العدد 5 - قارئ/كاتب | ||||||||||||||
يحتاج المثقفون والكتّاب والأدباء والمفكرون، إلى حماية منتجاتهم، لذلك برزت ضرورة سنّ تشريعات تحميهم ونتاجاتهم من الاستغلال المعنوي والمادي، وتشدد على انتفاعهم الحصري من أفكارهم، وتَحُول دون «لطشها» والسطو عليها. وقد اهتمّ الميثاق العالمي لحقوق الإنسان بهذه المسألة، إذ نصّت المادة 27 على حق الإنسان في صون نتاجه العلمي أو الأدبي أو الفني، وملْكيته له، واستفادته المادية والمعنوية منه. المنظمة العالمية للملْكية الفكرية التي جاوَز عدد الأعضاء فيها 200 دولة، يرجع تاريخها إلى العام 1883، عندما امتنع عدد من المخترعين عن المشاركة في فعاليات المعرض الدولي للاختراعات بفيّينا العام 1873، لخشيتهم من أن تتعرض اختراعاتهم للسطو والاستغلال، فقاد ذلك إلى التفكير بتشكيل المنظمة، كما تشكلت هيئة لحماية الملْكية الصناعية في الفترة نفسها ولأسباب مشابهة. بذلك، راج مفهوم «حق المؤلف»، وبدأت الاتفاقيات الدولية تنشط في الحث على الحصول على حماية دولية بشأن المصنفات الفكرية والأدبية. تكمن أهمية القوانين الناظمة للملْكية الفكرية، في أنها تحمي وتشجع على الابتكار والإبداع والتطور، فالمبدع عندما يرى أنه هو وإبداعه محميان بموجب قوانين واضحة، فإن ذلك يشكّل حافزاً قوياً لديه ويشجّعه لمزيد من العطاء الإبداعي، نتيجة شعوره بتحسين شروط الأمان ووفرة القوانين الحامية لنتاجه. وهذا يقلل من عمليات القرصنة الفكرية، ويدفع بعجلة الاقتصاد والتطور الإبداعي والنتاج الحضاري نحو آفاق أرحب وأكثر شمولية. التطور الهائل الذي حظيت به الحقوق المجاورة لحق المؤلف، بفضل التقدم التكنولوجي وثورة الاتصال، مثل انتشار البث الفضائي وسرعة الاتصال الرقمي، وفّر للمبدعين شعوراً بالطمأنينة، وشجّعهم، وجعلهم يطمئنون على نشر إبداعاتهم دون الخشية من تعرُّضها للاستنساخ أو للقرصنة بأشكالها المختلفة، بما يمنحهم القانون من حقوق مالية عادلة وبما يكفله لهم من حقوق معنوية، مثل نسبة مصنفاتهم إليهم وعدم استنساخها أو قرصنتها، ليضمنوا من ثم تمتعهم بحقوقهم المادية والمعنوية. هنا تبرز أهمية نشر «ثقافة الملْكية الفكرية» في المجتمع، حتى تحمي المواطن أو المستهلك، وتشجعه على اختيار السلعة أو الخدمات المعروفة بجودتها، وتوعيته تجاه حقه في حماية فكره. وبهذا تتراجع نسبة الخسائر التي تتكبدها قطاعات تجارية مختلفة جرّاء عمليات القرصنة والتزوير، بدءاً من تكنولوجيا المعلومات وليس انتهاء بما تعانيه بعض الصناعات الدوائية من انتهاك للملْكية الفكرية يُبدّد مبالغ مالية طائلة على الدولة وعلى المبدعين والمخترعين أصحاب الملْكية أنفسهم. عمار الجنيدي |
|
|||||||||||||