العدد 5 - إبداع
 

باحث أول في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية. مستشار لدى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي- نيويورك/الأردن. نال درجة الدكتوراه في علم الاجتماع الاقتصادي العام 1993، ودرجة الماجستير الصناعي من جامعة تورنتو بكندا. وكان قد نال البكالوريوس في علم الاجتماع ودبلوم في الأدبَين العربي والإنجليزي من الجامعة الأميركية في بيروت، بعد أن أنهى دراسته الثانوية في الكرك.

حاز على اثنتين من أهمّ الجوائز العربية في الترجمة في عامَين متتاليَين: جائزة الشيخ زايد الدولية للترجمة 2008، وجائزة خادم الحرمين الشريفين للترجمة 2009، له نحو عشرين مؤلَّفاً، بين موضوع ومترجَم، بالعربية والإنجليزية في المجالات الاجتماعية والثقافية. وهو مستشار لسلسلة تقارير التنمية الإنسانية العربية، محرر الطبعة العربية، ومترجم إصدارَي 2003 و2005. أحدث مترجماته المنشورة من الإنجليزية إلى العربية: «عصر رأس المال 1848-1875»، العام 2007، و«عصر الثورة: أوروبا 1789-1848»، العام 2006، وكلاهما للمؤرخ Eric Hobsbawm، و«علم الاجتماع» العام 2005، لمؤلفه Anthony Giddens.

حوار: حسين أبو رمّان

ے: هل تقدم لنا نبذة عن «جائزة خادم الحرمين»، وما العمل الذي نلتَ عليه الجائزة؟

- كانت مفاجأتي سارّة وبصورة مضاعفة بموضوع الفوز الذي لم أكن أتوقعه بجائزة خادم الحرمين الشريفين الدولية للترجمة عن تعريب عصر رأس المال للمؤرخ البريطاني العالمي إيريك هوبْزباوْم. وإلى جانب الرضا الشخصي، كان منْح الجائزة لي وبهذا الكتاب تحديداً، مصدراً آخر للدهشة والاعتزاز. وقد مُنحت الجائزة للمترجم لأمانة النقل والأسلوب المشرق في العبارات المنتقاة للنص العربي لهذا الكتاب، مع المحافظة على الأمانة العلمية وحقوق النشر وفقاً للأصول. والجائزة سنوية، وقد فزت بها في عامها الثاني، وهي تقدَّم للمترجمين من الجنسيات المختلفة، من العربية وإليها.

ے: نودّ أن تعرّفنا على المؤرخ هوبْزباوْم.

- هو آخر المؤرخين العظام الأحياء على الصعيد العالمي، بعد فرنان بروديل الذي توفي قبل سنوات. وما زال هوبْزباوْم يكتب بعد أن نيّف على التسعين، وهو يهودي أصلاً، لكنه معادٍ للصهيونية وأنكر يهوديته. ومن مميزاته أنه لا يؤرخ تأريخاً وصفياً، بل يتناول الأعماق والأبعاد السياسية والثقافية والاجتماعية والفكرية ودلالاتها للمراحل التاريخية التي يعالجها، وبخاصة في ثلاثيته المرجعية، بل في رباعيته المشهورة المتمثلة في عصر الثروة، عصر رأس المال، وعصر الإمبراطورية عن التاريخ العالمي منذ الثورتَين الصناعية والفرنسية وحتى نشوب الحرب العالمية الأولى، تلاها في وقت لاحق عصر التطرفات منذ الحرب الكونية الأولى وحتى انهيار الاتحاد السوفييتي.

ے: وماذا عن جائزة الشيخ زايد؟

- هي الأولى التي مُنحتها وفي سنتها الثانية عن ترجمتي «المختلفة» لمجلد عالم الاجتماع البريطاني الموسوعي أنتوني غِِدِنْز. والجائزة تعطى لأنشطة ثقافية عدة، منها ما يتصل بالترجمة إلى اللغة العربية. وقد ترشح لهذه الجائزة من خلال دُور نشر عربية 700 كتاب. لماذا كانت الترجمة مختلفة؟ لأنني أدخلتُ بعد الاستئذان من المؤلف والناشر، ما يمكن تسميته: مدخلات عربية لعدد كبير من مختصي العلوم الاجتماعية العربية والمفكرين العرب المعاصرين، وضعتها في أطر محددة داخل النص المترجم، كما أضفت لكل فصل من الكتاب مجموعة من الأسئلة المتعلقة بواقع المجتمعات العربية.

ے: هل تعرّفنا على غِدِنْز؟

- إنه من أبرز علماء الاجتماع المحدثين، وقد كان إلى عهد قريب رئيساً لجامعة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية. وضع ما يزيد على 20 مؤلَّفاً في علم الاجتماع. وقد عمل مستشاراً لـ توني بلير في بداية عهده برئاسة الحكومة البريطانية وحزب العمال، ثم انفصل عنه وعن الحزب بعد القرار البريطاني في غزو العراق. له مساهمات معروفة في النظرية السوسيولوجية المعاصرة، لكنه في هذا الكتاب يحلل شتى الظواهر في المجتمعات النامية والآخذة في النمو.

