العدد 4 - محلي
 

لحوار مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي وليد المعاني ممتع، لأنه صاحب رؤية وثقافة واسعة، وحتى حينما يحاول تجنُّب «حقول الألغام»، لا يغادره القلق على وظيفة التعليم العالي وعلى المستقبل، وهو لا يتنصل من مواقف سبق أن تبناها، فهو في الوزارة مثلما هو خارجها، لا شأن له بلعبة المعارضة والموالاة. المعاني رجل علم، فهو جرّاح وأستاذ جراحة دماغ وأعصاب، ويخاله المرءُ يستخدم فلسفة التشخيص في استخلاص السياسات. وحين يُعِدّ الرجلُ نفسه رجلَ إصلاح، فهذا يحمّله مسؤوليات إضافية، بخاصة أنه سبق أن تقلّد المنصب الوزاري نفسه، وكان رئيساً للجامعة الأم.

حاوره فريق من «السّجل»،

أعدّ الحوار للنشر حسين أبو رمّان

«السّجل»: عدنان البخيت وصف التعليم العالي بأنه «يحتضر»، خالد الكركي عَدَّهُ بـ«خير»، أين أنتم من ذلك؟

- التعليم العالي مريض مرضاً شديداً، وهو في غرفة الإنعاش. ولو كان التعليم العالي يحتضر، لما بقي لدينا سوى تهيئته للدفن. إما إذا افترضنا أنه بخير، فهذا يعني أن كل هذا الحوار الوطني حول مشاكل التعليم أمرٌ سفسطائي. لا أبداً، التعليم ليس بخير.

«السّجل»: في الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه المملكة، لِمَ لا نسمع أصواتاً أو نرى مساهمات من الجامعات؟

- من واجبات المشتغلين في الجامعات التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع. في بريطانيا وفي الولايات المتحدة مثلاً، المدرّس اسمه Faculty، بينما يسمّى عندنا «عضو هيئة تدريس»، وليس عضو هيئة بحثية أو هيئة خدمة مجتمع. أي أن دور أستاذ الجامعة في الأردن اختُزل في التدريس. هناك بعض التقصير، لكن الذين لديهم ما يقولونه يقدمون آراءهم، وهناك كفاءات إن كُلّفت تستطيع أن تعدّ دراسات جيدة.

«السّجل»: ما تقييمكم للتعديلات النيابية على مشروع قانون الجامعات، وهل ذهب مجلس النواب أبعد مما ذهبتم في اتجاه استقلالية الجامعات؟

- لا أعتقد أن مجلس النواب ذهب أبعد، ربما باستثناء نقطة واحدة قابلة للتفسير، وتتعلق بـ: لمن ينسّب مجلس الأمناء تعيين رئيس الجامعة؟ وجهة نظري كانت مماثلة لوجهة نظر النواب، أي أن ينسّب مجلس الأمناء مباشرة إلى رئيس الوزراء لاستصدار الإرادة الملكية. لكن المشروع كان مصاغاً من مجلس التعليم العالي، ويقترح أن يتم التنسيب له. في المحصلة ليس هناك اختلاف جوهري في المنتَج الذي حصلنا عليه، ما دام أن مجلس الأمناء يختار رئيس الجامعة من بين مجموعة مرشحين.

«السّجل»: لكن كان هناك تباين بشأن الفترة الزمنية للبدء في تعيين رؤساء للجامعات؟

- نعم، كان الأنسب أن يترافق مع قدوم قيادة جديدة للجامعة، تعيينُ كوادر جديدة: فعندما يأتي رئيس للجامعة، يجب أن يكون نوابه من أصحاب الرؤية نفسها، وكذلك العمداء وكبار الموظفين الأكاديميين، حتى لا يرث الرئيس الجديد أعباءً من الفترة السابقة. فقد يرى أحد الكوادر العليا أنه أَولى منه بالرئاسة، وهذا يسبب له مشكلة إدارية. لقد أُخذ هذا الأمر من قِبَل مجموعات من الأكاديميين على أنه محاولة من وزير التعليم العالي شخصياً للتخلص من بعض رؤساء الجامعات، وهذا غير صحيح.

