العدد 4 - إبداع
 

أحمد حمّيض

مؤسس ومدير شركة Syntax للتصميم، والهوية Branding. مؤسس موقع اكبس دوت كوم، وصاحب مدوّنة 360 east. نال شهادة البكالوريوس في الهندسة المعمارية من الجامعة الأردنية العام 1996. وكان أنهى دراسة المرحلة الثانوية في كلية الحسين بعمّان.

بدأت «سانتاكس» نشاطها العام 1998، كشركة تصميم، وطوّرت أعمالها بوتائر سريعة لمواكبة الاحتياجات المتجددة في مجال التصميم والهوية. من بين الأنشطة الحديثة التي نفذتها الشركة: تطوير الهوية الإعلامية والشعار الجديد لمدينة عمّان، تصميم الهوية المؤسسية الجديدة للبنك الأهلي الأردني، تصميم الإخراج الصحفي لصحيفة «جوردن تايمز» وصحيفة «السّجل» الأسبوعية، دراسة وتطوير معايير الهوية والتصميم المعماري للمباني الحكومية الأردنية لصالح وزارة الأشغال العامة والإسكان.

حوار: حسين أبو رمّان

«السّجل»: كيف توصّف عمل «سانتاكس»؟

- إنها شركة متخصصة في التصميم الغرافيكي، ومنها تطورت إلى تصميم الهويّات المؤسسية Branding، تصميم المواد الإعلامية، والتصميم التفاعلي لمواقع الإنترنت والوسائط الإعلامية الإلكترونية. عندما أسسنا الشركة أواخر التسعينيات، كان السائد هو وجود وكالات الدعاية والإعلان التي تتولى بعض أعمال التصميم، فقررنا أن لا ندخل في هذا المجال، لنركز على التصميم للوسائط التفاعلية والرقمية.

«السّجل»: إذاً أين يكمن تميز «سانتاكس»، ومن أين استلهمت فكرتها؟

- ما يميز الشركة هو القدرة على الفهم المركب لعناصر التصميم والإعلام والتكنولوجيا. وتعود بواكير خبرتي في هذا الحقل إلى «الهوس» بموضوع النشر بدءاً من مجلات الحائط في المدرسة، إلى النشاط الإعلامي في الجامعة، إلى مطالعة المجلات المتخصصة والكتب. إضافة إلى دراستي للهندسة المعمارية، وأثر هوايتي في التعبير من خلال الرسم والكلمة وغيرهما في تشكيل الطريقة التي أتعامل فيها مع التصميم.

«السّجل»: ما الخصوصية التي تطبع عمل فريق الشركة؟

- الريادة في الأعمال هي أبرز سمات فريق الشركة، وهذا يعكس الرغبة في اختراع الجديد. الفريق، لا يخضع لعلاقات تراتبية، بل يعمل في إجواء زمالة تشجع على الإبداع، ونحن نختار العاملين الجدد من بين الكفاءات «ذاتية الدفع» التي تعتمد على نفسها. والعاملون الرئيسيون لدينا شغوفون بحزمة التصميم بكل ما تنطوي عليه من خطوط وطباعة وألوان وتناسب بين المكونات. هذا أكسبنا سمعة جيدة، ودفع محبي التصميم إلى طلب الالتحاق بنا، لأن هذا يمنحهم فرصة للتفكير بشكل مختلف، وخلق منتَج غير مسبوق.

«السّجل»: هل لديكم أفضليات معينة في اختيار الأعمال التي تنفذونها؟

- تستند فلسفتنا في التصميم إلى رؤية استراتيجية ودراسة وليس مجرد اهتمام بجمالية الشكل. وبالتالي نميل إلى المشاريع ذات التأثير الكبير في المجال العام المشترك الحضري أو الإعلامي. ونتطلع باهتمام إلى المشاريع التي تخدم أكبر عدد من الناس، أو التي يمكن أن تحسّن من حياة الناس، بينما ليس من أولوياتنا المشاريع التي تهتم بعنصر الفخامة أو التي تخص جمهوراً ضيقاً. ومن الزاوية الفنية، نفضّل الأعمال التي تتيح لنا مجالاً لبلورة منتَج أصيل وخلق هوية مؤسسية من لا شيء.

«السّجل»: بماذا تتميز رؤيتكم لمفهوم التصميم؟

- نحن نختلف كثيراً مع مفهوم التصميم الذي يتمحور حول المظهر الخارجي أو الديكور، لأن التصميم بالنسبة لنا عملية خلق متكاملة للمنتَج من الداخل والخارج، وهذه العملية توائم بين الشكل والوظيفة. التصميم بهذا المعنى منظومة متكاملة من الأدوات وأساليب العمل التي تُستخدم لحل المشاكل التي تواجه الناس، أي أنه عملية إبداعية لحل المشاكل. وأستشهد بقول مأثور لـ ستيف جوبز مؤسس شركة أبل ماكنتوش للكمبيوتر، وهو خبير في التكنولوجيا، لكنه «مهووس» بالتصميم: «إن التصميم هو روح كل ما يصنعه الإنسان».

«السّجل»: ما صلة هذه الرؤية بالبعد المعماري؟

- أنا شخصياً متأثر بمعماريي عصر الحداثة في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، والذين حققوا ثورة في التصميم المعماري عندما تخلصوا من القشور، وأبرزوا الوظيفة الحقيقية للمباني، والاحتفاء الجريء والصادق بتقنيات البناء الحديثة بدل الاختباء خلف القشور الكلاسيكية أو الأشكال الزخرفية المقتبسة. العمارة الريفية القديمة تعاملت بدقة مع مواد البناء، وهذا سر جماليتها. أما اللجوء إلى «لصق» زخارف وقشور كلاسيكية أو إسلامية، فهذا لا يُنتج أصالة أو إبداعاً، بل هو شكل من أشكال «التراثوية»، أو استعارة الهوية، واجترار الماضي. وهذا لا يعني أن التراث ليست له أهمية.