ے: إلى ماذا تعزو إتقانك للّغة الإنجليزية؟

- أدركت منذ صغري بأن الانكشاف على العالم المعرفي، وبخاصة في الجانب الإبداعي، يقتضي التمكُّن من جسر آخر للعبور إلى الثقافات المختلفة. وكان المتاح هو اللغة الإنجليزية التي برعت فيها إلى حدّ أهّلني للانتقال مبعوثاً إلى الجامعة الأميركية في بيروت لدراسة الأدب العربي ثم الأدب الإنجليزي ثم علم الاجتماع. وأنا مدين في نشأتي التعليمية لثلاثة من أساتذتي في الكرك: نسيم مدانات مدرّس اللغة الإنجليزية، وكمال مصاروة مدرّس الرياضيات، وخليل كركي مدرّس اللغة العربية. وبعد هؤلاء، أنا مدين للجامعة الأميركية في بيروت لما كانت تنطوي عليه من أجواء حرية، وأجواء بحث واستقصاء ورغبة في الاستزادة من المعرفة الفكرية والعلمية.

ے: كيف اكتسبت مهاراتك في الترجمة؟

- البدايات كانت على سبيل الهواية، وما زالت لدي الحماسة لنصوص معينة أكثر منها على سبيل الاحتراف. وبدأت بوصفي من الشعراء «الطليعيين» في الستينيات بترجمة الشعر عن الإنجليزية حتى لشعراء غير إنجليز. الشعر هو الذي حبّبني بالترجمة من أجل الاستزادة، وبتعلم اللغات الأجنبية بقصد القراءات الإبداعية. وترجمتُ كتباً إبداعية عدة إلى أن بدأت مرحلة الترجمة الاحترافية الانتقائية الجادّة مع قيامنا، مصطفى الحمارنة وأنا، بإنشاء مؤسسة ترجمان.

ے: هل الترجمة فن أم علم؟

- هذا سؤال بسيط يتطلب إجابة مركّبة، وربما معقّدة. فبين كون الترجمة علماً وفناً في آن معاً، أُضيف: البعد الإبداعي. فذلك هو العنصر الذي يجعل من المترجم الملتزم بالأصول العلمية وأمانة النقل، والمتمكّن من ناصية اللغة التي يترجم منها وإليها، مشاركاً في عملية الخلق والابتكار في التعبير اللغوي والأسلوبي عن النص الأصلي.

ے: إلى أي مدى تعدّ أسرتك الصغيرة عوناً لك على الإبداع؟

- أُكرمت بزوجة وعائلة ليست بعيدة عن أجواء الثقافة والأدب والإبداع؛ ليلى الأطرش إعلامية وروائية؛ وأبنائي، باستثناء «تميم» الذي يعمل في هندسة البترول والطاقة، فهما «دانا»، و«مادا» اللتان تتبوآن مناصب إعلامية مسؤولة في الأردن، بعد خبرة في قناة الجزيرة.

ے: ما المؤسسات التي رعت إنتاجك من المترجمات؟

- منذ ست سنوات أنا ملتزم بالعمل مع مؤسستين للترجمة والنشر ومن خلالهما: الأولى مؤسسة ترجمان التي أُسست في عمّان العام 2003 بعد نزوة نبيلة وعلى فنجان قهوة بيني وبين مصطفى الحمارنة. هذه المؤسسة تقوم بالاتصالات اللازمة للحصول على حقوق الترجمة والنشر من الناشر والمؤلف الأجنبي وفقاً للأصول، كما تتولى جمع التمويل الطوعي وغير المشروط من مؤسسات أردنية لدعم عمليات الترجمة. والثانية، هي المنظمة العربية للترجمة في بيروت، التي تعمل برئاسة الطاهر لبيب تحت مظلة مركز دراسات الوحدة العربية. وقد عقدنا تحالفاً وشراكة استراتيجية بين ترجمان وتلك المنظمة، بحيث تتولى الأولى الحصول على حقوق النشر ثم الترجمة، وتتولى الثانية نشر وتوزيع الكتب المترجمة.

ے: ما الصلة بين كونك مستشاراً في مكافحة الفقر، وشاعراً، لك قصائد في الحب؟

- ليس من صلةٍ مباشرة بين الجانبين. لكن القضايا الاجتماعية والعامة كانت من جملة المحاور التي تناولتها القصائد التي أصدرتها في ديوانَي شعر في السبعينيات وأواخر الثمانينيات، هما: كلمات على الرمل، والحب مثلاً وقصائد أخرى. أما انشغالي بالقضايا الاجتماعية وهموم التنمية، فذلك مجال آخر ليس إبداعياً بالمفهوم العام، لكنه يلتزم بمنهجية موضوعية وعلمية لا شأن لها بالشعر أو الثقافة بعامة، إلا بوصفهما من ظواهر الحياة اليومية الاجتماعية.

ے: ما المطلوب ليتقن الطالبُ لغةً أجنبية؟

- نظامنا التعليمي الجامعي يعتوره القصور، من ذلك بالطبع العجزُ في لغة أجنبية غير عربية، مع أن وضع الأردن أفضل من كثير من البلدان العربية. ويرتبط ذلك بالتعليم الذي يقتصر على التلقين الأعمى وكبح ميول البحث. ويقتضي الأمر إقرار مساق أو اثنين في مستهل المرحلة الجامعية الأولى بلغة أجنبية في موضوع البحث الذي يدرسه الطالب الجامعي، مع إذكاء روح البحث والاستقصاء فيه.

الحائز على جائزتَي الشيخ زايد وخادم الحرمين: الترجمة إبداع كما هي علم وفنّ
 
01-Nov-2009
 
العدد 5