«السّجل»: هناك نواب أيضاً حملوا هذه الفكرة.

- صحيح. ما يعنيني ليس الأشخاص، بل الظاهرة، هناك مجموعات تكتّلت واختزلت القانون في مادة تتحدث عن أنه خلال شهرين يجب أن يتم التغيير. أنا ما زلت أؤمن أن القانون كان يجب أن يبقى كما هو في هذه النقطة، وأن يتغير الجميع خلال ستين يوماً حتى نبدأ بطواقم جديدة: مجالس أمناء، ورؤساء، وإدارات جامعية حتى يتحمل الجميع المسؤولية وفقاً للقانون. إنما ما جرى في النهاية أمر جيد جداً، وسيُثبت الزمن أنه لمصلحة الجامعات.

«السّجل»: تعيين إداريين في الجامعات يحملون رتبة الأستاذية، ألا يعدّ تعطيلاً لكفاءات علمية؟

- رئيس الجامعة هو وجهها المشرق وصلة الوصل مع المجتمع، يجلب الأصدقاء للجامعة، ممن يترجمون صداقتهم بعلاقات مودّة أو بعلاقات مالية. وهو رجل علاقات عامة من طراز رفيع، يتحرك في كل الاتجاهات لخدمة جامعته، لذا لا بد أن يساعده أكاديميون في مجالات متعددة. ولضمان تمتُّع الرئيس بهذه المواصفات، يجب أن يكون مؤهلاً تأهيلاً أكاديمياً. ربما نصل بعد مرحلة انتقالية إلى درجة من النضج يتسلم فيها شخص غير أكاديمي رئاسة جامعة. لكن الآن هذه ضمانة كي لا يتسلل إلى الموقع شخص غير مؤهل.

«السّجل»: أي أن هذه خاصية أردنية، تلتزمون بها؟

- نعم. غياب هؤلاء عن التدريس يمكن تعويضه، لأن أعداد هؤلاء ليست كبيرة. فمن السهل الحصول على أعضاء هيئة تدريسية ليتولوا التدريس، لكن ليس من السهل العثور على نائب رئيس جيد للعمل الإداري. لهذا عندما نجد أستاذاً يحمل هذه المواصفات، فإن من المناسب أن نحتفظ به.

«السّجل»: قلتَ في مقالة لك أواخر العام الفائت، إن الإصلاح من دون مصْلحين لن يحدث، وإن الرؤى من دون أموال تدعمها مجرد هلوسات، وأنتَ الآن في موقع القرار، فأين المصلحون، وأين الأموال؟

- صحيح. أزعم أنني رجل إصلاح. وأنا معني بهذه القضية كثيراً. قدّمت إيجازاً لمجلس الوزراء قلت فيه إن مشاكل التعليم معروفة، وشخّصَتْها جهات كثيرة اتفقت على طرق الإصلاح. فلم يبق إذاً إلا تنفيذ الإصلاحات التي وردت في استراتيجية التعليم العالي 2007-2012، وفي تقرير رؤساء الجامعات المقدّم إلى الملك عبدالله الثاني. هذه الاستراتيجية لا تختلف كثيراً عن الاستراتيجيات التي سبقتها. هذا يعيدنا إلى المقالة، فالمعيق أنه لم يأتِ أحدٌ لينفذها، في ما عدا جوانب جزئية. لكن تحقيق ما نريد يتطلب التطبيق في جميع المكونات، وفي الوقت نفسه.

