العدد 4 - الملف | ||||||||||||||
استغرق الأمر أسبوعاً ليعود الهدوء إلى شوارع بلدة عنجرة في محافظة عجلون، ويختفي آخر مظهر أمني مشدد بانسحاب سيارات الأمن والدرك ظهر الجمعة 25 أيلول/سبتمبر 2009، بعد استنفارها مساء السبت 19 أيلول /سبتمبر، إثر نشوب مشاجرة عشائرية في البلدة. بلدة عنجرة، تقع بين مدينتَي جرش وعجلون، وتبعد عن الأخيرة نحو 8 كم. ورغم اشتهارها بغاباتها وهدوئها وبوجود معلم أثري مهم فيها، هو كنيسة السلام، فإن ذلك لم يشفع لها، إذ أدخلها أبناؤها في أتون خلاف عشائري تخلله إطلاق عيارات نارية، وتخريب ممتلكات وحرقها، في إعادة مؤسفة لما حدث في عجلون قبل ذلك بأسابيع. الناطق الرسمي باسم مديرية الأمن العام الرائد محمد الخطيب قال لـ«ے» إن «الأمور بدأت بمشاجرة عائلية بين شبان مراهقين من عائلة بني فواز في البلدة، على خلفية رسائل تلفونية تبادلوا فيها الشتائم، فاشتبكوا معاً». ويتابع: «عائلة الزغول لم تكن طرفاً في المشكلة، لكن صودف أن كان بعض أبنائها متواجدين في المنطقة أثناء المشاجرة، فتوفي نشأت الزغول 29 عاماً، إثر إطلاق نار من عائلة بني فواز، وأصيب أربعة آخرون». نتيجة ذلك، تدخلت قوات الأمن لفضّ الاشتباكات، واستدعى تطور الأمور بشكل دراماتيكي إلى تدخل قوات الدرك لتطويق المشكلة ومحاولة السيطرة عليها، إلا أنه، وفي سيناريو تكرر في هذا النوع من الحوادث الذي ازدادت وتيرته مؤخراً، منعت السطوةُ العشائرية والعصبيةُ القبلية الجميعَ من القدرة على «سماع صوت العقل، والاستجابة للاحتكام للهدوء وعدم تدمير الممتلكات»، في دعوات تبنتها جهات شعبية وأمنية، بُثَّ بعضها عبر وكالة «عمون» من جانب الرائد محمد الخطيب. مواطنون من البلدة، أكدوا لـ«ے»، أن المشكلة بدأت في عائلة الفواز، بسبب خلاف عائلي حول رفض زوجين من العائلة نفسها الخضوع لمطالب عائلتيهما، وإصرارهما على استئناف حياتهما الزوجية بعد خلاف بينهما في وقت سابق، تركت الزوجة منزلها على إثره، وذهبت إلى بيت أهلها. سلطان، معلم من سكان البلدة، يقول: «إن قرار الزوجين العودة لبعضهما بعضاً، وهما أبناء عمومة، لم يَرُق لعائلتيهما، فتكررت مشاجرات بين العائلتين منذ الخامس من رمضان، كانت تنتهي بالصلح بمساعٍ من الجيران، لكن الأمور خرجت عن السيطرة لدى تدخل أحد الأقارب وإطلاق النار، ما نتج عنه قتل شاب من عشيرة الزغول بالخطأ». ويستغرب سلطان، قيام شخص بإطلاق النار أثناء تواجد مئات من المتجمهرين، ويتابع: «تم نقل المصابين إلى المستشفى، وكان أحدهم بحاجة إلى دم، فرغب أحد بناء عمومته من عائلة الزغول، في التبرع بالدم له، لكن أشخاصاً أقاربَ للشخص الذي أطلق النار حاولوا منعه من الوصول إلى المستشفى». الأربعيني أبو فادي، يحمّل مدير شرطة المحافظة العميد إبراهيم الجعافرة، المسؤولية في تطور الأمور في البلدة، لعدم استجابته لمطالب عشيرة الزغول بإخلاء المنطقة لدفن المتوفى، إذ كانت القوات الأمنية تحيط ببيت القاتل، ولدى رفض الشرطة الاستجابة «نشب اشتباك بين عائلة الزغول والشرطة، ثم تطور فأصبح بين عائلتي الزغول وبني فواز، انتهى بإحراق منزل القاتل ومخازن مجاورة لعائلة بني فواز، تبعها بعد ذلك تعزيز أمني من قوات الدرك والبادية وإطلاق غاز مسيل للدموع لتفريق المواطنين»، بحسب أبو فادي. تمكنت قوات الدرك من السيطرة على الاشتباكات بين العشيرتين، في الوقت الذي شهد فيه مبنى محافظة عجلون تواجداً لعدد من المسؤولين الأمنيين والرسميين، أبرزهم وزير الداخلية نايف القاضي، ومستشار جلالة الملك لشؤون العشائر الشريف فواز بن زبن. عصر الثلاثاء 22 أيلول /سبتمبر، دهست قوات الدرك بطريق الخطأ الشاب أيسر الزغول، وعُدّ الحادث «قضاء وقدراً». إذ قرر مجلس العشيرة خلال اجتماعه عَدّ ما حدث لابنهم «عملية دهس خطأ غير مقصود من قبل سائق الناقلة، الذي كان يقوم بواجبه الرسمي». وأبدى والد المتوفى محمود يوسف حمود، التزامه بما قرره مجلس العائلة. عشيرة الزغول، وبحضور رئيس الوزراء نادر الذهبي الذي زار ديوان العشيرة معزّياً بابنهم، طالبت «الجهات الحكومية والأمنية عدم ملاحقة سائق الناقلة، وعدم الإفصاح عن اسمه، لأنه كان يقوم بواجبه الرسمي للحفاظ على الأمن». وكان رئيس الوزراء نادر الذهبي قرر تشكيل لجنة لتقييم الأضرار المادية التي لحقت بالمنازل والمحلات التجارية والمركبات جراء الأحداث التي جرت في البلدة. وتم التوقيع على عطوة عشائرية اعتراف والتزام بشرف لمدة شهر، على خلفية مقتل نشأت الزغول، نصت على بنود أبرزها: التزام عشيرة الجاني (بني فواز) بتحمل تبعات القضية كافة من أضرار ومصاريف علاج المصابين حتى الشفاء التام بالكامل، وعدم مطالبة أبناء عشيرة الزغول بأي أضرار مادية لحقت بالجناة وذويهم من عشيرة الجاني والتي تمت أثناء أعمال الشغب التي واكبت جريمة القتل. ومرة أخرى، أكد مصدر أمني لـ«ے»، أنه ليس هناك أي معتقلين على خلفية القضية باستثناء القاتل، وأنه «لن تكون هناك أي ملاحقات أمنية للمشاركين في أعمال الشغب أو الاشتباكات». وكشف المصدر أن من أبرز المشاركين في الاشتباكات، عقيدٌ في القوات المسلحة، يشغل منصب مدير أحد فروع المؤسسة المدنية العسكرية. يقول: «للأسف لوحظَ أن كثيراً من العسكريين شاركوا في أحداث العنف المختلفة التي عمّت إقليم الشمال، وبعض التي وقعت في إقليم الوسط». |
|
|||||||||||||