العدد 4 - ... ودقّة على المسمار
 

من المفيد التذكير أن الوجاهة كانت قد تعرضت منذ عهد الانفتاح الديمقراطي إلى تغيرات طالت مجمل عناصرها المكونة، فالخبراء في الوجاهة الأردنية والفلسطينية يتحدثون مثلاً عن خمسة عناصر مكونة للوجيه من الناحية الشكلية هي:

أولاً: «العُنْتَرة»، وهي الجزء الخلفي من الرقبة الممتد ما بين الرأس والأكتاف، وتقاس بعدد الثنيات المكونة لها، وتزداد الوجاهة بزيادة هذه الثنيات وأنصاف أقطار تكوراتها.

ثانياً: «رُمّانة الكتف»، وتقاس بالحجم والتكور.

ثالثاً: «اللّغلوغ»، ويفضَّل أن يكون أحمر اللون، ويقاس بحجمه وتدلّيه للأسفل وترجرجه أثناء الحديث.

رابعاً: «الكَمُر»، وهو الحزام القماش الذي يضعه الوجيه أسفل كرشه المتدلي، ويزداد استخدام الكمر لدى ذوي الأصول الفلسطينية.

خامساً: الصُرّة (السرّة) وتقاس بانتفاخها للأمام بوصفها ممثلاً شرعياً للكرش.

والحقّ إن نظرة سريعة إلى وجهاء مرحلة ما بعد الانفتاح الديمقراطي، مثل أعضاء مجلس النواب والوزراء الجدد من أصحاب الوجاهة «ديجيتال»، تكفي لاكتشاف أن هناك تراجعاً في توافر العناصر الخمسة التقليدية للوجاهة المشار إليها أعلاه.

فهل يعكس غياب هذه العناصر تغيراً في جوهر الوجاهة؟ وهل توقفت هذه العناصر عن كونها دليلاً ومؤشراً كافياً على الوجاهة؟

تزداد أهمية هذا السؤال، إذا انتبه المرء إلى أن أغلب هؤلاء كانوا إفرازاً لعشائر، أو مناطق قَدِموا منها هجرة أو نزوحاً أو لجوءاً، وبالتالي كان يُفترض أن يحتفظوا ببعض العناصر الكلاسيكية في الوجاهة المشار إليها، لكن يبدو أن أمراً جوهرياً قد تغير.

كاستنتاج أولي، يمكن القول إن عصر المعلومات ترك أثره في مجال الوجاهة، وقد فهمنا مصطلح أن العالم أصبح «قرية صغيرة» بالمعنى الحرفي للكلمة، فالوجيه في القرية الإلكترونية عليه أن يكون سهل الحركة رشيقاً، ولا بأس أن يحمل شهادة جامعية عليا يضعها على رأسه يستبدلها بالعقال والحطة (الحمراء أو السمراء، لا فرق).

زعزعة مفهوم الوجاهة
 
01-Oct-2009
 
العدد 4