«السّجل»: على ماذا اشتمل الإيجاز المقدم إلى مجلس الوزراء؟

- مكونات الإصلاح التي وردت في الإيجاز المقدَّم تتحدث عن: الحاكمية، المناهج، طرق التدريس، التمويل الجامعي، دعم صناديق الطلبة، كليات المجتمع، توفير أعضاء الهيئات التدريسية وإصلاح الرواتب. هذه الحزمة تم العمل عليها حتى قبل أيام إلى أن أُنجزت الخطة التنفيذية لهذه الحزمة. والخطة بمكوناتها تكلّف 400 مليون دينار على مدى خمس سنوات. ما نُفذ من الحزمة هو القوانين ضمن محور الحاكمية، وبقية المحاور مطروحة أمام الحكومة لتنظر فيها. أما بشأن إمكانات التنفيذ، فقد صرّحتُ قبل أيام أنني كنت أكثر تفاؤلاً في آذار/مارس الفائت من الآن، بالنظر إلى عجز الموازنة.

«السّجل»: كيف تقيّم هذا الإنفاق في ضوء تحديات المستقبل؟

- قضايا التعليم العالي ليست مسألة ربح وخسارة، أو إنفاق يقابله نتائج مباشرة، لأن مردوده تراكمي ولا يظهر إلا في مدى زمني يمتد من 10 إلى 15 سنة. والأردن مقبل على زيادات في عدد السكان، وعندما تحين «الهبّة السكانية» العام 2030 أو 2040، من المؤمل أن يكون الأردن مستعداً بكوادر قادرة على أن تلج سوق العمل، لأن عدد صغار السن في ذلك الوقت سيكون أقل ممن هم في سن العمل، ما يستلزم أن يكون هؤلاء مؤهلين.

«السّجل»: في ظل الصعوبات المالية، ماذا يكفل أن لا يتم التحول نحو الخصخصة؟

- الخصخصة تعني أن الدولة لن تنفق أي شيء على التعليم العالي، وأن كل طالب عليه أن يدفع رسوم تعليمه. الخطة التي قُدمت للحكومة تقتضي أن يتم تسديد الرسوم عن 50 في المئة من الطلبة، ويتوزع هؤلاء بين: 20 في المئة على حساب المكرمة الملكية، و15 ألف طالب أو ما يعادل 12 في المئة من الطلبة يدفع عنهم صندوق دعم الطالب. ونحن في الحزمة المقترحة، نريد أن نرفع النسبة من 34 إلى 50 في المئة، أي ما يعادل 100 ألف طالب ليتم تغطيتهم مالياً. بهذا يبقى 50 في المئة، نعتقد أنهم قادرون على تسديد الرسوم.

«السّجل»: لكنك شملتَ في هذا كل المكرمات، وهي استثناءات؟

- نحن لا ننظر إلى المكرمات بوصفها استثناءً. إنها كوتات مثل كوتات مجلس النواب. مكرمة أبناء القوات المسلحة مثلاً هي تخصيص مقاعد لأبناء العاملين في القوات المسلحة. وفي الولايات المتحدة هناك مثلاً كوتا لذوي الأصول الإسبانية.

«السّجل»: لكن الكوتا الأميركية بالأساس تتعلق بفئات إثنية؟

- لا يهم ذلك. هناك دراسة تبين أن أبناء القوات المسلحة لو تنافسوا مع «القبول الموحد» لحصلوا على المقاعد نفسها التي يحصلون عليها. والآن هناك في التعليم موضوع يستقطب اهتمام اليونسكو هو: القبول والعدالة Access & Equity. فلا يمكن القول إن الجامعات مفتوحة لكل الناس إذا كانت ظروفهم في المدارس ليست متساوية. لهذا يصعب تطبيق امتحان قبول يعتمد على التفكير التحليلي، لأنه سيحرم بعض المناطق من أيّ قبول. نحن نحاول التقليل من أثر بعض التشوهات في مرحلة ما قبل التعليم العالي. لقد كنا نتقدم خلال فترة من الزمن مجالات كثيرة، وأحياناً نتراجع، ويجب أن لا نتراجع.

