العدد 4 - محلي
 

تعكف لجنة حكومية منذ أشهر على وضع تصوُّر لمشروع اللامركزية على مستوى المحافظات في أجواء محاطة بالكتمان، دون أن يرافق ذلك أيُّ شكل من أشكال التفاعل مع الرأي العام أو الحوارات الوطنية. في الأثناء تنتظر وزارة الشؤون البلدية انتهاء اللجنة الحكومية من أعمالها كي تعدّ تصوراتها للجانب الخاص من المشروع بالبلديات، وفقاً لتصريحات صحفية لوزير الشؤون البلدية شحادة أبو هديب.

التجاذبات حول مشروع الأقاليم التنموية الذي أعيد تسليط الأضواء عليه أواخر العام 2008، كانت أشاعت احتقانات وأجواء سياسية غير مريحة، بخاصة أن نخباً رسمية كانت جزءاً محرّكاً من المشهد، الأمر الذي دفع الملك عبد الله الثاني لتوجيه الحكومة للأخذ بمنظور أن تكون المحافظة كمنطقة جغرافية، الوحدةَ الأساسية لعملية التنمية واللامركزية في المدى المباشر.

الصيغة التي ستتبناها الحكومة بما يخص اللامركزية على مستوى المحافظة، لن تخرج عن نطاق استبدال حلقات بيروقراطية بأخرى، إن لم تقترن بمنظور إصلاحي، وبتفعيل دور البلديات في خدمة مواطنيها، ومعالجة الاستعصاءات التي تواجهها.

وتبدي الحكومة ووزارة الشؤون البلدية اهتماماً للنهوض بالبلديات والارتقاء بدورها التنموي تحت مسميات مثل المخططات الشمولية والخطط الاستراتيجية، وهي مشاريع تلامس عناوين مهمة في حياة البلديات، لكنها لا تُغْني عن الحاجة إلى نقلة نوعية في العمل البلدي لمعالجة التحدّيات الرئيسية التي تواجهها ضمن منظور إصلاحي متكامل.

فالمخطط الشمولي الذي يصفه رئيس بلدية مادبا الكبرى عارف الرواجيح بأنه «أشبه بخريطة طريق»، بوصفه يحدد الأراضي المنظّمة وغير المنظّمة، ومناطق البناء الريفي والإسكانات، وموقع الصناعات الخفيفة، والبنية التحتية، هو صيغة مطوّرة نسبياً عمّا يُعرف بمخطط استعمالات الأراضي، لكنه لا يُغْني عن التخطيط الشمولي الذي يزود البلدية بكل أدوات السيطرة على القضايا التي تقع ضمن نطاق مسؤولياتها.

وهذا سر تفوق اللامركزية في تمكين البلديات، ذلك أنها تعني، وفقاً لما يراه رئيس بلدية إربد الكبرى السابق وليد المصري، «المشاركة في اتخاذ القرار على المستويات الشعبية، تحديد أولويات المواطنين ضمن الموارد المتاحة، حل المشاكل الموجودة، ووضع خطط تنموية مستقبلية لها».

تنافس برنامجي

اللامركزية رديف للتنمية السياسية، وتتطلب توفير إطار ديمقراطي ناظم لعمل البلديات وانتخاباتها، يقوم على أساس التنافس البرنامجي بين القوى السياسية والاجتماعية وليس بين ولاءات عشائرية. وبالنظر إلى التراجع الذي أُدخل بطريقة «غير نزيهة» على نظام الانتخاب في البلديات عبر زجّ ديوان تفسير القوانين في إصدار «فتوى» فرضتْ نظام الانتخاب بالصوت الواحد خلافاً للنص الوارد في قانون البلديات لسنة 2007، فإنه لا بد من إعادة الاعتبار لنظام الانتخاب السابق بالقائمة.

من الوقائع اللافتة التي كرّسها تقسيم البلديات إلى دوائر انتخابية العام 2001 في إطار عملية الدمج التي قلّصت عدد البلديات من 305 إلى 99 بلدية، فرز عدد كبير من الدوائر الانتخابية أحادية التمثيل، ما يجعل تطبيق الصوت الواحد الانتخابي فيها أمراً تلقائياًً. وتُشكل الدوائر الفردية ثلثَي مجموع الدوائر البالغ عددها 385 دائرة. ويتوزع الثلث المتبقي بين دوائر ثنائية إلى سداسية التمثيل. ومن الأمثلة على تباين حالة التمثيل في الدوائر؛ بلدية إربد الكبرى: 23 دائرة فردية، بلدية الزرقاء الكبرى: 6 دوائر ثنائية، وبلدية معان: دائرة واحدة سداسية.

