العدد 4 - رياضي
 

اُبتُعث لدراسة الدبلوم في الرياضة، فنال المركز الأول على دفعته، وبعد تخرجه بتميز واصل الدراسة لينال شهادة البكالوريوس من معهد أبي قير بالإسكندرية، ليكون بذلك أول أردني ينال هذه الشهادة، وواصل تحصيله العلمي إلى أن نال درجة الدكتوراه في تخصص علم النفس التربوي.

مارس كرة القدم، وكرة السلة التي تخصص فيها في ما بعد، ليصبح كابتن المنتخب الوطني ثم مدربه. رأس النادي الاهلي، وعُيّن أميناً عاماً للاتحاد الأردني لكرة القدم، ورئيساً لاتحاد التايكوندو، ورئيساً للّجنة الأولمبية الأردنية، وعمل في عدد من الجامعات الأردنية، واختير رئيساً بالوكالة لجامعة مؤتة، كما تسلم حقيبة وزارة التنمية الاجتماعية، ثم وزيراً للرياضة والشباب.

إنه محمد خير مامسر، الذي ما زال يتمتع بحيوية الشباب، رغم أن عمره يزيد على 70 ربيعاً، قضى أكثر من نصف قرن منها بالرياضة، وهو يقوم حالياً بإلقاء المحاضرات في مواضيع مختلفة، ويمارس عضويته في مجلس أمناء جائزة الأمير فيصل بن فهد لتطوير الرياضة العربية، ويشرف على رسائل الدكتوراه في جامعة عمان للدراسات العليا والجامعة الأردنية.

مامسر حلّ ضيفاً على «ے»، في حوار يكشف عن شخصية رياضية تبعث على الفخر والاعتزاز، على الرياضة الأردنية الإفادة من خبراتها العميقة.

أبصر النور في عمّان العام 1937، اصطحبه والده لتسجيله في مدرسة العسبلية العام 1944، لكنه لم يُقبَل لأنه يتكلم اللغة الشركسية فقط، مما اضطر والده لإلحاقه في كُتّاب لتعلم اللغة العربية، وبعد سنواتٍ سبع قُبل في المدرسة.

بعد أن أنهى دراسته في كلية الحسين، أُوفد في بعثة إلى مصر لدراسة التربية الرياضية لتفوقه الرياضي، إذ كان لاعباً في فريق النادي الأهلي، وحارساً لمرمى فريق المدرسة ولمرمى فريق الضفة الشرقية آنذاك، ومثّل الأردن في الدورة المدرسية في لبنان العام 1954.

هجر كرة القدم، لأن إدارة فريق النادي الأهلي لم تصحبه مع الفريق الذي غادر إلى تركيا، واستعارت نظمي السعيد من نادي الشباب.

أثناء دراسته تابعَ نشاطه الرياضي بكرة السلة، وأصبح عضواً في الفريق، وانضم لنادي جمعية الشبان المسيحية هناك، وبعد عودته إلى عمّان انتسب إلى فريق «الأهلي» بكرة السلة ليصبح رئيساً له ومدرباً في آن. وفي العام 1957 نال شرف عضوية المنتخب الوطني، ليمثل الأردن في الدورة الرياضية الثانية في بيروت في العام نفسه.

نال في العام 1958 شهادة دبلوم التربية الرياضية، محرزاً المركز الأول على دفعته، ليعود مرة أخرى إلى الإسكندرية لدراسة البكالوريوس، وكان أول أردني ينالها العام 1961. وفي العام نفسه، شارك مامسر مع المنتخب الوطني في الدورة العربية الثالثة بالمغرب، وكان رئيساً للفريق ومدرباً له، وفي أول لقاء للأردن ضد المنتخب المصري تعرض مامسر لإصابة في قدمه. ونظراً لما يتمتع به من خبرات متنوعة، تم تكليفه هناك بتحكيم بعض المباريات في كرة القدم والملاكمة، إذ كانت القوانين تسمح بذلك، وكان يتنقل بين مدينتي فاس ومكناس المغربيتين على ظهر «بغل»، لوعورة الطرق الجبلية بينهما.

