العدد 4 - عين ثالثة
 

رئيس اللجنة القانونية في مجلس النواب، مبارك العبادي، كان فتح باب الانتقاد على مصراعيه في نيسان/إبريل 2009، لـ«تدخل جهاز المخابرات في الجامعات الرسمية». جاء ذلك خلال ندوة عُقدت بمناسبة مرور عامين على انطلاقة حملة «ذبحتونا»، سبقه مذكرة وجهتها أحزاب المعارضة لرئيس الوزراء نادر الذهبي، حول «انحسار المشاركة الطلابية في انتخاب مجالس واتحادات الطلبة، والمضايقات التي يتعرض لها الطلبة وتدخلات الجهات الأمنية، من خلال إقامة تنظيم خاص بها وفرت له الرعاية، بينما عمدت إلى التضييق على التيارات الفكرية المخالفة لسياسات الحكومة في بعض القضايا، بالاستدعاءات وممارسة الضغوط لحرف إرادتهم»، بحسب ما جاء في المذكرة.

التقرير الذي أعلنت عنه «ذبحتونا» في مؤتمر صحفي عُقد في الأول من أيلول/سبتمبر 2009، اختار شعارات عدة: «لا للتدخلات الأمنية في الجامعات الأردنية»، «لا للنفوذ المتنامي للأمن الجامعي»، «نعم لمجالس طلابية فاعلة»، و«معاً من أجل اتحاد عام لطلبة الأردن».

منسق الحملة فاخر دعاس أكد في المؤتمر، «استمرارَ التدخل الأمني بشكل واضح وفاضح أحياناً في الانتخابات الجامعية، يصل إلى تهديد الطلبة وتوجيههم لانتخاب أشخاص محددين».

توقف التقرير عند قيام إدارة جامعة الزرقاء الأهلية باعتماد نظام تعيين نصف أعضاء مجلس الطلبة في انتخابات أيار/ مايو 2008 ، وتكرار التجربة في انتخابات العام 2009، كما توقف عند قرار إدارة الجامعة الأردنية إلغاء نظام تعيين نصف أعضاء مجلس الطلبة، إذ قامت بوضع نظام جديد يعتمد الانتخاب الكامل لجميع أعضاء المجلس وفق نظام الصوت الواحد.

ورأى التقرير أن شكل تمثيل الطلبة داخل الجامعات من أهم المؤشرات لقياس الحريات الأكاديمية، معبّراً عن استيائه من بقاء نظام الصوت الواحد في الانتخابات الجامعية، نظراً لأنه «يشكل تراجعاً في تعزيز الوعي الديمقراطي لدى الطلبة، ويكرس النزعات الجهوية والإقليمية».

وتناول التقرير ممارسات متعلقة بالحريات الطلابية رصدتها الحملة في الفترة ما بين 21 آذار/مارس 2008 – 30 حزيران/يونيو 2009. وقد أشار دعاس، إلى أبرز هذه الممارسات، مثل: فصل طالب لمدة عام كامل على خلفية توزيعه ملصقاً تضامناً مع أهالي غزة، ونسب دعاس على لسان نائب عميد الكلية التي يدرس فيها الطالب إنه قال إنه حاول لمدة عام «الإيقاع بالطالب». وأكد دعاس أن الطالب كان في سنته الدراسية الأولى، ولم تُسجَّل في حقه أية مخالفة قبل ذلك.

الطالب ناصر المناصرة من الجامعة الأردنية، روى لموقع عمان نت الإلكتروني، قصة التحقيق معه من جانب الأجهزة الأمنية على خلفية توزيع ملصق. يقول: «تفاجأت بتحويلي إلى دائرة المخابرات العامة، ولم يتم اللجوء للنظام التأديبي الداخلي، ولم أحوَّل إلى مجلس ضبط».

التقرير رأى في ما يحدث في الجامعات، «استمراراً لسياسة الحكومة في القضاء على الحركات الطلابية في الجامعات» التي تحولت، بحسب التقرير، إلى غيتوهات معزولة عن قضايا المجتمع.

الملك عبد الله الثاني بعث بتطمينات العام الماضي لطلبة الجامعات بشأن مساءلة الجهات الأمنية لهم أو إمكانية تعرضهم لمطاردات إليها في حال انخراطهم في العمل السياسي والحزبي، وقال أمام حشد من طلبة جامعة اليرموك في نيسان/إبريل 2008: «لن تكون هناك مساءلة أمنية» لانخراطهم في العمل السياسي والحزبي، موضحاً حينها «أن لا مشكلة مع الأجهزة الأمنية».

الكاتب فهد الخيطان، رأى في مقالة له في العرب اليوم حول الموضوع، 8 أيلول/سبتمبر 2009، أن التقرير توصل إلى استنتاج منطقي كثيراً ما حذرت منه أوساط سياسية وإعلامية، هو أن الجامعات في غياب الحياة الطلابية الصحية، أصبحت مقسمة إلى حارات عشائرية وقبلية وإقليمية تتصارع في ما بينها.