البلديات تحولت عبر نصف القرن الأخير من ركائز ومكون تاريخي أساسي للحكم المحلي، إلى وسيط خدماتي تابع لوزارتي الشؤون البلدية والداخلية.

وفي السياق التاريخي، مرّت البلديات بتجربة تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين من صحة وتعليم ومياه وكهرباء وسلامة عامة.

المصري يرى أن استحواذ الإدارة المركزية على تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، ساهم في تهميش العمل البلدي وإفراغ الانتخابات من مضمونها. وشدّد على أنه متى أدرك المواطن أن البلدية تضطلع بواجباتها في «تعليم أولاده ورعاية صحتهم»، فإن كفاءة المرشح لرئاسة بلدية أو عضوية مجلسها تصبح معياراً ذا أولوية على الاعتبارات الأخرى.

استعادة الصلاحيات

الحكم المحلي ينطوي على إثراء لا حدود له لحياة الناس بسبب صلته المباشرة معهم، وهذا سر تفوقه على المركزية الخانقة في العاصمة، والتي تشكل البيروقراطية إحدى سماتها الرئيسية. فالبيروقراطية المركزية تغيّب المواطنين عن دورهم في مراقبة الخدمات التي تقدم لهم عبر الأجهزة الحكومية المختلفة، بينما في وسع المجالس البلدية والأهالي ممارسة أشكال متقدمة من التفاعل مع المؤسسات التي تقدم لهم الخدمات الأساسية وفي مقدمتها الصحة والتعليم، ومن الرقابة الفعالة عليها، حينما تصبح المجالس البلدية مسؤولة بشكل مباشر عن هذه الخدمات إلى جانب الإشراف الفني عليها من الوزارات المختصة.

على صعيد المدارس، يصبح المجال مفتوحاً لتشكيل مجالس آباء وأمهات تتفاعل مع الإدارات المدرسية، وتسهم في مراقبة أداء المعلمين والمعلمات، وفي تلمُّس الأهالي للأدوار المطلوبة منهم في تهيئة بيئة أفضل لتعلم أبنائهم. في مناخات كهذه، يمكن إعادة الاعتبار للأنشطة غير المنهجية وفي مقدمتها الفنون مثل المسرح والموسيقى، وللرياضة المدرسية التي توفر للطلبة فرص التنافس مع نظرائهم في بلديات ومحافظات أخرى.

والرقابة الأهلية على الخدمات الأساسية في البلديات ليست رقابة على الجانب الشكلي في أداء الموظفين من حيث الانضباط للدوام أو ما شابه ذلك، بل هي رقابة تعني في الجانب الصحي مثلاً تحسين نوعية الخدمة المقدَّمة في المراكز الصحية والمستشفيات، ومعالجة النواقص أولاً بأول.

رئيس بلدية إربد سابقاً، نبيل الكوفحي، أعرب عن قناعته في حوار سابق مع «ے»، بأن المواطن يصبح أكثر ارتباطاً بالبلدية؛ ويشارك في صنع قراراتها، إذا ما استعادت البلدية تلك «الصلاحيات». لكنه يرى أن تهميش دور البلديات من خلال «هيمنة» السلطة المركزية عليها، سيظل عائقاً أمام وضوح تلك الرؤية التنموية. بهذا يعدّ مشروع تنمية المحافظات وتطبيق اللامركزية الإدارية فرصة ثمينة لإعادة الاعتبار لدور البلديات ومواطنيها في التنمية الشاملة.

مشاكل وحلول

تواجه البلديات مشاكل عديدة، ومع أن هناك حلولاً لها في متناول اليد، إلا أنها لا تحظى بمعالجة جذرية، لأن السلطة المركزية التي بيدها الحل والربط، تتحول في عهد حكومات متعاقبة، إلى جزء من المشكلة.

فكثير من البلديات تعاني من ارتفاع نسبة التعيينات فيها، ما يثقل كاهل موازناتها، إذ تستنزف الرواتب نسباً مرتفعة من إيراداتها بلغت للعام 2007، 50 في المئة في بلدية الزرقاء، و107 في المئة في بلدية المفرق.