استمر مامسر في ممارسة كرة السلة، رئيساً لفريق الأهلي والمنتخب الوطني، حتى العام 1964 عندما اعتزل اللعب، ليتفرغ للتدريب، فكان أول مدرب أردني يتفرغ للتدريب في كرة السلة بعقد مع مؤسسة رعاية الشباب، وبراتب 41 ديناراً. وقام بتدريب منتخبات عدة من ضمنها منتخب عمّان، والمنتخب الوطني للسيدات، واعتزل التدريب في العام 1972.

عمل في مواقع إدارية عدة: أميناً عاماً لاتحاد كرة القدم العام 1964، وعضواً في اتحاد كرة اليد، ونائباً لرئيس اتحاد التايكواندو، ثم رئيساً له العام 2003. كما كان عضواً في اللجنة الأولمبية، ثم رئيساً لها العام 1999 عندما كان وزيراً للشباب، بعد أن حمل حقيبة التنمية الاجتماعية العام 1997.

في المجال المهني، عمل مامسر في مواقع متعددة، بدأها العام 1962 مدرّساً للتربية الرياضية في دار المعلمين/ العروب بالخليل، ثم مشرفاً رياضياً ومديراً لنشاطات الطلبة في وزارة التربية والتعليم. وفي العام 1980 عمل مديراً لشؤون الطلبة بجامعة اليرموك، ثم مستشاراً لرئيس جامعة العلوم والتكنولوجيا، ثم عميداً لكلية التربية الرياضية بالجامعة الأردنية، ثم وكيلاً لوزارة الشباب حتى العام 1992 عندما نُقل إلى جامعة مؤتة نائباً لرئيس الجامعة، ثم رئيساً لها بالوكالة.

عمل مامسر بعد ذلك مستشاراً لجامعة الإسراء، ومديراً لمكتب الأمناء حتى العام 2006، عندما اختير رئيساً لهيئة المديرين الأكاديمية لجامعة عجلون، ثم رئيساً لمجلس الأمناء قبل أن يتقدم باستقالته العام 2009.

ينتمي إلى عائلة رياضية، فوالده كان فارساً، وزوجته عصمت كانت لاعبة كرة طاولة العام 1955، وحَكماً في كرة السلة، وابنه نارت كان عضواً في منتخب الناشئين بكرة السلة وحارساً لمرمى فريق الجامعة أثناء دراسته في الولايات المتحدة، وكذلك ابنته الصيدلانية تمارا التي مارست كرة السلة.

يرى مامسر أن الرياضة هواية، وحتى عندما كان محترفاً فيها ظل يمارسها بروح الهواية. يقول: «الهواية أحلى من الاحتراف، وعندما كنت مدرّساً عددتُ عملي هواية، يهمّني محبة العمل والرغبة في الإنجاز والنجاح».

من هواياته القراءة والتأليف، وآخر عمل أنجزه هو «الموسوعة التاريخية للأمة الشركسية»، وهي مؤلَّف ضخم مكون من ستة مجلدات في خمسة آلاف صفحة.

أما آخر مطالعاته فهي لثلاثة كتب حول دور الدولة الأيوبية والعصر المملوكي والعثماني بالقدس.

يعدّ العضو العربي الوحيد من خارج السعودية في مجلس أمناء جائزة الأمير فيصل بن فهد لتطوير الرياضة العربية، وأنيطت به رئاسة اللجنة العلمية للجائزة التي تبلغ قيمتها 300 ألف دولار، والتي تُمنح للفائزين في مسابقة للأبحاث العلمية في مجال الرياضة، وهي أكبر جائزة علمية رياضية من نوعها بالوطن العربي.

ويترأس مامسر لجنة الاستراتيجية الكشفية العربية منذ عشرين عاماً، إضافة إلى منصب نائب اللجنة الآسيوية بالتايكواندو.

يقول حول موضوع الاحتراف: «للأسف، نحن نتعامل معه بأسلوب الفزعة، ولم نقم ببناء استراتيجية قصيرة أو طويلة المدى له، لذلك لا يمكننا النجاح فيه، بل إنه سينعكس سلبياً على الرياضة الأردنية، وتطبيقه بهذا الشكل خاطئ بنسبة 100 في المئة».

