العدد 4 - ... ودقّة على المسمار
 

التحديد الذي فرضه وزير الداخلية مؤخراً لعدد الوجهاء بواقع 150 وجيهاً لكل محافظة بدل الرقم المفتوح الذي كان يصل إلى مئات عدة من الوجهاء في بعض المحافظات، سوف يخل بقاعدة تحديد الوجهاء المتعارف عليها تاريخياً في البلد.

بل إن وضع أمر الوجهاء في عهدة الحاكم الإداري وضمن أعداد محددة من قبل المركز، فيه إحراج للطرفين، فالحاكم الإداري يحب أن يكون متحرراً في هذا المجال، فهو يحتاج إلى تكثير عدد الوجهاء أو تقليله بحسب المناسبة، وهناك تصنيف يتميز بمقدار كبير من المرونة في كل حالة، فمناسبة استقبال مسؤول تحتاج لعدد من الوجهاء يختلف عن تشكيل وفد لزيارة مسؤول، وكذلك الأمر عند الاحتفالات، كما أن هناك تسميات عدة تخدم في تحقيق المرونة المشار إليها، فهناك مثلاً وجهاء على مستوى العشيرة أو المحافظة أو اللواء أو المخيمات، وفي داخل كل مجموعة هناك تصنيفات خاصة على درجة عالية من التعقيد، لكنه تعقيد يترافق مع درجة عالية من الإنصاف والقبول، وقد يكون الوجيه عضواً في أكثر من مجموعة واحدة، وعندما يقال إن مناسبةً ما حضرها وجهاء المنطقة، فإن الأمر يخضع لحسابات دقيقة.

الوجاهة على العموم، نشاط مشترك يشكل نموذجاً للتعاون بين القطاعين العام والخاص، فالوجاهة في القطاع الخاص لا تكتمل إلا باعتراف حكومي بها، كما أن الحكومة -أي القطاع العام- لا تستطيع أن تسبغ الوجاهة على شخص ما إلا إذا حظي ذلك بموافقة القطاع الخاص - أي الأهالي.

التغيير الذي سوف يُحدثه قرار وزير الداخلية الأخير يندرج في سياق الاستعداد للاّمركزية، لكن يبدو أنه فات صاحبَ القرار أن الوجاهة في الأردن مبنية أصلاً على قواعد من اللامركزية تمارس فعلها بمنتهى الحساسية والشفافية، ويعرف كل وجيه موقعه بين الوجهاء بدقة، ولعل قطاع الوجاهة في البلد يمثل قصة نجاح في مجال عدالة التوزيع.

نحو مرصد للوجاهة الأردنية
 
01-Oct-2009
 
العدد 4