العدد 5 - نبض البلد | ||||||||||||||
لوحات تبحث عن فضاءٍ من الحرية تفتقده، ورسوم بالزيت على القماش تكتسي باللوعة، خطَّها نزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل ضمن مشروع «النزيل الفنان» الذي تبنته إدارة المراكز بالتعاون مع وزارة الثقافة، وبوشر العمل فيه منذ شهور، حيث شرع النزلاء بالتعبير عن مشاعرهم، وتوقهم للانعتاق عبر الريشة واللون. الرسومات التي ظلت حبيسة جدران المهاجع وقضبان السجن لزمن، وجدت نافذة عبور لها إلى الخارج، عبر معرض «الفن التشكيلي الأول لنزلاء مراكز الإصلاح والتأهيل» الذي افتتحه وزير الثقافة صبري الربيحات في المركز الثقافي الملكي، 12 تشرين الأول/أكتوبر 2009، وحضره وزير التنمية السياسية موسى المعايطة وجمعٌ من رجال الأمن العام وجمهور من المهتمين. الخطوة تهدف، بحسب مدير إدارة مراكز الإصلاح والتأهيل العميد شريف العمري، إلى تغيير نظرة المجتمع التقليدية للسجناء، وتحقيق غايات تتصل بالمحافظة على إنسانية النزيل وكرامته، واستثمار طاقاته الإيجابية من جهة، وتحقق مصلحة المجتمع بأكمله من جهة أخرى. يأتي ذلك في سياق فلسفة تسعى إلى «أنسنة» المراكز، بحسب ما أكده الربيحات خلال كلمته في حفل الافتتاح، تشمل إلى جانب دعم الوزارة للفنون البصرية، دعمَ جميع صنوف الثقافة والإبداع في مركز الإصلاح والتأهيل. ے تجولت في المعرض الذي ضمّ أعمالاً لسجناء من كلا الجنسين، وبأحجام متفاوتة، والتقت بـ نور الدين، الفنان الوحيد الحاضر في المعرض، الذي تحدث عن تجربته في الرسم داخل القضبان، وعبّر عن سعادته لتمكّنه من المشاركة في المعرض، قائلاً: «عندما رسمت لوحاتي داخل أروقة المركز، كنت أشعر بعد إنجاز كل لوحة بشيء من الحرية، والآن أحسّ أن حريتي اكتملت، ونظرتي للحياة تجددت». مفردات التحرر برزت جليّة في الأعمال التي حملت، رغم تواضعها الفني، دلالات إنسانية عميقة، فتكررت أشكال: القضبان الممزقة، الحمائم البيض المحلّقة، الخيول المنطلقة، الشارع الممتد.. إلى جانب لوحات تناولت الطبيعة والأماكن التاريخية في الأردن، مثل البترا ووادي رم، وأخرى استخدمت أسلوب الكولاج لصور الملك عبد الله الثاني والملكة رانيا العبد الله وأفراد من العائلة المالكة. وهناك من اتّجه نحو تصوير المرأة بتجلّياتها المختلفة، أمّاً وزوجةً وحبيبة، فظهرت المرأة تفتح ذراعيها للنور، وتعددت أشكال حضن الأم، كما ركّزت أعمالٌ عدة على ملامح الطفولة. المعرض فريد من نوعه في المنطقة العربية، وقد اكتُفي فيه بتثبيت الاسم الأول للنزيل أسفل أعماله. ووُزِّع في المعرض كتيّب خُصص جزء منه للنزلاء المشاركين للحديث عن أعمالهم ومشاعرهم. محمد، أحد نزلاء مركز قفقفا، أكد أن تجربته شكلٌ من أشكال التواصل خارج جدران المركز. يضيف: «هذا يُشعرني أني ما زلت عنصراً من المجتمع». أما النزيلة ثراء، من مركز إصلاح وتأهيل النساء، فعبّرت عن فرحتها بإقامة المعرض الذي يستطيع الناس بواسطته ملامسة حياة النزلاء عبر رسومات فطرية وعفوية. وكتبت النزيلة هناء: «المعرض يُري المجتمع الخارجي ما نملكه من مواهب». |
|
|||||||||||||