معالجة هذه المسألة تتطلب دراسة احتياجات البلديات من الموارد البشرية سنوياً، والتزام البلديات بملء الوظائف الشاغرة تنافسياً بعد الإعلان عنها، ويتعين على وزارة الشؤون البلدية حرمان البلدية من حصتها من عوائد المحروقات إذا لم تلتزم بالتعيينات المحددة، وإذا تمادت في ذلك، فإن الإجراء الطبيعي هو حل المجلس المخالف.

عبد الرزاق طبيشات الذي حمل حقيبة الشؤون البلدية في غيرِ حكومة، يذكّر في هذا الصدد بوجود تعليمات تنصّ على منع تعيين موظفين خارج نطاق جدول التشكيلات الوظيفية إلا بموافقة الوزير، لكنه يستذكر بأسى أن بعض وزراء جاءوا بعده، كانوا سبباً في هذا الخلل.

المديونية، مشكلة أخرى تواجه البلديات، وتؤشر إلى أنماط من الخلل في مقدمتها ضعف تحصيل الضرائب والرسوم المستحقة على المواطنين. وقد أظهرت دراسة أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، بعنوان «البلديات.. ضعف الاستراتيجية وهيمنة المرحلية» نُشرت العام 2004، أن المبالغ التي لم تقم البلديات بتحصيلها تقدَّر بما نسبته 43 في المئة من إجمالي مديونية البلديات.

مع ذلك، يمكن القول إن المشكلة تتخذ حجماً أكبر من حجمها الحقيقي. فقد أوضح طبيشات، أن مديونية البلديات بلغت 64 مليون دينار العام 2003، مقابل دخل إجمالي قدره 66 مليون دينار، مبيناً أن المديونية استقرت عند الرقم المشار إليه، فيما ارتفع دخلها العام 2008 إلى 190 مليون، مستخلصاً أن هذا دليل ساطع على تطور قدرة البلديات على سداد قروضها. وارتباطاً بالوضع المادي للبلديات، أجرى طبيشات دراسة على وضع عدد من البلديات التي تعاني عجزاً في ميزانياتها للعام 2004، وتبيّن أنه «لو طُبقت معادلة توزيع عوائد المحروقات بعدالة لَتحول العجز إلى وفر»، وهذا ينطبق على بلديات مثل المفرق وجرش ومعان والرمثا.

التحدي التنموي

النهوض بالدور التنموي للبلديات، يعدّ أبرز التحديات التي تواجه البلديات، لأنها معنية من جهة بتعزيز مواردها المالية بطريقة مستدامة، ومن جهة أخرى بتقديم أفضل الخدمات الأساسية لمواطنيها، وتوفير البيئة المناسبة لتشجيع الاستثمار وتحسين نوعية الحياة الاقتصادية والاجتماعية في مناطقها. وتستطيع البلديات تقديم حلول عملية لتعظيم عوائد مواطنيها. فهذه بلدية الوسطية في محافظة إربد، توفر لمزارعي اللوز الذي تشتهر به المنطقة سوقاً محلية خاصة لتسويق هذا المنتج، ما رفع قيمة منتوجهم البالغ 150 طناً من اللوز، من 75 ألف دينار لو بيع اللوز في السوق المركزية، إلى نصف مليون دينار.

وبما أن البلديات تشكو بعامة من شح الموارد، فإن عليها أن تتقن العودة إلى المواطنين لاستشارتهم في تحديد الأولويات، بحسب ما يرى المصري، مضيفاً أن المجتمع أدرى بشعاب احتياجاته، وهذه هي أنجع وصفة لإدارة الموارد، وأن البلديات تستطيع حينما تدرس أولويات مواطنيها جيداً، أن ترشّد نفقاتها في خدمة ترتيب الأولويات، وإيجاد البدائل المناسبة.

ويؤكد المصري أن البلديات بحاجة إلى خطط شمولية تنطوي على برنامج لمعالجة قضايا البطالة وجيوب الفقر، استراتيجية خدمات أساسية للصحة والتعليم وفق أولويات المجتمع المحلي، برنامج للتنمية الحضرية شاملاً تنظيم قضايا المياه والكهرباء والمرور والنقل وحماية البيئة وتحديد الاستخدام الأمثل للأراضي، وبرنامج تنمية اقتصادية يأخذ في الحسبان الميزة النسبية للمنطقة.