ووفقاً للخيطان، فإن المسؤولين لا يعترفون صراحةً بتردّي الواقع الطلابي، لكنهم بدأوا يتحسسون خطر العنف الطلابي. غير أن المعالجة للظاهرة المتفاقمة ظلت محصورة بالإجراءات الأمنية، وتشديد العقوبات التي ساوت بين الناشطين ومثيري الشغب.

وقال إن تقرير «ذبحتونا»، لا يمكن النظر إليه بمعزل عن قضايا جودة التعليم ومستوى الخريجين وأساتذة الجامعات، وصولاً إلى الأزمة المالية، فـ«لا إبداع من دون حرية، ولا تعليم جامعياً من دون الدعم الرسمي».

التقرير ذكرَ أن سطوة الأمن الجامعي أصبحت أكبر من سطوة عمادات شؤون الطلبة في بعض الجامعات، كما تعدى الصلاحيات الممنوحة له، فصار يحقق مع الطلبة، إضافةً إلى استخدامه أسلوبَ التهديد والوعيد للناشطين في الجامعات، فضلاً عن أنه حاول في بعض الجامعات استخدام طلبة ليكونوا أداة في يده. ولاحظ التقرير أن الأمن الجامعي في بعض الجامعات هو صاحب القرار في قضايا الحريات الطلابية.

وكانت انتقاداتٌ بين المركز الوطني لحقوق الإنسان وحملة «ذبحتونا» اشتدت قبل استعدادات الحملة لإطلاق التقرير السنوي للحريات الطلابية. فقد اتهمت «ذبحتوتا» المركزَ بتراجع حياديته، وعدم وجود أسس علمية لاستنتاجه الذي تضمنه التقرير الصادر عنه للعام 2008، وتحديداً في الشق المتعلق بقطاع التعليم العالي، من أن ظاهرة العنف تمارَس في الجامعات الأردنية رغم تراجعها العام الجاري. إذ أكدت الحملة في بيان لها، 19 آب/أغسطس 2009، أن ظاهرة العنف الطلابي وصلت حداً لا يمكن السكوت عنه، وهي نتاج أنظمة التأديب القمعية وسياسة التجهيل التي تمارَس على الطالب في المدرسة.

بدوره، استغرب المركز وعلى لسان مفوضه العام محي الدين توق، 31 آب /أغسطس، ما ورد في بيان «ذبحتونا»، وتحديداً بأن المركز لم يكن لديه أسس علمية لرصد مدى زيادة أو نقصان ظاهرة العنف. وأكد توق أن المركز يقوم برصد هذه الظاهرة من خلال ما يُكتب عنها في الصحف المحلية، وما يرده من أخبار عنها، وأنه بنى حكمه على هذا الأساس.

أما أن ظاهرة العنف الجامعي نتاجُ أنظمة التأديب القمعية وسياسة التجهيل، فإن تقرير المركز تطرق إلى نظام التأديب ووجه انتقاداً له، بحسب توق.

ورأى المركز أن ما ورد في بيان الحملة حول سياسة التجهيل مبالغ فيه، إذ لا يعتقد المركز، بحسب توق، بوجود سياسة تجهيل، «في الوقت الذي تزداد فيه أعداد الطلبة والجامعات في المملكة، وتخصَّص موازنات أكبر للبحث العلمي».

من جهته، اتهم رئيس جامعة جدارا للدراسات العليا، علي محافظة، حملة «ذبحتونا» بالمبالغة إلى حد ما، لكنه لم ينفِ في الوقت نفسه وجود تدخلات أمنية داخل الحرم الجامعي، ورأى أن الانتخابات التي تحدث داخل الحرم الجامعي جاءت بسبب طبيعة تكوين المجتمع الأردني، ملقياً اللوم على الحكومة التي شجعت على التركيبة العشائرية.

الناجحون في الانتخابات ينجحون وفقاً لمحافظة، لأن لهم مؤيدين عشائريين، وبذلك «يتم استبعاد الطلبة الحزبيين الذين يعتقدون أن هذا الاستبعاد ناشئ عن تدخل الأجهزة الأمنية، وقد يكون في ذلك نوع من المبالغة، لذا فإن كثيراً من الطلبة ذوي الانتماءات الحزبية يشعرون بالظلم، لعدم قدرتهم على النجاح وعلى لعب دور في الحياة الحزبية داخل الحرم الجامعي».

يرى محافظة أن من حق الطالب الانتماء لحزب سياسي، وأن يكون له فكر معين خارج أسوار الجامعة، مستدركاً أن ممارسة العمل السياسي داخل الجامعة «قد تؤدي أحياناً إلى حدوث العنف».

الحريات الطلابية متوافرة داخل الجامعات، كما يؤكد محافظة لـ«ے»، لكن «تتم ممارستها على أساس عشائري»، ويضيف: «دور الأحزاب السياسية ميت، ليس لديها أي تأثير على الوسط الاجتماعي ولا على الطلبة ولا على المجتمع، باستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي».

ذبحتونا: نعم لمجالس طلابية فاعلة صورة قاتمة لواقع الحريات في الجامعات
 
01-Oct-2009
 
العدد 4