«السّجل»: ما معايير التصميم الجيد؟

- رغم أن للتصميم مضموناً فنياً، إلا أن المصمم ليس فناناً يعبّر عن ذاته، بل يفترض أن يكون حلاّل مشاكل، وحرفياً يخلق لدى المتعاملين مع المنتج سواء كان مكاناً أو آلة أو أداة إعلامية، فرصة الاستمتاع أو الارتياح باستخدامه، وهذا يخلق لديهم الإحساس بأنهم مرّوا بتجربة ممتعة. والتصميم الجيد يحترم حاجات الإنسان ومن ضمنها الحاجات الوجدانية واحترام الطبيعة والبيئة الثقافية والحضارية. ويمكن ملاحظة أن الإنسان استغرق مئات السنين حتى تفتق الذهن عن وضع عجلات لحقائب المسافرين، وأن اختراع الماوس حوّل التعامل السابق المعقّد مع هذه التكنولوجيا إلى شيء متاح لعامة الناس.

«السّجل»: في أيّ اتجاه أثّرت البيئة التي نشأت فيها في منظورك للحياة؟

- والدتي ألمانية، وعشت خمس سنوات من طفولتي في ألمانيا، الأمر الذي زودني بمكوّن ثقافي آخر، وهذا أدى إلى أن لا آخذ الأمور كمسلّمات، إذ إن لدي مرجعيتَين ثقافيتَين لهما الوزن نفسه في حياتي. صداقاتي الشخصية قبل سن العشرين تمحورت حول اهتمامات تقنية أو فنية، ولم أكن محكوماً بعلاقات المدرسة أو الحارة أو العائلة. الآن في زمن الإنترنت يختار الشبان صداقات ما كان يمكن أن يتعرفوا إليها من دونه. بعض أساتذتي في الهندسة المعمارية ممن تميزوا بخبرتهم العملية مثل طالب الرفاعي وبلال حمّاد كان لهما تأثير فيّ اعتز به.

«السّجل»: كيف تقيّم الأردن كبيئة لإطلاق الأعمال الشابة؟

- اجتمعت عوامل عدة جعلت الأردن بيئة ممتازة لإطلاق الأعمال الشابة، ربما بفضل عدم وجود النفط رغم أنه أثّر فينا كثيراً. الطفرة العقارية، فرضت حالة تباطؤ على تقدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فيما كان الملك عبدالله الثاني شدّد منذ العام 2000، على وجوب أن يستثمر الأردن طاقاته في تكنولوجيا المعلومات التي أعادت صفقة ياهو- مكتوب الاعتبار إليها. في الأردن أيضاً، ليس هناك شركات ضخمة تستحوذ على كل شيء، بل تسود في السوق شركات متوسطة وصغيرة، وثقافة مهن. إضافة إلى بساطة المعاملات الحكومية لإنشاء شركات، ووجود مناخ من الحرية النسبية، ومن الانفتاح على الغرب.

«السّجل»: كيف تنظر لعلاقة التصميم بالإنسان؟

- رؤيتنا للتصميم تضع الإنسان في مركز عملية الخلق والإبداع. بينما نجد أن كثيراً من الأشياء تصمم لتعظيم هيبة مؤسسة، أو خلق انطباع تجاري ضخم، أو إبداء اهتمام زائد بالجماليات. حين يتم تجاهل الإنسان، فإن التصميم يخلق بيئات غير مريحة وربما مؤذية له. أنت قد تصمم إجراء إدارياً ربما يكون مريحاً لمؤسسة، لكنه يضع عقبات أمام المراجعين، أو لا يراعي شروط السلامة العامة. أن يكون الإنسانُ أساس التصميم، يعني أيضاً أن يتم استشارة السكان في ما يعنيهم من ترتيبات، وهذا مغزى أن تكون المدينة صديقة للبيئة والمسنّين والمشاة. لذلك من أهم المشاريع التي يمكن أن تنفَّذ في العاصمة عمّان مثلاً إيجاد شبكة نقل متطورة تجعل المدينة رفيقة بمواطنيها.

«السّجل»: هل تُعِدّ مشروعكم قصة نجاح؟

- عندما بدأنا كان لدينا مهارات وفهم للتقنية الفنية، لكن كانت تنقصنا الخبرة الإدارية والمالية والخبرة التسويقية، وهي مكون أساسي للنجاح. لهذا نعدّ مشروعنا بمثابة قصة نجاح نسبي، فهو يستقطب الكفاءات في مجال التصميم والتقنية، وقدّم أشياء مهمة خلال عشر سنوات من العمل.

«السّجل»: ما مشاريعك الأخرى؟

- قمت في العام 2006 مع أصدقاء بإنشاء شركة متخصصة في إطلاق مواقع الإنترنت الموجهة للمستخدم العربي، وكانت أولى التجارب هي إطلاق موقع Itoot.net، وهو بوابة لمدوّنات تهتم بالشأن العربي، تلاه إطلاق مشروع ikbis.com أواخر العام 2006، وهو أول موقع عربي متخصص لمشاركة الفيديو والصور. أما آخر هذه المبادرات فهو موقع للتشبيك الاجتماعي عبر الإنترنت والموبايل watwet.com أطلقناه العام 2008.

مؤسس شركة «سانتاكس»: الإنسان مركز عملية التصميم الخلاّق
 
01-Oct-2009
 
العدد 4