«السّجل»: لكننا نتراجع في ما يخص العنف في الجامعات. ورغم أن الأردن يدعو للإصلاح ولديه أحزاب سياسية، يقال لجيل المستقبل: لا تعملوا في السياسة..

- لم يُطلب من أحد أن لا يعمل في السياسة. لقد قيل وكُتب الكثير في موضوع العنف. وأعتقد أن أحسن دراسة أُعدّت حول العنف الجامعي قدّمها أستاذ علم الاجتماع مجد الدين خمش، وحدّد فيها ثلاثة منطلقات للعنف. أحياناً يتم التركز على جزئيات في موضوع العنف الجامعي. ماذا لو سألنا تربوياً: كم يتكون من عقل الإنسان قبل ست سنوات، وقبل 14 سنة، وماذا يبقى عندما يصبح عمره 18 سنة؟ أعتقد أن تغيير فكر الطالب عندما يصل إلى الجامعة صعب. والتغيير لا يكون في المنطلقات الأساسية لسلوكه، وإنما في أمور فكرية أكثر منها سلوكية.

«السّجل»: مشكلة العنف الطلابي مشكلةُ وعي، لها صلة بمدى احترام النفس. فهل يحرك الشخص هويته الفرعية أم البعد الإنساني؟

- صحيح. هناك لوم يُلقى على الجامعات، لكن يجب أن يُلقى لوم أكبر على التربية الأسرية والمدرسية.

«السّجل»: لكن الجامعات لا تضخ وعياً من نوع آخر.

- لا أعارض ذلك. الجامعة ليست الوحيدة المسؤولة. لماذا إذاً هناك عنف أسري، عنف مدرسي، طلبة يضربون أساتذة، والعكس؟ ليس جائزاً أن يضرب طالب أستاذه، فما الذي أدى إلى ذلك؟ دراسة خمش تقول إن العلاقة بين الأستاذ والطالب لم تعد قائمة، فالأستاذ لم يعد مربّياً للطالب. وتحدثت أيضاً عن الفراغ الطلابي، فالمكتبات فارغة لأن التعليم الذي يجري لا يقتضي منك أن تذهب للمكتبة، بخاصة في ظل التلقين والدوسيهات والعلم الذي مضى على إنتاجه أكثر من 15 سنة في وقت تتطور فيه العلوم الإنسانية والبحتة بسرعة.

«السّجل»: ماذا لدى الوزارة بشأن المناهج؟

- سوف نعقد مؤتمراً كبيراً في آذار/مارس 2010 عن المناهج وطرائق التدريس بالتعاون مع كولومبيا، وسيتحدث فيه خبراء من أنحاء العالم. وفي المناهج، أنا لا أقبل أن يدرّس أستاذ مادته بطريقة تلقينية، لماذا لا يضعها على الإنترنت ويتعلمها الطلبة؟ لماذا لا يتلقى طالب «الأردنية» مساقاً معيناً يعطيه أستاذ في «اليرموك»؟ لماذا لا نعترف بالتعليم الإلكتروني أو بالتعليم عن بُعد؟ لماذا إذا نال أردني شهادته إلكترونياً من جامعة معترف بها، نرفض الاعتراف بشهادته؟

«السّجل»: أثرتَ في الآونة الأخيرة علاقة الدوام بمعادلة بعض الشهادات.

- أعتقد أنه يجب عدم التعميم باشتراط المواظبة على الدوام في الجامعات عدداً معيناً من السنوات. كامبردج نشرت إعلاناً منذ شهرين تدعو الطلبة للحضور يوم سبت في كل شهر ولمدة 20 شهراً، ليحصلوا على شهادة الماجستير. مفهوم أن الطالب يأخذ في ذلك اليوم واجبات يعمل عليها على مدار الشهر. فالتعلّم أصبح تعلّماً ذاتياً. واجب الأستاذ أن يوجه الطالب، ويحل له المعضلات، ويثير فيه حب النقاش والبحث عن العلم. فلا يجوز، ولا يُقبل من عضو هيئة تدريس أن يقول في بداية المحاضرة: «ممنوع الأسئلة»، وإلا بِمَ يختلف الطالب الجامعي عن طالب المدرسة؟ الجامعة معنية أن تصوغ عقل الطالب الفكري وتشذبه.