ويرى المصري أن الخطة الشمولية لكل منطقة تحتاج لثلاث سنوات لإعدادها، بالنظر إلى النقص الشديد في البيانات والمعلومات عن القطاعات المختلفة، وإلى تنوع المشاكل التي تواجهها البلديات.

دعم أوروبي للتنمية

بوسع البلديات الاستفادة من الدعم المهم الذي يقدمه لها الاتحاد الأوروبي إضافة إلى جهات مانحة أخرى، وتكمن أهمية هذا الدعم، ليس فقط في إسهامه بإيجاد مصدر مالي للبلديات، وإنما في تقديمه نموذجاً للدور التنموي الذي يمكن أن تضطلع به البلديات المستهدفة بشكل خاص، والبلديات كافة بشكل عام.

«الحد من الفقر من خلال التنمية المحلية» برنامجٌ أوروبي رصدَ 30 مليون يورو لتنفيذ المرحلة الأولى منه خلال السنوات 2004-2009، شاملاً 21 بلدية تقع ضمن مناطق جيوب الفقر.

سفير المفوضية الأوروبية لدى المملكة، باتريك رينو، أوضح لـ«ے» أن اختيار المشاريع التي تدعمها المفوضية يتم من خلال لقاءات مشتركة مع المجالس البلدية والمجتمع المحلي، يشارك فيها نحو 100-150 شخصاً، القسم الأكبر منهم مواطنون عاديون.

وبيّن رينو أن المشاريع التي يتم التوافق حولها بوصفها تلبي حاجات محلية، هي التي كانت تنفَّذ بدعم من المفوضية، وأعطى فكرة عن أثر الذهنية التي تحكم النظرة للمشاريع، فأشار إلى أن كثيرين يريدون إنشاء محطات وقود، لأن أقرب محطة قد تكون بعيدة عشرات الكيلومترات، لكن «يظهر الفرق بين التفكير في تأجير المحطة لمتعهد والاستفادة من عوائدها، أي التصرف بذهنية ريعية، وبين جعل المحطة نواةً لمشروع أكبر يضم مثلاً مطعماً ومحالاً لبيع المنتجات المحلية».

وأكد السفير اهتمام المفوضية بمجالات الطاقة المتجددة والنقل والبيئة والمياه «فيها كثير من الإبداع المحتمل»، لافتاً إلى «وجود فرص نشوء صناعات، بدل اللجوء إلى شراء المنتجات فقط، وإلى أن البلديات لديها من الذكاء ما يجعلها محركاً للخلق والإبداع».

المرحلة الثانية من البرنامج الأوروبي سوف تُبنى على إنجازات المرحلة الأولى، لكنها ستذهب خطوة أبعد في اتجاه انخراط البلديات في التنمية الاقتصادية المحلية. وسيقدم البرنامج خلال الأشهر الستة عشر الأولى من المرحلة الثانية ثلاثة ملايين يورو مساعدةً فنية للبلديات نفسها بهدف تحسين قدراتها على إدارة المشاريع التي نفّذتها، وعلى جذب الاستثمارات بحسب ما أفادت به مديرة برامج مكافحة الفقر والنوع الاجتماعي في المفوضية إملي لاريس.

على بساط البحث

دمْجُ البلديات المتجاورة الذي تمخض العام 2001 عن تقليص عدد البلديات القائمة آنذاك إلى 99 بلدية، يتطلب وقفة مراجعة وتقييم مسؤولة، بخاصة في ظل التحشيد النيابي الذي يستهدف إعادة البلديات إلى سابق عهدها.

مذكرة نيابية وقّع عليها 96 نائباً خلال الدورة العادية الثانية لمجلس النواب الخامس عشر، طالبت الحكومة «بإعادة النظر في قانون دمج البلديات ودراسة الإشكاليات التي تسببت بها عملية الدمج والعمل بصورة جادة على معالجتها».

المذكرة النيابية ليست «حجة» على عدم جدوى عملية الدمج، بقدر ما هي صدى للانتقادات التي توجهها مناطق بلدية متضررة كانت بلديات مستقلة في السابق، وهو ما ينبغي التوقف أمامه لمعالجته بكل تأكيد، لكن ينبغي ملاحظة أن الدمج جاء في الأساس لمعالجة التوسع العشوائي في إنشاء مئات المجالس القروية والبلدية دون مسوغات تنموية فعلية، مع الأخذ في الحسبان الامتداد العمراني الأفقي الهائل الذي وحّد عملياً بين المناطق المتجاورة. ولو كان على الدولة أن تنشئ بلدية لكل قرية أو بلدة أو مدينة، لكان هناك حاجة إلى 1153 بلدية، عدا أمانة عمان الكبرى.

