العدد 5 - نبض البلد | ||||||||||||||
عبر لوحات راقصة مصحوبة بالموسيقى، روت فرقة النادي الأهلي للفلكلور الشركسي – كوبان، حكاية عمّان الحديثة على طريقتها. فقد أضاء شبّانٌ وصبايا أرجاء المدرج الروماني الذي احتضن الشركس ذات هجرة فُرضت عليهم العام 1878، وظهروا مثل فَراشات تزيّن المكان؛ مبهجة، خفيفة، مدهشة ورقيقة. بثياب شركسية بيضاء تنسدل على الجسد وتغطّيه للصبايا، وأخرى سوداء تبلغ الركبة تحتها بنطال ضيق للشبّان، دخل الراقصون بالتتابع وتوزعوا في أسراب وتشكيلات جمالية فوق المسرح، ليقدموا لوحة تعبّر عن روح الفروسية والكبرياء، إذ تتحرك القدم في محاكاة لحركة أقدام الخيل، بينما تحلّق الذرعان كما لو كانا جناحَي نسر. فيما تتمايل الفتيات بنعومة وأنفة، وكأنهن كائنات ملائكية أو بجعات بِيض يسبحن في بحيرة. توالت اللوحات الراقصة، أدى بعضَها الشبّان والفتيات معاً، وبعضها الآخر تفردت به الصبايا حيناً، أو الشبّان حيناً آخر. السمة الواضحة في اللوحات استعراض الفتى لقوته وإظهار شجاعته، وهذا متأتٍّ من أن المجتمع الشركسي، تاريخياً، عاش سنواتٍ من الحروب، بخاصة حربه مع القياصرة في القرن الثامن عشر التي امتدت لأكثر من 150 عاماً، فمن الطبيعي انعكاس حالة الحرب على مفردات حياتهم وتفاصيلها. أما الصبايا، فمثلت حركاتهن الرشيقة بين الفتيان، اقتراباً وابتعاداً، طبيعة العلاقة التي تجمع الشاب والفتاة، التي تقوم على الاحترام، إذ يُنظر للمرأة في المجتمع الشركسي بقدسية، وترتبط غالباً بالأرض/ الأم، والطبيعة/العطاء. العرض الراقص الذي حمل عنوان «حكاية عمّانية شركسية» قام على حبكة إخراجية تجمع ما بين الرقص والغناء والتمثيل والمؤثرات المسرحية، وقد برزَ فيه تمازج فريد بين تاريخ الشركس وفلكلورهم الذي احتضنوه جيلاً بعد آخر، وبين تاريخ عمّان الحديث، وتطورها لتصبح عاصمة للبلاد. التنظيم العالي والاهتمام في كل مفردة من مفردات العرض، سمةٌ واضحة في ما قدمته الفرقة مساء السبت 10 تشرين الأول/أكتوبر 2009، احتفالاً بمئوية عمّان. وحول ذلك، قال عضو مجلس إدارة النادي الأهلي سامر برقش لـ ے، إن التحضير لهذا العرض بدأ قبل تسعة أشهر، إذ تم تشكيل لجنة إخراج متخصصة، واستقطاب كوادر فنية متكاملة للقيام بأعمال الهندسية والديكور وضبط الصوت. فريال جانبيك، حضرت الحفل، وقالت لـ ے: «أجمل ما في العرض تأكيده أن هوية الشعوب لا تنصهر وتضيع بهجرتهم من أرضهم، وأنهم يحافظون على عاداتهم وتقاليدهم المتوارثة». أما يعقوب الناصر، فرأى أن أجمل ما في العرض أنه «يكشف عن الاندماج والتناغم بين الأردنيين، مهما تعددت أصولهم ومنابتهم». |
|
|||||||||||||