«السّجل»: إذاً ماذا عن الهيئة التدريسية التي هي مفتاح الحل؟

- قلتُ في مقالة سابقة إنه تسلل إلى الجامعات أساتذة لا يستحقون هذه الصفة. وأنا أؤمن أنه ليس كل من حمل الدكتوراه يصلح للتدريس. هناك مدرّسون جيدون لا يحملون الدكتوراه. ويتم توجيه انتقادات أحياناً حينما يحاضر في الجامعة من ليس دكتوراً. فهل عيب أن يحاضر في كلية الفنون الجميلة الفنان التشكيلي مهنا الدرة؟ وهل عيب أن يعلّم الموسيقي صخر حتر طلبةً على العود؟ الخبرة الطويلة والتميز في المجال يعوض حامل الدكتوراه. فكيف أنشئ كلية فنون جميلة، وأستثني جهابذة الفن الذين لا يحملون شهادات؟

«السّجل»: ما الخطة إذاً لتحسين أداء الهيئات التدريسية؟

- التحسين يبدأ بحسن الاختيار، أي أن تختار أستاذاً مؤهلاً، ثم تعلّمه التدريس. في زيارتي الأخيرة لبريطانيا بحثاً عن بعثات، اقترح الإنجليز إعطاء مبعوثينا فصلاً إضافياً لتعليمهم كيف يصبحون مدرّسين. من المفترَض أن يكون في كل جامعة أردنية مركز لتأهيل الكوادر التدريسية على ماهية رسالة أستاذ الجامعة، وماهية واجبات الطالب الجامعي وحقوقه. وأعزو أسباب تميز كلية الطب في «الأردنية» لوجود مركز كان يعلّم المستفيدين التدريسَ ووضعَ الأسئلة لتقييم الطلبة. لقد قيل لي: لماذا سننفق الملايين على البعثات ما دام الأردن مليئاً بحمَلة الدكتوراه المتعطلين عن العمل؟ وكان جوابي أنني لا أبحث عن هؤلاء.

«السّجل»: كم عدد من سيتم ابتعاثهم، وهل هناك معايير تحدّ من الواسطة؟

- يبلغ عددهم نحو 2000، لكن هناك الآن 800 مبعوث للجامعات، لذا يبقى 1200 من كل التخصصات، والجامعات هي التي ستختارهم. إذا وافق البريطانيون مثلاً على أخذ 500، نحن سنحدد التخصصات، وهم سيحددون الشروط الأكاديمية. وبما أن الجهة التي ستقبل المبعوثين ليست جهة أردنية، فمن المؤكد أنها ستقوم بعملية الفلترة.

«السّجل»: هل نفهم أنك قمتَ على رأس وفد بجولة للبحث عن أفضل العروض؟

- لم يكن هناك وفد. أنا قمت بذلك على هامش زيارات أخرى. في ألمانيا قابلت رئيس الوكالة الألمانية للتعاون DAAD ووزيرة التعليم العالي، والألمان جاهزون لاستقبال مبعوثين من دون رسوم، فقط علينا أن ندفع تكلفة الإقامة. في بريطانيا التقيت مع «تجمع الجامعات البريطانية الشمالية» الذي يضم 13 جامعة منها مانشستر وليفربول. ويرسل التجمع طلبةً إلى جامعات أخرى أيضاً. هؤلاء يتعين أن ندفع رسوماً لطلبتنا عندهم، لكنهم على استعداد لخفض الرسوم كلما زاد العدد، إضافة إلى تأمين فصل إضافي للتدريس.