طبيشات، قدّم لـ«ے» مرافعة متكاملة تبين أهمية عملية الدمج وجدواها، لكنه اعترف بوجود مظاهر خلل في الأداء، سببها عدم التزام بعض البلديات بمسؤولياتها تجاه بعض مناطقها، وتجاه التعليمات التي رافقت وضع مشروع الدمج موضع التنفيذ.

يرى طبيشات الذي سبق له أن انتُخب رئيساً لبلدية إربد لثلاث دورات متتالية، أن وضع البلديات استقر إلى حدّ بعيد، وأن بعض البلديات تعاني صعوبات بسبب ممارسات بلدية خاطئة وضعف الإشراف الوزاري، عادّاً «إلغاء قرار الدمج جريمة وطنية ستحكم على بلديات كثيرة بالموت ولو بعد حين».

طبيشات «مهندس» عملية الدمج في حكومة علي أبو الراغب، شرح لـ«ے» أن هناك تعليمات واضحة تنصّ على اللامركزية في تقديم الخدمات، وتشترط تقديم الخدمات للمواطنين في مناطقهم، كما تنص على عدالة توزيع الخدمات بين المناطق، وبالتالي، فإن المجالس البلدية ورؤساءها ووزارة الشؤون البلدية المسؤولة عن مراقبة الأداء، تتحمل مسؤولية حدوث أي خلل على هذا الصعيد.

المصري، يرى من جهته أن هنالك جوانب في عملية الدمج نجحت وأخرى لم تنجح، ويقترح تكليف جهة بحثية محايدة بدراسة تأثير عملية الدمج في جميع جوانب الأداء، وعدم إعادة النظر بعملية الدمج على صعيد أي بلدية إن لم توصِ به الدراسة المحايدة.

جامعة الحسين نموذجاً

الجامعات يمكن أن تتولى دراسة آثار عملية الدمج، مثلما يمكن أن تقوم بدور أساسي في مساعدة البلديات على التعرف على حقيقة الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مناطقها، بخاصة أنه ليس هناك من محافظة لا تقع فيها أو على مقربة منها جامعة رسمية أو خاصة. ولعل أقل ما يمكن أن تترجم به الجامعات مسؤوليتها الاجتماعية تجاه المجتمع المحلي، أن تجري مسوحاً دورية للمناطق المحيطة، وأن توجّه طلبتها لإجراء دراسات نافعة لتنمية المجتمع.

وبحسب ما أفاد به مدير مركز الدراسات وتنمية المجتمع في جامعة الحسين بن طلال في معان، باسم الطويسي، فإن جامعة الحسين اختطت برنامجاً لخدمة المجتمع المحلي وتأهيله تنموياً، وتعدّ قواعد بيانات تعتمد على المسوح الاقتصادية والاجتماعية التي تنفذها الجامعة دورياً كل ثلاث سنوات، بدءاً من العام 2002.

الطويسي، وهو أيضاً أستاذ في الإعلام والدراسات الاستراتيجية، أوضح أن نتائج هذه المسوح باتت محوسبة الآن، والجامعة على استعداد لتزويد أصحاب القرار والحكم المحلي بها، مضيفاً أن الجامعة تقوم ببناء بنك معلومات حول محافظة معان شاملاً جميع القطاعات الإنتاجية والخدمية بما في ذلك القطاع غير المنظم Informal Sector، وأنها تعتزم إتاحة هذه المعلومات على الإنترنت في وقت قريب.

دمقرطة نظام انتخاب المجالس البلدية وتطويره، وإتاحة الفرصة للمواطنين لانتخاب مجالسهم بنزاهة وديمقراطية، شرطٌ ضروري للارتقاء بسوية المجالس البلدية، ومقدمة لا بد منها لاستعادة البلديات صلاحياتها في تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين. بهذا فقط تتحول البلديات إلى مرتكزات حقيقية لحكم محلي لامركزي، يكفل تحسين شروط حياة المواطنين، ويثبّتهم في مناطقهم، ويوقف نزيف الهجرة الدائم من المحافظات إلى العاصمة.

من دون إصلاح ونهوض بالبلديات المحافظات التنموية: استبدال حلقات بيروقراطية بأخرى
 
01-Oct-2009
 
العدد 4