقات عامة في شركة للدعاية والإعلان، تتفق مع الشطي في ما ذهبت إليه، لكنها غير قادرة على إعطاء أطفالها المطاعيم غير المدرجة في برنامج وزارة الصحة، لأن «تكلفة المطعوم الواحد من المطاعيم غير المدرجة تراوح بين 70 و150 ديناراً، وهو مبلغ كبير لا تحتمله ميزانيتنا وإمكانياتنا المحدودة». لذلك، تكتفي عوض بما توفره «الصحة» من مطاعيم لأطفالها، وتقول: «أحمد الله أن وزارة الصحة توفر المطاعيم الأساسية والضرورية، مثل: مطاعيم التهاب الكبد، والحصبة، وشلل الأطفال»، لكنها تشعر بـ«الذنب والتقصير» تجاه أطفالها، بحسب تعبيرها، لأنها لا تستطيع تأمين أسعار المطاعيم الأخرى. وكإجراء احترازي لمواجهة أي احتمال بإصابتهم بمرض لم يجرِ تطعيمهم ضدّه، تؤكد عوض: «أحرص كثيراً على أبنائي لدرجة الجنون، ولا أدعهم يمسكون أي شيء أو يلعبون مع أطفال آخرين. هذا ما يمكن أن أفعله، دون تكلفة». في سياق متصل، تشتكي عوض من سلوكات ممرضات يعملن في وزارة الصحة. «عندما يعطين المطاعيم للأطفال، لا يشرحن لنا ماهية المطعوم أو أي تفاصيل عنه، بل يكتفين بإعطاء المطعوم بالسرعة الممكنة، وكان الله بالسر عليماً». مدير الرعاية الصحية في وزارة الصحة عادل البلبيسي، يقرّ بوجود نقص في بعض أنواع المطاعيم في «الصحة»، ويفسر ذلك بـ«عجز ميزانية الوزارة، بما يحول دون توفير تلك المطاعيم». «رغم أن الميزانية الحالية للتطعيم تصل إلى 10 ملايين دينار سنوياً، إلا إن إضافة مطاعيم جديدة تتطلب مضاعفة الميزانية الحالية»، يقول البلبيسي. بدأ تطبيق برنامج التطعيم الوطني منذ العام 1979، ويُعدّ من البرامج الصحية المميزة والفاعلة. إذ وصلت نسبة تغطية المطاعيم 95 في المئة من الأطفال المتواجدين في البلاد، بصرف النظر عن جنسياتهم. ابتهال فرج، عراقية تقيم في عمان، تلجأ إلى مركز صحي حكومي لتطعيم أطفالها بالمطاعيم اللازمة. تقول لـ«ے»، إن البرنامج الذي تطبقه الصحة يجعلها تشعر بـ«كثير من الاطمئنان وراحة البال»، حين ترى أطفالها يأخذون المطاعيم اللازمة في الأوقات والمواعيد المناسبة. وزارة الصحة ترى أن حماية المجتمع من الأمراض، تبدأ من تطعيم كل من يتواجد في الأردن، مهما كانت جنسيته، مع أن هذا يزيد من العبء على ميزانية الوزارة، المثقلة أصلاً بأعباء كثيرة. هذا ما يؤكده البلبيسي، مضيفاً أن وزارة الصحة تُجري مباحثات مع شركات أدوية، في خطتها لإدراج مطاعيم جديدة رئيسية ضمن البرنامج الوطني خلال 4 - 5 سنوات. ويكشف أن «الشركات المصنّعة للمطاعيم غير المدرجة ضمن البرنامج، تبيع المطاعيم للدول ذات الدخل المنخفض بسعر أقل مما تبيعه لنا»، إذ تنظر الشركات إلى الأردن على أنه دولة ذات دخل متوسط. يتعاطف استشاري طب الأطفال والحساسية مدحت أبو شعبان، مع العائلات التي لا تستطيع تأمين أطفالها بالمطاعيم الضرورية، مضيفاً أنه عندما لا تتمكن أمّ من دفع ثمن المطعوم، يحاول أن لا يُشعرها بالذنب أو بأنها مقصّرة تجاه أطفالها. أبو شعبان ينصح العائلات المقتدرة بتطعيم أطفالها كلما كان ذلك ممكناً، «لأن هذا أفضل استثمار في صحة الأطفال»، بحسب تعبيره. ويوضح: «مطعوم فيروس الروتا مثلاً يُعطى للأطفال الأقل من ستة أشهر، وهو يقيهم من الالتهابات المعوية الخطيرة»، ويضيف: «قد لا يصاب الطفل بالفيروس، لكن إذا أصيب به، فإنه يمرض حقاً، ويضطر إلى الإقامة بالمستشفى للعلاج». |
|
|||||||||||||