العدد 4 - محلي
 

تُواصل محكمة أمن الدولة النظر في ما اصطُلح على دعوته «قضية التشيع»، التي وُجهت فيها تُهم لستة أشخاص أردنيين بـ«إثارة النعرات المذهبية عن طريق ترويج المذهب الشيعي». وقد نفى المتهمون التهمَ المنسوبة إليهم، رداً على سؤال هيئة المحكمة، فيما إذا كانوا مذنبين أم لا.

هذه المحاكمة التي بدأت نهاية آب/أغسطس، تُعدّ الأولى من نوعها في المملكة. وتبين لائحة الاتهام أن المتهمين بدأوا خلال العام الجاري «الترويجَ للمذهب الشيعي» عن طريق حث الأشخاص -من فئات المجتمع المختلفة- على اتّباع هذا المذهب والانضمام إليه، وعقدوا لقاءات وأصدروا بطاقات وشهادات يدّعون فيها أن نسبهم يصل إلى الإمام علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وذلك «مقابل مبالغ مالية».

وفقاً للاّئحة، فإن السلطات الأمنية ألقت القبض على المتهمين في حزيران/يونيو، وتم الإفراج عنهم بكفالة مالية بعد التحقيق معهم، وأحيلوا بعد ذلك إلى محكمة أمن الدولة.

مصدر أمني شدد على عدم ذكر اسمه، يعلّق على أبعاد المحاكمة، بقوله إن «مسألة المذهب الشيعي كانت ثانوية بالنسبة لنا في الأردن على المستويين الشعبي والرسمي، لا بل إن الوجدان الشعبي الأردني لديه عاطفة فطرية تجاه آل البيت، فما زال كبار السن في القرى يرددون في أحاديثهم عبارات تكشف بوضوح عن هذه العاطفة والاحترام».

ويضيف: «كان الشيعة من الدول المختلفة يلقون ترحيباً واسعاً في الأردن لدى زيارتهم مراقدَ الشيعة في جنوب البلاد، وبخاصة الكرك، ويستقبلهم المواطنون هناك بحفاوة بالغة، ولم تكن هناك مضايقات أمنية تُوَجَّه ضدهم».

إلا أن المصدر الذي شارك في إدارة هذا الملف لسنوات، يعيد حساسية الأردن تجاه الموضوع إلى «التحول الذي طرأ على المذهب الشيعي، وقيام إيران بتسييسه خدمةً لمصالحها في المنطقة»، ويتابع: «الناس هنا شعروا بهذا التحول بعد الثورة الإسلامية الإيرانية العام 1979، وترسّخَ الحذرُ بسبب الموقف المزدوج لحزب الله تجاه ما يحدث في العراق، فخطابه الذي ركز على محاربة إسرائيل لم يُدِن فعلياً ما تمارسه أميركا في العراق، التي سمحت بشكل واضح بحدوث فتنة طائفية هناك». المصدر لم يوضح إن كان يعبّر عن رأيه، أم عن موقف الدولة.

ورداً على ما رددته مواقع إلكترونية شيعية نقلت خبر المحاكمة، بأن الموقف الرسمي نابع من تصريحات الملك عبدالله الثاني عندما حذر العام 2003 من الهلال الشيعي، في إشارة إلى تمدد نفوذ إيران إلى سورية ولبنان، أكد المصدر أن حديث الملك آنذاك «كان نتيجة لما حدث من تسييس للمذهب الشيعي، وليس محركاً لرفض المذهب نفسه، وعلينا أن لا ننسى أن العائلة المالكة في الأردن هم من أشراف آل البيت في النهاية».

الكاتب المتخصص في الشأن الإسلامي محمد أبو رمان، أوضح في دراسة متسلسلة نُشرت العام 2009 في صحيفة الغد، أن الأردن ينظر إلى هذا الملف بوصفه «أمنياً بهدف الحفاظ على استقرار المجتمع، ومنع ظهور أي بوادر لأزمات طائفية»، ومن هنا «أنشأت دائرة المخابرات العامة قسماً خاصاً فيها لمكافحة التشيع، كما هي الحال في قسم آخر لمكافحة التنصير».

يرى نائب رفض نشر اسمه أن الأمر لا يخص التشيع وحده، فقد ضغط تيار نيابي العام الفائت تجاه البحث بشأن جماعات أميركية مسيحية ثبت أنها تقوم بالتبشير عبر الإغراء بالمال، و«تم طردها بالفعل».

رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان المحامي هاني الدحلة، يرى في تصريح لـ«ے»، أن إحالة القضية لمحكمة أمن الدولة «إجراء غير قانوني»، لأن المحكمة «غير دستورية أصلاً». ويلفت إلى أن «حرية الاعتقاد واختيار المذاهب غير مجرَّمة في القانون الأردني، ولا في أي قانون دولي أو إنساني»، وأنه «ليس هناك نص قانوني أردني يمنع الشخص من اختيار مذهبه السنّي أو الشيعي أو تغييره، بعكس تغيير الدين إلى المسيحية مثلاً، فهو مجرَّم شرعاً».

عميد الطائفة الشيعية في الأردن عقيل بيضون، بيّن لموقع الجزيرة نت أن الطائفة الشيعية في الأردن تعدادها ألفا مواطن، تعود أصولهم لجنوب لبنان، ودخلوا البلاد العام 1920، أي قبل تأسيس إمارة شرق الأردن. وهم ينتشرون بشكل أساسي في شمال البلاد، بخاصة في مدينة الرمثا، 90 كم شمال العاصمة، حيث يوجد نحو 800 شيعي، مضيفاً أن نحو 500 من أبناء الطائفة الأردنيين يعيشون في عمّان.

محاربة التشيع: قرار سياسي بامتياز
 
01-Oct-2009
 
العدد 4