العدد 5 - نبض البلد | ||||||||||||||
ما إن تطأ قدما الزائر عتبات معرض «روح القدس»، حتى يُفاجأ بجاذبية الأثواب والشالات الفلاّحية المطرّزة التي شكّلت ما يشبه جدارية فنية تنبض بالحياة. ثمة ثوب عرس أبيض زُركش بتطريزات لونية منتقاة، وثوب آخر أضفت التطريزاتُ المحدِّدَة لقَصَّتِه الهندسية أنوثةً فائضة عليه، وهناك ثوب بنّي طُرِّز بإتقان بخيوط القصب، وخريطة لفلسطين عُلّقت على الجدار بشموخ، وجوار كل ركن مخصص لمدينة رمزٌ يحيل إليها؛ حيث المسجد رمز لمدينة رام الله، وشجرة البرتقال رمز ليافا، والمسجد الأقصى رمز للقدس، والكنيسة رمز لبيت لحم، وشجرة السرو لأريحا، والجمل لبئر السبع. هي رسالة فنية ثقافية أرادت مصممة الأزياء الشابة ليزا إسماعيل بثَّها للجمهور عبر اختيارها عرضَ الأثواب بعيداً عن الطريقة التقليدية التي تتطلب مسرحاً وعارضات. تقول إسماعيل لـ ے: «أريد أن يحكي العرض قِصّة الثوب الفلسطيني. كل غرزة في الثوب وكل قُطبة عليه لوحة تستحق الاحترام والتقدير بعيداً عن فكرة العرض التجاري أو السريع الذي لا يترك للمشاهد فرصة التأمل بمنمنمات الثوب ودلالاتها العميقة». وتضيف: «الثوب الفلسطيني المطرّز جزء من تراثنا وذاكرتنا، يجب الحفاظ عليه والتصدّي للمحاولات الإسرائيلية الرامية لتشويهه وسرقته منا». المعرض الذي افتتحه وزير الثقافة صبري الربيحات في قاعة فخر النساء زيد بالمركز الثقافي الملكي، 18 – 25 تشرين الأول/أكتوبر 2009، اشتمل على جناحَين: الأول خُصص لأثواب قديمة جمعتها ليزا على مدى سنوات من نساء في عائلتها أو من عائلات أخرى ومن محلات بيع الأثواب أيضاً، وقد تُركت على حالها دونما ترميم أو رتق، لأن المصممة ترى في اهتراء الثوب «قيمة مضافة له». إحدى الزائرات قالت لـ ے: «كأنني أستشعر روح تلك التي ارتدته ذات يوم»، مؤشرةً على ثوبٍ راقَ لها، فأعربت ليزا عن سعادتها وهي تخاطبها برضا: «الحمد لله أن رسالتي وصلت». تتحدث ليزا بحماسة شارحةً معاني الرسمات التي وُشِّحت بها الأثواب، أو ما تدلّل عليه دنانير الذهب والفضّة التي تزينها. أيقونة الطاووس مثلاً تفضّلها السيدات اللواتي تقدَّمَ بهن العمر وأصبح لهن مكانة مميزة في إطار العائلة، أما وردة الجوري والزنبق فتنتشر على أثواب الفتيات، لإظار أنوثتهن وشبابهن، فيما تُستخدم قطبة «الملك» لثوب العروس. من اللافت تلك الدقة في تزيين حواف الثوب القديم بألوان متعددة. تؤكد إسماعيل أن كل لون يحمل دلالة؛ فالبرتقالي يدل على أن المرأة التي ترتديه متزوجة، أما الأزرق فهو للأرملة، فيما يؤشر الأصفر للمطلّقة، والأخضر للفتاة التي لم تتزوج بعد. الجناح الثاني من المعرض الذي نظمته جمعية صنّاع الحرف التقليدية، اشتمل على تصميمات حديثة، اعتمدت فيها ليزا على أقمشة الشيفون والأورغانزا والساتان والحرير، مع قَصّات تُناسب الأعمار المختلفة وإيقاع العصر، من فساتين السهرة، والأفرهولات، والجاكيتات، وجميعها مطرّزة بألوان زاهية وموشّحة بالخرز اللامع. إلى جانب الأثواب، عرضت المصممة مجموعة من الحلي التي كانت تتزين بها النساء قبل عقود خلت، مثل القلائد والأساور والخواتم المصنوعة من العقيق والفيروز والفضة، إضافة إلى مشط مصنوع من العظم ومزيَّن بالمعدن والأحجار الكريمة. وقد عُلّقت على جدران المعرض لوحاتٌ من مركز التراث الفلسطيني لنساء يرتدين الثوب المطرز الذي يتواءم مع الأعمال التي يقمن بها، من جني الثمار وطحن الحبوب وحمل قِرَب الماء. |
|
|||||||||||||