العدد 3 - أربعة أسابيع
 

«سوق البخارية احترقت». كان هذا نص تعليق كتبه مواطن على موقع عمون الإلكتروني، صبيحة الثامن من آب/أغسطس، بعد ساعات معدودة من بدء الحريق في أقدم سوق شعبية في قلب وسط البلد في عمّان.

جاء التعليق تعبيراً عن مرارة شعر بها الأردنيون، على بقعة احتضنت نشوء العاصمة في بدايات القرن الماضي، والمفارقة أن هذا التعليق كان على خبر اعتصام عمال الموانئ في العقبة.

تتضارب المعلومات حول سبب الحريق، مع ترجيح «تماس كهربائي» في أحد محال بيع الألبسة الواقعة على الشارع الرئيس بمحاذاة سوق البلابسة، ومن ثم امتدت ألسنة النار إلى السوق.

محمود جمعة بيدس، صاحب أحد المحال المحترقة، ردّ أسباب الحريق إلى قِدَم شبكة التمديدات الكهربائية المهترئة والقائمة منذ 60 عاماً.

الحكومة بدورها، شكلت لجنة برئاسة متصرف لواء قصبة عمّان خالد العرموطي، تضم في عضويتها مندوبين من الأمن العام والمختبر الجنائي والدفاع المدني وأمانة عمان الكبرى، للتحقيق في الحريق الذي امتد إلى سوقين قديمتين مجاورتَين لـ«البخارية»: فيلادلفيا، والبلابسة.

اللجنة قامت بجولات ميدانية للتأكد من سلامة أبنية المحال التجارية، وتوفير شروط السلامة العامة، وملاءمتها للعمل التجاري.

عدد المحال التي تضررت بحسب تصريحات رئيس اللجنة المحلية لمنطقة المدينة في أمانة عمّان الكبرى حسان الحراسيس: 28 محلاً و48 مستودعاً، تبيع ملابس وإكسسورات وعطوراً وأدوات مكياج وقرطاسية وأقمشة ولوازم خياطين وفضيات ومواد أخرى، إضافة إلى تضرر 4 محلات خارج الأسواق الثلاث، وقُدّر حجم الخسائر المادية التي تكبّدها التجار بما يزيد على 3 ملايين دينار.

أنقاض الحريق أُزيلت، وشارك في العملية مواطنون مع طواقم الأمانة، قبل أن يعود تجار سوق البخارية إلى مزاولة أعمالهم بصورة اعتيادية، بخاصة أن مباني السوق لم تتعرض لأذى كبير جرّاء الحريق.

وبادر أصحاب المحال المتضررة إلى تشكيل لجنة خاصة لمتابعة القضية، والسعي للحصول على تعويضات للمتضررين.

المحامي يحيى السعود قال لصحيفة الدستور إن اللجنة ستكثف اتصالاتها بعد استكمال التحقيقات الرسمية بمسببات الحريق وحصر الأضرار، وبخاصة أن معظم تلك المحال غير مؤمَّنة، مما يرتب المزيد من الأعباء على التجار.

المحال المتضررة تكبدت خسائر باهظة، فمعظمها كان جهّزَ احتياجات السوق من لوازم المدارس والأعياد، وكانت مكتظة بالبضائع ما ساهم في ارتفاع قيمة الخسائر. وقدرت أجهزة الدفاع المدني حجم الأضرار التي لحقت بالسوق بنحو 10 ملايين دينار، فيما بلغت مساحة السوق في كل طابق من مجمع البخارية 350 متراً مربعاً، ونحو 200 متر مربع في كل طابق من مجمع البلابسة، و200 متر مربع في الطابق الأول من مجمع فيلادلفيا.

الحريق فتح الباب واسعاً للتساؤل حول أهمية التأمين على الممتلكات، في ضوء إحصائيات غير رسمية ذكرت أن هناك ما يتجاوز 3 مليارات دينار من الممتلكات غير المغطّاة تأمينياً في البلاد، ويعود ذلك بحسب الصحفي عصام قضماني إلى غياب «ثقافة التأمين»، فالتجار بحسب مقالة لقضماني، نُشرت في صحيفة الرأي يوم 9 آب/أغسطس، فوّتوا على أنفسهم فرصة تعويض خسائرهم في الحريق، بسبب «عدم رغبتهم في دفع تكاليف إضافية، وتجاهلهم لشروط محددة مطلوبة لتأمين بضاعتهم».

حريق «البخارية»: ترجيح تماسّ كهربائي.. وخسائر بالملايين
 
01-Sep-2009
 
العدد 3