العدد 4 - محلي
 

من المأمول أن تسهم خطة إصلاح التعليم العالي في إعادة الاعتبار للقطاع، وإخراجه من «غرفة الإنعاش»، قبل الاتجاه نحو تطويره.

الخطة التي من المفترَض أن يقرها مجلس الوزراء، تتضمن قوانين ناظمة لبيئة التعليم العالي في البلاد. وكان مجلس الأمة وضع أرضية متينة لها بإقراره في دورته الاستثنائية المنفضّة، في العاشر من آب/ أغسطس 2009، قانونَ الجامعات الأردنية للعام 2009، الذي أصبحت جميع الجامعات الأردنية الرسمية والخاصة تخضع لقانون واحد بموجبه. كما أقر المجلس قانون التعليم العالي والبحث العلمي.

بموجب القانون الجديد للجامعات الأردنية، سيتم تعيين مجالس أمناء لجميع الجامعات الرسمية والخاصة، خلال مدة لا تتجاوز شهرين من تاريخ نفاذ القانون.

في السياق، رفض مجلس الأمة توصية الحكومة بأن يتم تعيين رئيس جديد ونواب له وعمداء جدد وفق أحكام القانون، خلال مدة لا تتجاوز شهرين من تاريخ تشكيل مجلس الأمناء الجديد في الجامعة، وقرر المجلس أن يكون تعيين هؤلاء ضمن خيارَين: بعد انتهاء مدتهم، أو في حال تعيين البديل.

القانونان جاءا كما لو أنهما خطةً إنقاذية لقطاع التعليم العالي، في ظل التراجع الذي شهده القطاع خلال العقد الماضي، والذي عبّر عنه محمد عدنان البخيت في تصريحه الشهير قبل نحو عام حين قال إن «التعليم العالي يحتضر».

تصريح البخيت استدعى تدخلاً «تجميلياً» سريعاً من رئيس الجامعة الأردنية خالد الكركي، أراد فيه ترطيب ما ذهب إليه البخيت، فقال إن «التعليم العالي بخير»، دون أن يقيم الشواهد أو يقدم الأدلة على ذلك.

في الأثناء، ظهرت وجهة نظر تبنّاها وزير التعليم العالي والبحث العلمي وليد المعاني، استندت إلى التسليم بالمشكلة والاعتراف بوجودها، لكن دون القول إن «علينا التحضير لمراسم الدفن»، كما رأى البخيت، أو التغاضي عن الواقع والتعامل مع الأمر وكأن شيئاً لم يكن كما فعل الكركي.

المعاني، وقبل تسلّمه الحقيبة الوزارية في تشرين الأول/أكتوبر 2009، قال بوضوح بعد أن أقرّ بما يعتور التعليم العالي من مشاكل، إن هذا القطاع «يعاني من مرض، وهو في غرفة الإنعاش».

ذلك التصريح فتح «طاقةَ» أمل بإمكانية الخروج باقتراحات وتوصيات وخطط عملية لإنقاذ التعليم العالي، واعتماداً على ما كان صرّح به، وضع المعاني خطته الإصلاحية، فور تسلّمه الموقع الوزاري.

يواجه التعليم العالي عدداً من التحديات، تبدأ بالمديونية، ولا تنتهي بضبابية الإيفاد والابتعاث المعتمدة في غالبية الجامعات، إذ تقوم هذه العملية «على أسس غير واضحة»، وفق رئيس لجنة التربية والثقافة والشباب في مجلس النواب محمد الشرعة.

رئيس حملة «ذبحتونا» الطلابية فاخر دعاس، يرى أن المستوى المتردّي الذي بلغَه التعليم العالي انعكس على الطلبة، فـ«أصبحت الجامعات مرتعاً ومسرحاً لمعارك طلابية ومشادات، وبرزت فيها الهويات الفرعية والمناطقية والجغرافية على حساب التعليم والتنوير والتطوير».

دعاس يلفت إلى أن «منع النشاطات الطلابية خارج الإطار المهني، أدى إلى تقليص الإبداع والتفكير، وساهم في انغلاق طلبة الجامعات وسوء علاقاتهم الاجتماعية من خلال نبذ الآخر».

أمام هذه الحال المزْرية، يغيب أساتذة الجامعات، إلا ما ندر، عن المشاركة البحثية والتفاعلية مع المجتمع، فلا يُسمع لهم صوت أكاديمي واضح أثناء النقاشات حول تفشي الجريمة، شغب الملاعب، جرائم الشرف، وانتشار المخدرات، ولا يُدلون برأي علمي عند المنعطفات السياسية المهمة، أو بخصوص تردّي الأوضاع الاقتصادية.