«السّجل»: المناهج والأساتذة يؤديان دوراً كبيراً في تطوير القدرة النقدية عند الطالب، والطالب بحاجة أن يعيش حياة جامعية تساعده في الانفتاح على الآخر، وتطوير وعيه السياسي والفني والأدبي، وتأطيره الطوعي في اتحادات في الجامعة.. وكل التقدم المذهل في العالم بعد الحرب العالمية الثانية، معظم أفكاره انطلقت من جامعات، ما رأيكم؟

- لا مشكلة إطلاقاً في هذا الأمر. من المناسب أن يتعرض الطلبة لكل ذلك. من الأساسيات المهمة أيضاً في الجامعة أندية الحوار التي تطرح قضايا يتحاور فيها الطلبة. لكن تجربة المنتديات والأندية الطلابية عندنا ليست فعّالة، إذ لم تخلق نوعاً من الحراك الفكري، لذلك طُرحت صيغ أخرى كان المفترَض أن تكون منطلقاً للحوار والنقاش داخل الجامعات. لكن في قضايا المجالس الطلابية غلبَ في فترة معينة لونٌ معيّن منظّم. لا مشكلة في وجود اتجاهات مختلفة في الجسم الطلابي، بل الأنسب أن تكون كل الأطياف ممثلة. وهذا يجعل المجالس انعكاساً للجسم الطلابي.

«السّجل»: لِمَ تقوم عمادات شؤون الطلبة بالوصاية على الطلبة؟

- عمادات شؤون الطلبة في كل الجامعات هدفها الحفاظ على الأمن داخل الحرم الجامعي. أنظمة التأديب موجودة في كل الجامعات بما فيه الجامعات في الولايات المتحدة. والخروج عن النظام يمكن أن يكون أكاديمياً أو غير أكاديمي.

«السّجل»: يتم الاعتراض أحياناً على إلقاء محاضرة في الجامعة، فلماذا تُفرض قيود أمنية من دون مبرر؟

- صحيح. أنا أعتقد أن الواجب الأساسي لعمادة شؤون الطلبة هو توفير الأنشطة اللازمة في الحرم الجامعي وتنظيم شؤون الطلاب. إذا كان هَمُّ الجامعة أن تخرّج طالباً متكاملاً، فإن واجب عمادة شؤون الطلبة أن تنشّط هذا الاتجاه وتسرّعه. هذا أتفق معه. إنما هناك أوقات تضطر فيها عمادات شؤون الطلبة، أو يتوجب عليها أن تتدخل في قضايا هنا أو هناك في الحرم الجامعي.

«السّجل»: ما زال هناك غرف منيعة في مكتبات جامعية..

- باستثناء الكتاب الذي يمكن أن يكون ممنوعاً من التداول لأسباب تتعلق بدعوته لتغيير أنظمة الحكم أو تغيير المعتقدات الدينية، فإن الكتب التي تتعلق باتجاهات التفكير يجب أن لا تكون في غرف ممنوعة أو غير ممنوعة.

«السّجل»: عندما جئتَ إلى الحكومة كان هناك مشكلة في تمويل الجامعات، أين أصبحنا الآن؟

- الجامعات لن تستطيع أن تستمر في ظل الدعم الحكومي الحالي. لقد أُخذ من الأموال التي وصلت العام الفائت 10 ملايين دينار لسد مديونية الجامعات التي كانت قبل أربع سنوات 130 مليوناً، وهبطت الآن إلى 85 مليوناً. سداد مديونية الجامعات يتم من خلال أموال الدعم التي يؤخذ منها أيضاً 15 مليوناً لتغطية المنح الطلابية، فيتبقى 50 مليوناً في السنة. أعتقد أن الجامعات لن تتسلّم هذه السنة 50 مليوناً، وهذا واضح من تراجع الرسوم في الشهرين الأخيرَين.

وزير التعليم العالي وليد المعاني: التعليم العالي في غرفة الإنعاش
 
01-Oct-2009
 
العدد 4