ورداً على سؤال افتراضي لـ«ے»، حول ما يمكن أن يفعله مامسر لو كان مسؤولاً رياضياً هذه الأيام، يقول: «هناك عمل كثير أقوم به، أوله تخصيص 80 في المئة من الموازنة الرياضية لبناء استراتيجية للوصول بالرياضة الأردنية للاحتراف الصحيح، تتضمن إعداد المنشآت الرياضية ومراكز للناشئين والطب الرياضي والحكام والمدربين وإجراء الدراسات والأبحاث لتطوير الرياضة، مع التركيز على تطوير الرياضة المدرسية»، ويستدرك: «رغم ذلك، أعتقد أننا لن نصل إلى إنجازات رياضية أولمبية كبيرة، لأنها نتاج حضارة متكاملة لم نصل إليها، وتحقيق منجزات أولمبية يتطلب أن تكون لدينا حضارة رياضية مجتمعية».

ويضيف: «لو ترأست اتحاد كرة السلة، لقمت بالتركيز على دعم الأندية الأهلية بالإمكانات كافة، لأن هذه اللعبة تطورت فنياً، لكن من دون جمهور، ومن أبرز أخطاء الاتحاد المنحلّ إهمال الأندية الأهلية، والاعتماد على أندية الشركات التي تستقطب لاعبين جاهزين من الأندية الأخرى، وتحضر لاعبين محترفين من الخارج لأن همّها الفوز فقط».

أما لو ترأس اتحاد كرة القدم، فسيقوم بـ«تخصيص الجزء الأكبر من موازنة الاتحاد لإعداد الناشئين وبعشرات الآلاف من خلال المدارس والأندية وأكاديميات كرة القدم لتكوين منتخبات وطنية بأسلوب علمي»، كما سيقوم بـ«إقامة شراكة مع وزارة التربية والتعليم لإيجاد مدربين متخصصين للعمل على إعداد مدربين وطنيين بالمئات، كي يشرفوا على مراكز تنشأ لهذه الغاية».

يرى مامسر أن شغب الملاعب ظاهرة خطيرة قد تُحدث فتنة تقضي على رياضة كرة القدم، ويجب العمل على إصدار قانون مكافحة شغب الملاعب.

ويؤكد أنه لو كان مسؤولاً عن كليات التربية الرياضة، لقام بإعادة اختبارات القبول، لأن الطلاب المقبولين الآن يخضعون للمعدل في التوجيهي، و90 في المئة من المقبولين «ليس لهم علاقة بالرياضة» كما يرى، كما يشدد على أهمية البحث العلمي للطلبة.

ويعتقد مامسر أن الإعلام الرياضي «يؤدي دوره بشكل جيد، ومستواه يسبق المستوى الرياضي»، لكنه يبدو عاتباً على عدد من الإعلاميين غير الحياديين بتعليقاتهم أو تحليلاتهم «غير المناسبة»، كما كان يشيع في الثمانينيات من تعليقات على المباريات، مثل: «اليوم يكرم المنتخب أو يهان»، «مَدافع الفريق الفلاني تدك حصون الفريق الفلاني»، وكأن المباراة معركة حربية وعناوين تشحن الجمهور.

يتخذ موقفاً مضاداً من التجنيس «على طول الخط، على صعيد المنتخبات والأندية». ويؤكد: «التجنيس يُضعف اللاعب الأردني، كما حدث مؤخراً في رياضة كرة السلة»، ويدعو في سياق متصل إلى «دعم اللاعب الوطني وتطويره».

طموحاته كثيرة وكبيرة، أهمها أن يرى «المستوى الرياضي الأردني أفضل». وعلى الصعيد الشخصي، أن يتمكن من المحافظة على حياته الشخصية السعيدة مع عائلته. أما أكلته المفضّلة فهي المنسف العربي، على أن يتناوله باليد، كما يحب أكلة «الشبس باسطة» الشركيسة.

محمد خير مامسر: أكاديمي رياضي نصف قرن في ميادين الرياضة
 
01-Oct-2009
 
العدد 4