هذا ما يؤكده الأستاذ الجامعي محمد المومني، الذي يرى أن الجامعات مناطق سياسية «حساسة ومهمة»، لكونها تحتوي على طاقة شبابية تغييرية هائلة ما زالت في مرحلة البحث عن الذات السياسي، ما يرشحها لتكون سلاحاً سياسياً مقلقاً لمعادلة الأمن والاستقرار.

يضيف المومني أن الجامعات تعدّ تعبيراً ومؤشراً حقيقياً على الميول السياسية للمجتمع، فالطلبة يحملون معهم للجامعة اعتقادات دوائرهم الاجتماعية قبل أن تتبلور وتستقل في تجربة الحياة وتحدّياتها وضمن المشهد الوطني الكلي، فهي «الفرصة الأولى لمعظم الاردنيين ليكونوا جزءاً من المشهد الوطني الشامل، بعيداً عن جزئياته الجغرافية المختلفة».

أكاديمي رفض الإفصاح عن اسمه، لوجوده على رأس عمله، يقرّ في تصريح لـ«ے»، أن «أساتذة الجامعات ابتعدوا تماماً عن التفاعل الإيجابي مع قضايا المجتمع، وأن الجامعات باتت قرى نائية لا تتأثر بما يحيطها من مشاكل متصاعدة، بفعل عزوف أساتذتها عن المشاركة، وبحكم تقييدات أخرى صنعتها القوانين المتلاحقة، وبتأثير سياسات القبول والإيفاد والابتعاث التي تكثر فيها الواسطات والمحسوبيات والمناطقية والجهوية».

أحمد عايد، طالب في الجامعة الهاشمية، يقول إن دور الجامعة في التأثير في السياسات الحكومية تراجعَ بشكل واضح، عازياً ذلك إلى ظواهر من أبرزها «انغلاق الجامعات على نفسها، وانكفاء أساتذتها، وعدم التفاعل مع المجتمع وما يجري فيه، ومنع التعاطي في السياسة أو طرح الأفكار وتبادلها».

يرى عايد أن أي قانون من شأنه تطوير التعليم، يجب أن يأخذ في الحسبان «تهيئة الأرضية المناسبة أمام تلاقح الآراء بين الطلبة، وعدم وضعهم في جزر معزولة بعيداً عن المجتمع».

يؤشر وزير العليم العالي الأسبق مروان كمال إلى هذه الظاهرة، آملاً في «خروج الجامعات من عباءة التعلم والتلقين، واتجاهها نحو التثقيف وصناعة شخصية الطالب»، رافضاً ما يجري من استبعاد وتغييب للبحث العلمي، واستمرار الجامعة في الأسلوب الذي تتبعه المدرسة لتعليم الطالب. ويرى كمال الذي رأس جامعة اليرموك سابقاً، أن التحدي الأبرز هو «قدرة الجامعة على التأثير في المجتمع، وليس العكس كما يجري حالياً».

المعاني الذي أخذ على عاتقه مهمة إصلاح القطاع، ووضَعَ ما أسماه: «خريطة طريق التعليم العالي»، في محاور تندرج ضمن خطط واستراتيجيات سابقة، مثل استراتيجية تطوير القطاع، والخطة التي رفعها رؤساء الجامعات وتشمل استقلالية الجامعات، مالية الجامعات، البيئة الجامعية، معايير الاعتماد والجودة، المناهج، التعليم المهني، كليات المجتمع، الحاكمية وإدارة الجامعات.

أُقِرَّت القوانين، وانتهت بذلك المرحلة الأولى من الخطة، وهي في ما يبدو، رغم ما رافقها من انتقادات وتشكيكات في أهدافها، مرحلة سهلة، إذا ما قورنت بالمراحل اللاحقة. إذ إن تطبيق الخطة التنفيذية يتطلب وضع ميزانية أعلى من سابقتها، بهدف تطوير القطاع، وتحديداً بما يتعلق بمالية الجامعات وخطط الإيفاد، وهو ما يمثل تحدّياً لا يمكن الاستهانة به.

المشاكل المالية التي تواجهها الجامعات، اضطرّتها إلى الاستدانة من بنوك بكفالة الحكومة التي تسدّد حالياً هذه الديون والفوائد المترتبة عليها، البالغة 85 مليون دينار، كما لجأت جامعات إلى تغطية العجز المالي بإنشاء البرنامج الموازي، وفرض رسوم دراسية مرتفعة على الطلبة.

