العدد 5 - الملف
 

حفلت مكتبة الجامعة الأردنية بكتب عديدة أرّخت للمشاهد والأحداث التاريخية في الأردن، مروراً بكتب ومؤلفات سياسية، كان ينتهي المطاف بها في كثير من الأحيان إلى «غرف منيعة أو حصينة»، بعدما تكون منعت من دائرة المطبوعات والنشر أو الأجهزة الأمنية من التداول في أسواق المملكة.

مكتبة الجامعة الأردنية، بحسب مؤسسها هاني العمد، كانت تتسلم تلك الكتب، ليجري وضعها في «غرف منيعة» يحظر الاطلاع العام عليها إلا تحت مراقبة إجرائية مخصوصة.

وتتضمن القائمة كتباً ومؤلفات سياسية وفكرية وروائية، إضافة إلى كتب ومؤلفات نفسية ومخطوطات إنسانية ومراجع مهمة.

العمد نفسه وصف في حديثه لـ ے، العقلية التي كانت تتعامل بها إدارة المكتبة في وقت معين مع تلك الكتب بـ«المحدودة» نظراً لظروف سياسية معينة.

إلا أنه يؤكد أن «السؤال السياسي بجميع تفاصيله حالياً لم يعد بالمقدور إخفاؤه عن الجمهور»، نظراً للانفتاح التقني والمعلوماتي وحتى السياسي.

لكنه يبدى موافقته على بعض ما كانت تقوم المكتبة الجامعية به من عدم السماح لبعض المراجع أو الكتب السياسية من التداول بشكل علني، حفاظاً، حسب ما يقول، على «تماسك المجتمع» و«خصوصية البشر» بعيداً عن أيدي الجمهور العامة.

لو عاد إلى إدارة المكتبة الجامعية فإنه سيعمد إلى السماح للطلبة بالاطلاع على أي كتب سياسية أو فكرية أو روائية من دون تقييد، يبن العمد.

الطالب في الجامعة الأردنية لؤي العجلوني من كلية الدراسات العليا، أشار إلى أن منع أي كتاب سياسي من التداول داخل مكتبة الجامعة «أمر مضى عليه الزمن»، نظراً لوجود مئات النسخ منه على شبكة المعلومات العنكنوتية، مؤكداً عدم قدرة أي جهاز أمني ورقابي في العالم من حجب أي معلومة أو فكرة سياسية وفكرية، نظراً للحجم الزاخر من المعلومات على كثير من أدوات المعاصرة، ليس آخرها تقنيات التوتير واليوتيوب والمدونات وغيرها.

تؤيد الطالبة في كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأردنية إيمان محمد هذا الرأي، وتؤكد مقدرة أي مؤلف أو جامعي على نشر فكرة معينة عن طريق فيسبوك مثلاً، من دون الحاجة للمرور عبر غرف معنية أم حصينة داخل مكتبات الجامعات الأردنية، مشددة على أن مصطلح الغرف المنيعة «أمر تراثي» يصلح «لأمهات الكتاب ومراجعها القيمة»، من أجل الحفاظ عليها من الضياع أو التلف.

على صعيد متصل، فإن القائم بأعمال مكتبة الجامعة الأردنية صلاح جرار، أكد لـ ے أن «جميع الكتب السياسية متوافرة للطلبة من دون تقييد».

جرار يقول إن «إدارة المكتبة حالياً تؤمن بعدم منع أي كتب أو مؤلفات من التداول بشكل علني في الجامعة، ليتاح للمهتمين والباحثين تفنيد ما يتم تداوله أو الرد عليه»، مؤكداً وجود بعض ما وصفه بـ«التشدد» وضمن «قيود» معينة في الوصول لكتب الغرف المنيعة في وقت سابق لظروف معينة.

إلى ذلك، يؤكد أستاذ الدراسات الدولية في الجامعة الأردنية عبد الله نقرش أن تخصيص كتب معينة، سياسية بالدرجة الأولى، في «غرف منيعة» داخل مكتبة الجامعة الأردنية «لم يعد قائماً منذ قرابة الشهرين»، إلا أنه أكد الحاجة إلى وجود تلك الغرف من أجل حفظ مخطوطات قيمة وكتب نفسية لمنع ضياعها وتلفها.

يشير نقرش إلى أن مبررات تقييد أي كتاب في «غرف منيعة» كان يعود إلى ما يحتويه من «قيمة فنية» لأمهات ومخطوطات مهمة، إلى جانب بعض الكتب والمؤلفات السياسية التي يحظر وضعها على رفوف مكتبة الجامعة للاطلاع العام.

على أن «الغرف المنيعة» التي توجد داخل الجامعة الأردنية وبعض الجامعات الرسمية الأخرى، تهدف بحسب العمد إلى حماية الوثائق بشكل أولي من التلف والضياع، مستذكراً ما قام به من عرض جميع الصحف الإسرائيلية داخل مكتبة الجامعة الأردنية التي تسلمها شخصياً من الاستخبارات العسكرية بعد العام 1967، وهي متاحة للجمهور، ولكن ضمن «أسلوب تنظيمي يحفظ الوثائق من التلف والضياع».

«الغرف المنيعة» غير موجودة في جميع جامعات المملكة، فمدير مكتبة جامعة الزيتونة علي السوطري، يؤكد عدم وجود أي غرف منيعة داخل مكتبة الجامعة، على نقيض جامعة اليرموك مثلاً التي تحفل بغرف مشابهة وبالآلية نفسها التي تتبعها «الأردنية»، حسب رئيسها السابق محمد سعيد الصباريني.

الناطق باسم حملة ذبحتونا الطلابية فاخر دعاس، يشير إلى وجود حظر على بعض الكتب في الجامعة الأردنية أو داخل مكتبتها، وهو الأمر الذي ينفيه مؤسسها السابق العمد بالقول إن «جميع المراجع والكتب الممنوعة يسمح بقراءتها داخل الغرف المنيعة من دون أن يكون هناك تصريح بإخراجها من المكتبة كغيرها من الكتب العامة».

لكن أستاذ الإعلام في جامعة البترا تيسير مشارقة، يؤكد أن وصول الجمهور للمعلومة في الأردن بخاصة والوطن العربي بعامة، يصطدم بكثير من «القوانين العرفية والإجراءات المقيدة لحرية الإعلام وتدفق المعلومات»، عكس ما هو متبع في الجامعات العالمية ومؤسساتها البحثية والأرشيفية المختلفة.

مكتبة الجامعة الأردنية تحفل بزهاء مليون مادة مكتبية موزعة حسب موقعها الإلكتروني على وثائق وأرشيف جامعات وكتب نادرة، إضافة إلى دوريات ومراجع ورسائل جامعية ومخطوطات مهمة ومجموعة الأمم المتحدة ومجموعة دراسات المرأة وغيرها. وكلها يمكن الاستفادة منها لأغراض توثيقية يمكن الرجوع إليها بشكل كبير كونها «متخصصة».

«الغرف المنيعة» في الجامعات: محاكاة الأنظمة الشمولية
 
01-Nov-2009
 
العدد 5