ثمة اعتراف بوجود إنفاق غير مبرر في الجامعات. يلفت الوزير إلى أن معدل التكلفة المحسوبة للطالب في الجامعة الأردنية مثلاً، يبلغ 1680 ديناراً سنوياً، في حين أن ما يتم تحصيله من الطالب يصل إلى ألف دينار، بمعنى أن هناك عجزاً يبلغ نحو 680 ديناراً.

قانونا الجامعات والتعليم العالي الجديدان يقلصان عدد أعضاء مجلس التعليم العالي ليصبح 11 عضواً. المجلس بحلته الجديدة يخلو من رؤساء الجامعات، يلي ذلك مباشرة إجراء تغييرات شاملة على أعضاء مجالس الأمناء، التي يمنحها القانون الجديد صلاحيات أوسع، بما في ذلك تعيين رئيس الجامعة.

رئيس الوزراء الأسبق، رئيس لجنة التربية في مجلس الأعيان عدنان بدران، يرى أن التعليم العالي يواجه تحديات من أبرزها: تحدي الجودة والنوعية، وتحدي المواءمة ليس محلياً فقط، بل مع السوقَين الإقليمية والعالمية، وتحدي الإبداع والابتكار، أي أن الجامعات يجب أن تُخرّج مبدعين. ويؤكد بدران، الرئيس الأسبق لجامعة اليرموك، والرئيس السابق لجامعة فيلادلفيا، أن استقلالية الجامعة، أحد الأسس الضرورية لتحقيق ذلك، ومن دونها لا وجود للجودة والابتكار، رافضاً أن تكون الجامعات «جزءاً من جهاز الدولة».

من جهته، يعتقد المعاني أن تحسين أداء الهيئة التدريسية، خطوة مهمة لتحقيق ذلك، ويرى أن حسن الاختيار يأتي في المقام الأول، إضافة إلى التأهيل المستمر للهيئة التدريسية، فمن المفترض أن تكون الجامعات الأردنية مؤسسات تقوم على أسس علمية تعنى بتأهيل الكوادر.

ورغم التأكيدات أن القوانين الجديدة جاءت لتعزيز استقلالية الجامعات، إلا أن تخوفات كثيرة أثيرت عقب طرحها، أبرزها تلك المتعلقة بالمادة 34 من قانون الجامعات الأردنية، التي تنص على إعادة تشكيل مجالس الأمناء بعد شهرين من صدور الإرادة الملكية، وبالتالي تغيير رؤساء الجامعات، وما رافق ذلك من تساؤلات حول الدور الذي ستلعبه العلاقات الشخصية في اختيار رؤساء الجامعات الجدد ومجالس الأمناء. يدافع المعاني عن ذلك بالقول إن التعديلات هدفت إلى تحقيق مزيد من الاستقلالية للجامعات، وإلى أن تكون قرارات تعيين رئيس الجامعة وإقالته منوطة بمجلس الأمناء، «كي لا تتكرر سيناريوهات سابقة بتغيير الرؤساء بيوم وليلة».

بحسب قانون الجامعات الجديد، يشكل مجلس الأمناء لجنة متخصصة تنسّب له ثلاثة أسماء، ليختار واحداً منهم رئيساً للجامعة، ويجوز إعادة اختيار رئيس الجامعة الحالي في حال أراد مجلس الأمناء ذلك.

يلفت المعاني إلى ميزة أخرى يوفرها القانونان الجديدان: تحديد صلاحيات مجلس التعليم العالي ومجلس الأمناء، بحيث تنحصر صلاحيات التعليم العالي برسم السياسات، فيما يتولى مجلس الأمناء اتخاذ القرارات كافة المتعلقة بالجامعات، مثل تحديد الموازنة، واختيار الرئيس ونوابه والعمداء، ما يعني أن دور هذا المجلس سيكون فعلياً، وليس مجرد منصب شكلي وتشريفي.

بيد أن هناك من يرى في القانونَين المقرَّين من مجلس النواب، والذَين يُنظر إليهما على أنهما بوابة الفرج والحل لمشاكل التعليم العالي، «كأنهما حرث في بحر، ولا يضيفان شيئاً للتعليم العالي». الأستاذ في الجامعة الأردنية سلامة يوسف يقول إن قانون التعليم العالي والبحث العلمي، وقانون الجامعات الأردنية المقترحَين، «لم يقدما جديداً يمكن أن يضيف نقلة نوعية في الجانب الإداري، أو الجانب الأكاديمي للتعليم العالي، إذ غلب عليهما الصفة الإجرائية أكثر من الصفة العلمية المهنية».

يتفق النائب أحمد البشابشة مع هذا الرأي، ويعتقد أن القانونَين يمنحان صلاحيات إضافية لمجلس الأمناء ستكون عبئاً عليه، وتعطّله عن أعمال من شأنها إصلاح التعليم في البلاد، فـ«بدلاً من رسم السياسات التعليمية، سيضيع المجلس وقته في التحضير للبعثات وغيرها».

وهو ما يذهب إليه أيضاً أستاذ جامعي رفض نشر اسمه، لأن «عدم منح أي دَور لرؤساء الجامعات في تركيبة مجلس التعليم العالي يعبّر عن خلل واضح». ويذكّر هذا الأستاذ بدور الجامعات في وضع استراتيجية للتعليم.

إشكالية موازنة الجامعات تبرز بوصفها داءً يتطلب كثيراً من الدواء هي الأخرى، بخاصة في ظل تراجع الدعم المباشر للجامعات، ليصل إلى 50 مليون دينار سنوياً، يوزَّع على عشر جامعات رسمية.

من المتوقع أن تحوي «خريطة الطريق» لم يعلَن عن تفاصيلها بعد، تصورات لمساعدة الجامعات في الخروج من أزمتها المالية. وحتى الموافقة على هذه الخطة، اتُّخذت خطوات «مؤقتة» لدعم الجامعات، بخاصة تلك التي تعاني أوضاعا مالية سيئة.

أبرز تلك الخطوات قرارٌ اتخذه مجلس التعليم العالي قبل (نحو ستة أشهر) بتحويل الدعم الحكومي بكامله، إلى الجامعات الأكثر حاجة، إذ وُزِّع الدعم للعام الجاري على جامعات: مؤتة، الحسين بن طلال، الطفيلة التقنية، اليرموك، آل البيت، والأردنية الألمانية. فيما استُثنيت من ذلك جامعات: الأردنية، العلوم والتكنولوجيا، البلقاء التطبيقية، والهاشمية.

يبلغ إجمالي الدعم الحكومي المباشر للجامعات الرسمية العَشر نحو 50 مليون دينار، إلى جانب 25 مليون دينار، 13 مليوناً منها لدعم صندوق الطالب الجامعي، و12 مليوناً سنوياً لسداد مديونية الجامعات البالغة 125 مليون دينار.

وفي خطوة أخرى لدعم الإقبال على الجامعات الأشد فقراً، وبخاصة جامعات الجنوب (مؤتة، الحسين بن طلال، والطفيلة التقنية)، أقر مجلس التعليم العالي أخيراً تقديم 500 منحة للطلبة المقبولين في جامعات الجنوب، والقاطنين أساساً في إقليمَي الشمال والوسط، لتقليص نسبة الاستنكاف عن الالتحاق بتلك الجامعات.

بيد أن هذه الحلول تبقى جزئية ومؤقتة، إذ يتطلب التخفيف من عجز موازنات الجامعات، تأمين دخل ثابت يغطي نفقاتها، أو دعم حكومي أكبر، بخاصة أن إجمالي الرسوم التي يدفعها الطالب إلى جانب الدعم الذي تقدمه الحكومة لا يغطي سوى ثلثَي نفقات الجامعات. ويتم تدبّر المبلغ المتبقّي عن طريق البرنامج الدراسي الموازي، أو باللجوء إلى الاستدانة، ما يعني الاستمرار في دوامة المديونية.

مروان كمال، الذي يرأس اللجنة الملكية للتعليم، يرى أن البرنامج الموازي في الجامعات له إيجابياته كما أن له سلبياته، فهو يوفر مردوداً مالياً للجامعات يقلل من الأعباء المالية. أما السلبيات فتتلخص في عدم تحقق مبدأ تكافؤ الفرص، إذ تُحرَم أعداد كبيرة من الطلبة المتفوقين في الحصول على التخصصات التي يرغبون فيها بعد اقتطاع حصة الموازي في هذه التخصصات لطلبة مقتدرين مالياً. «يجب أن لا يكون القبول في الموازي على حساب الطلبة المتفوقين»، يقول كمال.

الجانب الآخر من خطة إصلاح القطاع يتناول مسألة تطبيق معايير الاعتماد والجودة، والتي تُعَدّ زيادة أعداد الموفدين والمبتعثين جزءاً أساسياً منها، بخاصة في ظل تناقص عدد أعضاء الهيئة التدريسية في الجامعات الأردنية، لتدني رواتب العاملين، وتوجههم للعمل في الجامعات الخاصة أو في الدول العربية، إذ غادر الجامعات في البلاد نحو ألف عضو هيئة تدريس خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة لأسباب مختلفة.

ورغم أن مجلس الأمة أقر أن تكون نسبة ما تخصصه الجامعة في موازنتها السنوية لأغراض البحث العلمي والنشر والتدريب والمؤتمرات العلمية والإيفاد 5 في المئة، غير أن تطبيق هذا الأمر يبقى موضع شك دائم، في ظل تدني مستوى المبعوثين من الجامعات، وعدم اعتماد أسس صحيحة لذلك، وفق الرئيس السابق للجنة التربية والثقافة النيابية في مجلس النواب، علي الضلاعين.

يحتل الأردن مرتبة متدنّية في معدل الإنفاق على البحث العلمي، فالمملكة تقع ضمن الدول ذات التنمية البشرية المتوسطة في تقرير التنمية البشرية الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لسنة 2007 – 2008. هذا التصنيف ذو دلالة إذا ما تمت المقارنة مع الكويت مثلاً، التي حلّت في أعلى المراتب عربياً في نسبة الإنفاق على البحث العلمي، وبنسبة لا تتجاوز 0.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مع العلم أن المعدل العالمي هو 2.3 في المئة، وهو الذي تجاوزته إسرائيل على سبيل المثال بنسبة فاقت 4.5في المئة.

ضمن «خطة الإنقاذ» يجري الحديث عن أسس واضحة للإيفاد، تنأى عن الواسطة والمحسوبية. وفي هذا السياق يوضح المعاني أن الجهة المستقبلة للطالب الموفَد تضع شروطاً يجب الالتزام بها، ولا يمكن القفز عن أحدها أو تقديم واحد على آخر.

إلى ما تقدم، هناك إقرار بوجود نقص واضح في أعداد أعضاء هيئة التدريس، وضآلة نسبتهم إلى العاملين الإداريين في الجامعات، وذلك استناداً إلى توصيات البنك الدولي بشأن التعليم، وتوصيات أخرى حول سياسات التعليم العالي شددت على ضرورة تعديل هذا الخلل. فنسبة الطلبة إلى أعضاء هيئة التدريس في الأردن، هو عضو هيئة تدريس واحد لكل 30 طالباً، في حين أن المعايير الدولية تنص على ضرورة أن يكون هناك عضو هيئة تدريس لكل 20 طالباً.

وتسعى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي إلى رفع أعداد الموفدين إلى 1200 موفد للدراسة في الخارج خلال الأعوام الأربعة المقبلة، وذلك بتكلفة تقديرية تصل إلى 300 مليون دولار. وهناك حالياً 800 موفد للجامعات الأردنية في الخارج، يُتوقَّع أن يعودوا خلال عامين للتدريس في الجامعات الرسمية، بيد أن الملاحَظ أن قرار زيادة أعداد الموفدين متأخرٌ بعض الشيء، إذ إنه جاء مرتبطاً بتطبيق معايير الاعتمادَين العام والخاص على الجامعات الرسمية بحلول العام 2012.

تطبيق معايير الاعتماد والجودة أمر لا يمكن إغفال أهميته عند الحديث عن تطوير القطاع، بخاصة بعدما تردد عن قرارات اتُّخذت في دول عربية، تحديداً خليجية، لمنع طلبتها من الدراسة في تخصصات معينة في جامعات أردنية، نتيجة تراجع مستواها الأكاديمي. ومثال ذلك قرار وزارة التربية والعليم العالي الكويتية بوقف إيفاد الطلبة الكويتيين للدراسة في تخصصات في أربع جامعات أردنية خاصة، رغم أن هذه الجامعات تحقق معايير الاعتمادَين العام والخاص الأردنية.

وفقاً لموقع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، فإن عدد الطلبة العرب والأجانب الملتحقين بالجامعات الاردنية للعام الدراسي 2008/ 2009، بلغ 27871 ألف طالب وطالبة.

أما الجوانب الأخرى التي تسعى الخطة إلى تنفيذها، فتكمن في زيادة أعداد الطلبة الملتحقين بكليات المجتمع، لتحقيق نوع من التوازن في أعداد الطلبة الأكاديميين والمهنيين، لكن هذا المسعى يصطدم بعدم القدرة على توفير تعليم تقني عالي المستوى، إلى جانب تحدي البطالة والنظرة الدونية لخريجي كليات المجتمع مقارنة بخريجي الجامعات.

هل يُصلح العطار ما أفسد الدهر؟ خطط وقوانين لإعادة الاعتبار لقطاع التعليم العالي
 
01-Oct-2009
 
العدد 4